فتحي شمس الدين: الديب فيك استُخدم في تلفيق تسجيلات لمسئولين مصريين.. ومواقع التواصل والميتافيرس ستحولنا لكائنات افتراضية | ندوة
- الميتافيرس له خطورة لكن التكنولوجيا تفرض نفسها وتتأقلم
- الواقع التكنولوجي والرقمي حاليا مرعب ويدمج الإنسان بالآلة
-الميتافيرس عالم مفتوح سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا
- الديب فيك يستخدم في تشويه السمعة والابتزاز حتى في الجوانب الجنسية
-الديب فيك استخدم في تلفيق تسجيلات لمسئولين وسياسيين مصريين
- أنادي دائما بالرقابة على استخدامات التكنولوجيا في المجتمعات بشكل عام
- هناك تهديد كبير لمهنة المذيعين والتحرير الصحفي وكتابة الاسكربت وكتابة المقال في المستقبل
- شبكات التواصل الاجتماعي ستندمج في عوالم الميتافيرس
- شبكات التواصل الاجتماعي دمّرت التواصل الاجتماعي ومع الميتافيرس سنكون كلنا كائنات افتراضية
- الدولة فتحت الباب على مصراعيه للشباب للمشاركة في بناء الدولة
تحولات كبيرة جدا يشهدها العالم نتيجة التطورات التكنولوجية والمعلوماتية وتطور بيئة الإنترنت والفضاء الرقمي، وظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، وجميعها لها انعاكسات على مختلف المجالات، وغيّرت من الواقع الحالي للبشر بشكل جذري، وعلى رأس هذا مجال الإعلام الذي تشير كل التوقعات إلى أن مستقبلًا آخر مختلفًا بشكل كامل ينتظره في القريب.
الدكتور فتحي شمس الدين أصدر مؤخرًا كتابا يحمل في صفحاته إجابات لأسئلة طرحت بشكل مستمر، ليوضح مستقبل الميتافيرس والواقع الافتراضي، إضافة إلى توضيح كيفية تأثر وسائل الإعلام الجديدة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة، من خلال توضيح الآثار المستقبلية على طريقة وصناعة وتقديم المادة الإعلامية، وعلى مستقبل مهنة الإعلام والإعلاميين.
الكتاب الذي حمل اسما لافتا للانتباه وهو "الواقع الافتراضي ومستقبل الإعلام الجديد في عصر الذكاء الاصطناعي" يتضمن أربعة فصول، تركز على مفهوم الإعلام الجديد وتطور البيئة الرقمية، وأبرز العوامل الرقمية التي أدت لظهور الإعلام الجديد، كما يركز على تطور الويب ومستقبل الإنترنت، وكيف أسهم تطور أجيال الويب في تطور الخدمات الاتصالية مع توضيح مفهوم إنترنت الأشياء، والواقع المعزز.
في القاهرة 24 استضفنا الدكتور فتحي شمس الدين أستاذ الإذاعة والتليفزيون وخبير الإعلام الرقمي، ليتحدث لنا عن ماذا ننتظر وكيف نستعد وأين موقعنا من كل هذا.
وإلى نص الندوة.
حدثنا عن الكتاب.. كيف فكر أستاذ جامعي بمجال الإعلام في عالم الميتافيرس والذكاء الاصطناعي.. ألم تشعر أنه أمر مختلف؟
التطورات التكنولوجية والرقمية التي يشهدها مجال الإعلام تمس العالم كله، وليس إقليما معينا ولا جهة في حد ذاتها، ولكن هي تغيرات تشمل كل المنظومة الإعلامية، عندنا ثورة تكنولوجية كبيرة يترافق معها ثورة صناعية وثورة تكنولوجية معلوماتية.. هذه الثورات أفادت بعضها ليكون لها إسهامات وتأثيرات في المجتع بشكل عام في عديد من الجوانب.
الفكرة جاءت في كتاب الواقع الافتراضي ومستقبل الإعلام الجديد في عصر الذكاء الاصطناعي، من أن كل الأدبيات تتحدث عن تأثير الإعلام الجديد على الإعلام التقليدي، في حين أن العالم كله يبحث ما بعد الإعلام الرقمي الجديد، وهذه نقطة شعرت أنه لم يتحدث عنها أحد بصورة كبيرة في المجتمع المصري والمجتمع العربي، فأحببنا أن نرى تأثيرات الواقع الاقتراضي وما بعد الإعلام الجديد، لأنه من وجهة نظري الإعلام التقليدي سنوات قليلة ويختفي، وأيضا الإعلام الجديد من شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الرقمي والإعلام الشبكي، وما إلى ذلك، كل ذلك سيختفي في غضون سنوات قليلة لصالح الإعلام الافتراضي.
بإطلالة سريعة على طبيعىة الإعلام الموجود في العالم، عندنا الإعلام التقليدي والإعلام الإلكتروني والإعلام الشبكي، وحاليا ندخل الإعلام الافتراضي الذي يُقصد به عوالم الميتافيرس التي ستقودنا لتكنولوجيا العالم الافتراضي التي ستحول كل المنصات الإعلامية ومنصات شبكات التواصل الاجتماعي للبيئة الافتراضية، كل ذلك سينتهي وتندمج في العالم الافتراضي من خلال عالم الميتافيرس.
الميتافيرس هو عالم افتراضي تخيلي مبني على تكنولوجيا الواقع الافتراضي، يستطيع المستخدم أن يدخل فيه من خلال معدات الواقع الافتراضي، وهي نظارة الواقع الافتراضي، وقفاز الواقع الفتراضي، وبدلة الواقع الافتراضي، وسماعة الواقع الافتراضي، ليتأهل للدخول والتفاعل في هذا العالم.
ويكون الدخول بأن يشترك المستخدم على منصة من منصات الميتافيرس، ويسجل فيها بشخصية افتراضية بأفاتار، ويتعامل بالبديل الرقمي الخاص به في هذا العالم، تستطيع أن تصنع مكانًا لك مخصصا يكون بديلا رقميًا مثلا لمؤسسة القاهرة 24 أو الحكومة المصرية أو الشركات المصرية، ويصبح التعامل في هذه البيئة من خلال الصورة الافتراضية.
هناك سؤال واقعي.. لو أنا أردت أن أتابع وأرى الخبر والمذيع على الأرض من خلال الواقع الافتراضي.. هل هذه الأنماط تلقى حضورًا وتأثيرًا على الأرض أم هو حوار نخبوي للتأمل؟
التجربة ما زالت في حيز التنفيذ، إيلون ماسك نفسه في حديث له لا يتخيل أن تكنولوجيا الميتافيرس ستأخذ الناس لحالة انغماس شديد، لأن استخدام تكنولوحيا العالم الافتراض ولبس نظارة لمدة طويلة لها تأثيرات عقلية وبصرية على العين والمخ، فما زالت هناك بعض الآراء التي تتحدث عن خطورة استخدام هذه التكنولوجيا ومدى تطبيقها بشكل كامل، لكن التكنولوجيا تفرض نفسها وتتأقلم، وبالقياس لو نظرنا على شبكة التواصل الاجتماعي نجد أنها أصبحت الأكثر انتشارا واستخدامًا بين المستخدمين، وعندما تضع بديلًا جديدًا لها متمثلًا في الميتافيرس يكون بما تتيحه من خدمات وفرص استثمارية وفرص اقتصادية وفرص للتواصل، أعتقد ستنتشر بشكل كبير جدا.
ما الذي يجعلني كمؤسسة أو شركة ألجأ للنظارة الافتراضية وميتافيرس، وعندي بدائل أكثر مرونة من لحم ودم، فبدلا من عمل اجتماع افتراضي يمكن عمل اجتماع على زووم وفيديو كوول.. لِمَ نترك ذلك ونذهب للشكل الافتراضي؟
دائمًا التكنولوجيا الجديدة يكون لها رونق أكثر وتتيح خدمات أكثر، في الفيديو كوول والزووم تكون حدود التعامل محدودة، حيث تستخدم حاسة البصر والسمع والكلام، لكن في الواقع الافتراضي كل حواسك تعمل وتستطيع التجول في الواقع الافتراضي وأن تسلم على أحد ما وتتواصل وتشعر بنفس الأحاسيس الحقيقية، «بتبقى بديل لك بالظبط في الواقع الافتراضي وتتيح فرصة للتفاعل أكثر بصورة ليست موجودة في الوسائط الرقمية التقليدية».
وفي حال جهة أو دولة رفضت التكنولوجيا تتأخر بصورة كبيرة. الواقع التكنولوجي والرقمي الذي يتم الحديث عنه حاليا واقع مرعب، نحن نتحدث عن دمج الإنسان بالآلة.. نحن نتحدث عن شريحة إيلون ماسك التي يتم زراعتها في المخ للتواصل البشري، نحن نتحدث عن واقع تكنولوجي افتراضي رقمي بصورة مذهلة، «لا أحد يمكن أن يتوقع الفترة اللي جاية هتبقى عاملة إزاي».
أين موقف مصر من كل هذا.. لماذا نحن متأخرون في استخدام التكنولوجيا؟
لأن المنطقة بشكل عام، ومنها مصر دول غير منتجة للتكنولوجيا، بل نحن دول مستهلكة للتكنولوجيا، ربما يكون هذا أحد الأسباب، مع وجود التمسك بعدد من الأفكار القديمة، نحن نرى الصحف التقليدية بدأت تختفي من العالم، فدائما التكولوجيا عندما تكون موجودة نقدر نستخدمها، نحن في مصر لا نستخدم التكنولوجيا بصورة موسعة لأن التكنولوجيات لم تنتشر بصورة كبيرة في مصر، وربما يكون المسؤولون ليس عندهم الإدراك الكافي لأهمية وطبيعة التكنولوجيا، ودائما أضرب مثالا بثورة 2011 والدولة لم تكن تدرك معنى شبكات فيس بوك والتواصل الاجتماعي، لا يعرفون تهديدها فحدث ما حدث، فهذا جرس إنذار لمتيافيرس فهو عالم مفتوح سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا فيجب أن تنتبأ مبكرًا لمخاطر الميتافيرس حتى نستطيع أن نضع استراتيجة للتعامل معها.
ودولة مثل الإمارات واضعة استراتيجية الإمارات للميتافيرس لأن حجم الاستثمارات في الميتافيرس، مهول فيجب التنبه للفرص الموجودة في هذه المنظومة الرقمية الافتراضية، وأيضا ننتبه للتهديدات الخاصة بهذه المنظومة أو ما تفرزه البيئة الرقمية بشكل عام.
تقنية الديب فيك هي تقنية للتلاعب بالبرمجيات.. بعض المتخصصين قال إنها تؤدي إلى أخطار كارثية.. ما الآثار السلبية للديب فيك وكيف أواجه هذا الأمر كشخص عادي وغير متخصص؟
هذا السؤال مهم جدا، لأن تقينة الديب فيك أو التزييف العميق هي تقنية ظهرت نتيجة استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وفكرتها باختصار أن تغير الصوت والصورة لشخص مستهدف لتصنع له فيديوهات مخالفة للفيديوهات التي ظهر فيها، فباختصار لو لك مجموعة فيديوهات يستطيع مُستخدِم من خلال تقينة الديب فيك أن يأخذ طريقة كلامك ولزماتك ونبرة صوتك، ويصنع لك فيديوهات أخرى تقول كلاما غير الذي تقوله، ومعتقدات غير التي تعتقدها، وتظهر في أماكن لم تكن تتخيل أن تكون موجودًا فيها.
فتقنية الديب فيك خطيرة جدًّا لأننا زمان كنا نقول «متصدقش الحاجة غير لما تشوفها بعينك وتسمعها بودنك» لكن مع هذه التقينة أصبح عندك إشكالية خطيرة وهي أنك «ممكن تشوف الحاجة بعينك وتسمعها بودنك ومتبقاش حقيقية».. فكيف أكتشف هذا الأمر؟
والديب فيك يُستخدم في تشويه السمعة وفي الابتزاز وفي الجوانب الجنسية، حيث يأخذ صور أحد الأشخاص ويركبها على مقاطع جنسية تنتشر بصورة كبيرة، وهذا أصبح سببًا في مشاكل كثيرة.
والتكنولوجيا لا تواجه إلا بالتكنولوجيا، فكما أن الذكاء الاصطناعي يسهم في صناعة الديب فيك؛ فهو أيضا يسهم في اكتشاف الديب فيك لأنه في عدد من البرمجيات تكتشف الديب فيك بوضع الفيديو عليها، وهذه البرمجيات تكتشف تقنية الديب فيك، لكن المشكلة الأكبر في تزييف الوعي الجمعي، فكيف للمواطن البسيط أن يدرك أن هذا الأمر غير صحيح، القاعدة الجماهيرية ستعاني من تزييف للمعلومات، ويمكن الدولة المصرية تعرضت في فترة من الفترات لتسريبات من قبل أعداء الدولة لعدد من القيادات وهي معمولة بتقنية الديب فيك لكن لاقت انتشارا كبيرا لدى البعض.
هل تؤيد تدخُّل الدول وسن قوانين ووضع آليات لاستخدام مثل هذه التقنيات؟
طبعا، أنا دائمًا أنادي بالرقابة على استخدامات التكنولوجيا في المجتمعات بشكل عام، لكن الرقابة التي أنادي بها رقابة معلوماتية وليست رقابة أمنية، لأن العالم كله يتم دفعه إلى أن يكون كل شيء مفتوحا من باب: دعه يعبر دعه يمر، وهي من أحد أهم مبادئ العولمة، لكن عاداتنا تختلف عن عادات وتقاليد الدول الأخرى.. مثلا العالم كله يتم دفعه لتقبل المثلية الجنسية، وهي أمر مرفوض دينيا وعرفيا ومجتمعيا.. فلماذا يطالب الآخر باحترام هذه الأفكار الشاذة، ولا يطالب بثقافة الحوار والرأي والرأي الآخر، فأصبحت الدول تمشي وراء الترند والاتجاه الجيد، ولكن نحن يجب علينا سن عدد من القوانين، وعندنا التجربة الروسية في التعامل مع شبكات التواصل الاجتماعي، والتجربة البريطانية، فبريطانيا عندها أكبر مركز في العالم كله لمواجهة الشائعات على شبكات التواصل الاجتماعي، وهي تجربة قريبة للتجربة المصرية.
ورأينا تجربة متميزة جدا هي تجربة الشركة المتحدة لإنشاء أول قناة ومنصة لمواجهة الشائعات في المجتمع المصري، فكل مجتمع له خصوصيته التي يجب أن يتم احترامها من خلال استخدام التكنولوجيا.
هناك تنبؤات بأن الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثير كبير على اقتصاديات الدول.. حدثنا أكثر في هذا الأمر.
الذكاء الاصطناعي له تأثيرات كبيرة، ودعونا نتحدث أكثر عن أثر الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي، فحاليا ظهر ما يسمى المذيع الروبوت الذي يعالج مئات البيانات في ثوان، فتجد تهديدًا كبيرًا لمهنة المذيعين في المستقبل الكبير، وأيضا مهنة التحرير الصحفي وكتابة الاسكربت وكتابة المقال بدأ يتم الاعتماد فيها على الذكاء الاصطناعي، فأهم مخاطر الذكاء الاصطناعي أنه سيقضي على عدد كبير من الوظائف وخاصة في مجال الإعلام.
هذا يأخذنا إلى الإعلام داخل الجامعات.. ما المتطلبات التي يجب توافرها لتدريس الإعلام داخل الجامعات في ظل الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية؟
طبعًا الإعلام الرقمي الآن هو الإعلام الأساسي مع احترامي للمدارس التقليدية القديمة، لكن دعنا نعترف أنه إن لم تواكب التطورات التكنولوجية ستختفي، لكن نحن حتى هذه اللحظة لا نزال ندرس الأشكال الإعلامية التقليدية في حين أن العالم كله يتجه إلى الإعلام الرقمي والإعلام الإلكتروني، يجب علينا في الوقت الحالي أن ندرس كيفية صناعة المحتوى الإلكتروني، وكيفية استخدام إعلام الهاتف المحمول واسخدام الذكاء الاصطناعي في إعداد وتطوير المادة الإعلامية ونشرها وكيفية التعامل مع البيئات الرقمية الحديثة.
هل يمكن أن يواكب الذكاء الاصطناعي الناحية الإبداعية واللمسة الفنية عند الصحفي بشكل يمكن معها الاستغناء عن الصحفي نهائيا؟
هناك مناقشات في العالم كله حتى الآن حول أن الذكاء الاصطناعي ما زال ليس لديه اللمسة الإبداعية لفهم السياق الكامل للكلمات، فالأمر ما زال في بدايته، لكن أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيدركه في صورة قريبة جدا.
وهناك حادثة مشهورة لشركة جوجل طردت فيها مهندسًا من المهندسين العاملين بها، لأنه كان يعمل برنامج روبوت حتى يتحدث معه ويختبر الإجابات الخاصة به، فقال المهندس في تصريحات إنه اكتشف أن الروبوت طوّر ذكاء خاصًّا به، وبدأ يكون عنده وعي ويشعر بأنه ليس من ممتلكات الشركة وأنه شخصية مستقلة، وهذا أمر في غاية الخطورة، وبدأ يطالب بحقوقه ويكون عنده وعي خاص، وهذا يأخذ البشرية إلى التهديدات المحتملة على البشرية نفسها من تهديدات الذكاء الاصطناعي، والعالم الشهير ستيفن هوكينج قال إن أكبر خطر يهدد البشرية هو الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع في المستقبل القريب أن تكون الروبوتات بديل البشر أو تكون أداة قوية لقمع البشر.. فنحن داخلون على مستقبل مرعب لا نعرف أبعاده ولا تطوراته ولا تأثيراته، ويمكن للذكاء الاصطناعي والروبوتات أن تحل محل الإنسان في أشياء كثيرة، والآن على سبيل المثال في مصانع السيارات مثلا نسبة كبيرة منها تدار بالروبوتات، ونسبة العامل البشري فيها قليل جدًّا وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ستؤدي للبطالة وارتفاع نسبة عدم العاملين في المجتمع، فهي لها تأثيرات سلبية ولكن نحن دائمًا نوازن بين الاستخدام الإيجابي والاستخدام السلبي.
قلتَ إن المستقبل مرعب والذكاء الاصطناعي تهديد للبشرية أكثر من كونه مفيدًا ومع ذلك تتجه أكبر الشركات العالمية والدول نفسها إلى أحدث التقنيات.. لماذا؟
هذا الأمر يأخذنا إلى جانب ميتافيزيقي، فهناك من يدفع بقوة نحو هذا الأمر، وهذا ليس كلامنا، فهناك كتب كثيرة تتحدث عن الحكومة الخفية التي تحكم العالم، والإجابة على هذا السؤال من الممكن أن تؤخذ من جانب تكنولوجي أو من جانب اقتصادي، مثل زيادة الإنتاج وتقليل المدفوعات وزيادة الموارد، لكن بالطبع هناك تأثيرات مستقبلية لاستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي لا يمكن لأحد أن يتخيلها حتى أكبر المفكرين في مجال التكنولوجيا.
البلوك تشين يستخدم في تداول العملات الرقمية.. لكن هناك اتجاه لاستخدامه في الإعلام خصوصا في مواجهة الشائعات.. حدثنا عن هذا الأمر!
البلوك تشين يستخدم في المجال الاقتصادي ومجال العملات لأنه سمة لا يتم تغييرها ولا تكرارها، ويستخدم في الشائعات، «فبيكون عندك هوية ثابتة للمعلومة اللي طلعت متقدرش تغيرها ولا يتم تأويلها ولا تحويلها"، فمن خلال الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين تساطيع تحديد الموضوع الذي يتم الحديث فيه هل هو موضوع مؤوَّل أو مُحرَّف، «أقدر أجيب المعلومة الأساسية كانت فين وده بيواجه الشائعات التي تنتشر في العالم كله».
ما دور البلوك تشين في العملات الرقمية مثل البيتكوين؟
دور البلوك تشين كبير لأنها تمنع التلاعب وتضمن الخصوصية، وتضمن الجزء الخاص بالمعاملات الخاصة بك، مثل الدفتر يسجل كل شيء بالضبط ولا تستطيع التغيير في المعاملات.
العملات الافتراضية العالم كله يتعامل بها، لكن مصر ما زالت ليس عندها المنظومة التي تستطيع أن تراقب هذا الملف بشكل عام، فتم التحذير منه، لأنه هناك مجالات نصب بصورة كبيرة في هذا الأمر، لكن على مستوى العالم البيتكوين له استخدامات كثيرة.
ما الفروق بين تقنية البلوك تشين والأساليب الأخرى المستخدمة في مواجهة الشائعات؟
الفرق هو أن البلوك تشين تستخدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وتستطيع أن تجمع مئات الآلاف من الأخبار، وتحليلها، وتتأكد من صحة هذه الأخبار من خلال مصادر نشرها، على خلاف الطرق التقليدية التي تعتمد العامل البشري بصورة أكبر، ووسائل جمع المعلومات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، أو من خلال التطبيقات التي تعتمد أيضا على الذكاء الاصطناعي، ولكن البلوك تشين تعطيك مصداقية أكبر في طبيعة الأخبار التي يتم تداولها.
هل هناك إطار وُضع لتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في وقت قريب؟
بدأ بالفعل استخدامها في العالم بصورة كبيرة، وفي مصر يجب أن نتنبه لهذا الأمر ولتهديداتها، وأنا أعمل على دراسة استطلاعية حاليا عن مستقبل الإعلام في ظل الذكاء الاصطناعي وإعلام الروبوت.
لماذا قلتَ إن شبكات التواصل الاجتماعي ستنتهي بعد 5 سنوات؟
لأن كل شبكات التواصل الاجتماعي ستندمج في عوالم الميتافيرس، لأنها ستعطيك فرصة للاستمتاع وفرصة لعوالم جديدة وتقارب بشري بصورة أكبر، وإن كنت متأكدًا من أنها ستؤدي إلى عزلة أكثر من التواصل البشري، لأن شبكات التواصل الاجتماعي دمرت التواصل الاجتماعي، ومع الميتافيرس سنكون كلنا كائنات افتراضية تعيش في عوالم تخيلية، نتواصل بصورة افتراضية لكن على الصورة البشرية لا نتواصل.
لماذا انصبّت اهتماماتك على ملف إعلام الميتافيرس والواقع الافتراضي تحديدا؟
لأن تخصصي الأساسي إعلام، وبحكم التخصص في مجال الإعلام، عندنا مظاهر كثيرة لا بد أن نلقي الضوء عليها، لأنه هناك نقصًا في الحديث عن هذه الموضوعات، فنحن يجب أن نتحدث عن مستقبل الإعلام والإعلاميين، خصوصا أن الإعلام المصري فقد الكثير من قوته في السنوات القليلة الماضية الأخيرة، وإن كان هناك محاولات لإعادة الريادة الإعلامية بشكل كبير، ولكن الريادة الإعلامية لن تكون إلا في البيئة الرقمية الحديثة، بحكم ما يطرحه العصر من ثورات ومعلوماتية وتكنولوجية، وبالتالي كان هناك نقص في الأبحاث والإسهامات العلمية في هذا المجال، فالناس حتى هذه اللحظة في مصر تتحدث عن استخدامات الإعلام التقليدي، في حين تكاد تكون هذه الاستخدامات في العالم كله انتهت، وهناك اتجاه لعدد من الباحثين الشباب في مصر للتحدث عن الآثار المستقبلية لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي، بالإضافة إلى أن تكنولوجيا الواقع الافتراضي والميتافيرس موجودة حاليا بصورة كبيرة، وسيكون لها تأثيرات متعاظمة، فكان يجب أن ننبه لهذه المخاطر، ونلقي الضوء على الاستخدامات الإيجابية والفرص التي تتيحها هذه التكنوجيا الحديثة حتى يتم استخدامها بالشكل الأمثل، ولا نجد أنفسنا متأخرين بصورة كبيرة عن العالم.
هل اهتمامك بالجانب التكنولوجي والإعلامي جزء من تكوينك اخترته لبناء كادر سياسي؟
على المستوى الشخصي أنا مهتم بالإعلام الجديد والبيئة الرقمية بشكل عام، واشتغلت فيه بصورة كبيرة في السنوات الماضية، دائما إذا أردت أن تبحث عن التميز فيجب عليك أن تكون مختلفا، وإذا تحدثت فيما يتحدث فيه الآخرون لن تعطي إضافة، أما عندما تتحدث في موضوعات جديدة وتناقش آراء مستقبلية وتضع خططا للتطوير وخططا للتعامل مع البيئة الرقيمة الحديثة، فأعتقد أن هذا سيفتح مجالات وفرصا جديدة لإفادة البلد ووضع رؤية للمستقبل القريب.
بهذه المناسبة.. هل ترى اهتمام الجمهورية الجديدة بخلق مجموعة من القيادات الشابة المؤهل فريضة كانت غائبة في الأزمنة والأنظمة السابقة؟
الدولة المصرية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي فتحت الباب على مصراعيه للشباب للمشاركة في بناء الدولة، فظهرت فكرة البرنامج الرئاسي وفكرة أكاديمية الشباب وفكرة تنسيقية شباب الأحزاب، لكي يؤهل الشاب لتولي المنصب، لأن المنصب بلا تأهيل يعني فشلا، وقد رأينا تجربة كبيرة جدا الفترة الماضية، فنجد نواب محافظين من الشباب، ومحافظا من الشباب ونوابًا ومساعدين للوزراء من الشباب، وهو ما أدى لضخ دماء جديد وأفكار وتطورات جديدة، والجمهورية الجديدة قائمة على ذلك، والدولة المصرية دولة شابة إن لم تستخدم الشباب الذين تتعدى نسبتهم 70% فأنت بالتالي تحكم على هذه الدولة بالفشل، وبالتالي الاستثمار في العنصر الشاب كان ذكاء من القيادة السياسية.
بصفتك عضوًا بالمجلس الأعلى للثقافة.. ما خطتك فيما سيتم في الفترة المقبلة بالمجلس الأعلى للثقافة؟
أي دولة إذا أرادت أن تنهض يجب أن تنهض ثقافيا، وفي الفترة الماضية رأينا اسثتمارا كبيرا في المشروعات القومية والبنية التحتية، وترافق معه استثمار في العنصر البشري، لأن هذه المشروعات تخدم المواطن والذي يديرها هو المواطن، فتأهيل المواطن ثقافيا من أهم تحديات التي تواجهها الدولة المصرية في الفترة الحالية، لأننا نعيش في عالم افتراضي رقمي مفتوح المصدر، وثقافة عولمة مفتوحة، وبالتالي الثقافة عنصر هام من تطوير وبناء الإنسان المصري ومصر تعمل في استراتيجية مصر للقوى الناعمة وتعمل في عدد من المبادرات التنموية لكي تتماشى الثورة الثقافية مع الثورة في البنية التحتية والمشروعات القومية.
هل تشعر أن هناك تجاوبًا من الدولة لما تبذله من مجهودات خصوصا في تخصص التكنولوجيا والواقع الافتراضي؟
هناك تجاوب كبير جدًّا من الدولة بشكل عام، والدولة واعية بما يحدث من متغيرات عالمية وتطورات، وهناك اتجاهات كثيرة وأنشطة تقوم بها الدولة، وهناك تحول رقمي للدولة المصرية والعاصمة الجديدة هي عاصمة تكنولوجية لا ورقية، وإسهاماتنا هي مجرد إسهامات بسيطة في ظل توسع كبير من الدولة نحن نتشارك ونتكامل بأفكارنا التي نلقى لها تنفيذها على أرض الواقع بصورة كبيرة جدا، ونتمنى لبلدنا الخير، ونحن جنود كلٌّ في مكانه لبناء الجمهورية الجديد، وكلنا نتكامل لخدمة بلدنا.