تغير في الوجهات إلى قطر.. من يزيح الدبيبة من كرسي طرابلس؟
طائرة تغادر لتترك المجال لأخرى.. هكذا بدا وضع قادة ليبيا في العاصمة القطرية الدوحة، فما أن غادرت طائرة عبد الحميد الدبيبة رئيسة حكومة الوحدة الليبية المنتهية ولايتها بقرار من مجلس النواب، الأراضي القطرية، لتصل طائرة أخرى تقل المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، قاصدين جميعهم الديوان الأميري القطري في زيارتين أثارتا العديد من التساؤلات حول توسط الدوحة بين صالح والدبيبة لإنهاء الأزمة القائمة بين الحكومتين الليبيتين.
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، من جانبه استقبل الخميس الماضي، عبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها بقرار من مجلس النواب الليبي، لبحث تطورات الأزمة التي وصلت حدّ الاقتتال بين المجموعات المسلحة التابعة لرئيسي الحكومتين المتنازعتين على السلطة في طرابلس خلال الأسابيع الماضية، ما أودى بحياة العشرات، وإصابة آخرين، إذ ركّز اللقاء حسب بيان مكتب الدبيبة، على ضرورة دعم الجهود الدولية لإجراء الانتخابات في ليبيا؛ باعتبارها الخيار الوحيد للشعب الليبي للوصول إلى الاستقرار ورفضه للمراحل الانتقالية.
زيارة الدبيبة إلى قطر جاءت قبل 48 ساعة من وصول المستشار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، وأحد المترشحين للانتخابات الرئاسية الليبية التي لم تكتمل العام الماضي ضد كل من عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا رئيس الحكومة المكلفة من مجلس عقيلة، ما أثار تساؤلات بشأن إمكانية وساطة قطرية بدعم تركي لتسليم مهام الحكومة من الدبيبة إلى باشاغا في طرابلس.
زيارة إلى قطر وصراع على السلطة في طرابلس
الزيارة تأتي في وقت صراع على السلطة، والجميع يرى أنه وصيٌّ على السلطة والشعب الليبي، يقول الدكتور عادل ياسين، رئيس مجلس العلاقات الدولية في ليبيا، كما يرى أن المستشار عقيلة صالح غيّر وجهته إلى كل من قطر وتركيا للحصول على ما يمكن وصفه بصفقة سياسية لإنهاء أزمة الحكومة الليبية بين الدبيبة وباشاغا، كونهما -قطر وتركيا- يمتلكان دفة توجيه الدبيبة.
وأضاف ياسين لـ القاهرة 24، أن هناك وساطة قطرية بين الدبيبة ومجلس النواب الليبي بمباركة تركية لتولي حكومة فتحي باشاغا السلطة في البلاد، مقابل حصول كل من الدوحة وأنقرة على مشاريع إعادة إعمار ليبيا.
الوساطة مقابل مشاريع إعادة الإعمار
كما يوضح أن الدوحة يمكنها لعب الوساطة كونها مثلت لاعبًا رئيسًا رفقة تركيا في بقاء الدبيبة بالعاصمة طرابلس، من بوابة الدعم المقدم في تكوين الميليشيات الموجودة في الغرب الليبي، وما شهدته البلاد من أزمات مسلحة بين الشرق والغرب على مدار السنوات الماضية – على حد قول ياسين.
على صعيد ذي صلة يشير رئيس مجلس العلاقات الدولية في ليبيا، إلى وجود مخاوف بالتفاف باشاغا رفقة الميليشيات التي تدعمه على مجلس النواب الليبي، وتنكره من الاتفاقات التي أجراها مع المجلس والجيش الليبي، والتفرد بالسلطة، ما ينذر بعودة الاقتتال مجددًا.
الدبيبة يتنازل بإيعاز من قطر وتركيا
فيما يرى الدكتور جمال الفلاح، رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، أن زيارات القادة الليبيين المتعاقبة إلى تركيا وقطر، لتصليح علاقاتهم مع كل من أنقرة والدوحة كونهما لاعبان بارزان يمكنهما التأثير على قرارات الدبيبة.
وأضاف الفلاح في تصريحات لـ القاهرة 24، أن مجلس النواب الليبي يحاول تصليح علاقاته مع تركيا وقطر، مشيرًا إلى وجود تفاهمات بين مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح وحكومة الدبيبة المنتهية بقرار من المجلس ذاته، في بعض النقاط، معللا ذلك بأن المجلس يحاول المحافظة على الاستمرار في السلطة لأطول فترة ممكنة وبأكبر صلاحيات.
اجتماعات عقيلة الدولية تهدف لإجراء الانتخابات في المقام الأول، يوضح رئيس المنظمة الليبية للتنمية السياسية، بأنه لا يمكن التفاؤل بأي انفراجة سياسية إلا من خلال الانتخابات، إلى جانب تمسكه بشرعية حكومة باشاغا، فيما يتمسك الدبيبة ببقائه وفقًا لخريطة الشرعية الدولية.
على ذات الصعيد يردف جمال الفلاح، بأن هناك تسريبات بأن يتم تشكيل حكومة أخرى مصغرة بعيدة عن الطرفين، وهو ما يمكن استبعاده بسبب التأكيدات المتواصلة للدبيبة في بقائه بالسلطة حتى إجراء الانتخابات، وأنه إذا كان هناك تفاهمات يمكن أن تكون على تهيئة الأوضاع للوصول إلى الانتخابات.
واستكمل بأنه توجد آراء أخرى في الأجسام السياسية الليبية الموجودة حاليًا، بأن التعديل الدستور الذي أنتج حكومة باشاغا مدته 14 شهرًا فقط، مضى منها 8 أشهر، مرجحين انتظار انتهاء تلك الفترة وطرح خيار انتخاب حكومة أخرى يتم التوافق عليها، معللا ذلك بأن الأجسام السياسية تريد البقاء أطول فترة ممكنة في السلطة كونها تتغذى من الصراع – على حد قوله.
وأشار أيضا إلى أنه يمكن عقد توافقات بين الدبيبة ومجلس النواب الليبي، بأن يكون هناك تسوية وإجراء تعديل في حكومة الوحدة عقب انتهاء فترة التعديل الدستوري الصادر عنه حكومة باشاغا.
جدير بالذكر أنه في أغسطس الماضي شهدت العاصمة الليبية طرابلس اشتباكات مسلحة بين ميليشيات تابعة لحكومة فتحي باشاغا المكلفة من مجلس النواب منذ مارس الماضي، غير القادرة على تسلم مهامها، وميليشيات أخرى تابعة لعبد الحميد الدبيبة رئيس الحكومة المنتهية ولايتها، المسيطرة على العاصمة، ما أسفر عن مقتل العشرات، وإصابة أكثر من 150 آخرين.