قراءة متأنية في زيارة الرئيس السيسي إلى قطر
تتميز العلاقة بين الدول على مستوى العالم بمرونة فائقة، خاصة بين الدول التي تحمل نسيجا مجتمعيا واحدا، كالدول العربية، فالعلاقة بين الدول ليست كالعلاقة بين الأفراد، فالعلاقة بين الأفراد ربما يكون فيها العداء والصداقة مستمرين للأبد، لكن العلاقة بين الدول ليس فيها عداء مستمر أو صداقة مستمرة، بل تتميز بالتباين المستمر، وعدم الجمود، فهي تتنوع حسب المصالح المشتركة بينها، فهي لديها قدرة على التغلب على كل العوائق؛ عندما توجد المصلحة المشتركة، لذا، نسمع اليوم عن حدوث شرخ في العلاقة بين دولتين ما، ومع مرور الأيام والشهور، وربما السنين، تذوب مثل هذه الشروخ، وتتجدد العلاقات وتكون أفضل مما كانت عليه سابقا.
بعد هذه المقدمة التي كان لا بد منها؛ للدخول إلى الهدف الرئيسي من كتابة هذا المقال، وهو تناول زيارة الرئيس السيسي إلى دولة قطر، والتي تعد الزيارة الأولى للرئيس السيسي لقطر، منذ تولي السيسي منصبه رئيسا لمصر، كما أن هذه الزيارة تأتي ردًّا على زيارة أمير قطر لمصر مؤخرا، وأيضا تأتي هذه الزيارة للرئيس السيسي إلى قطر؛ استجابة لدعوة أمير قطر، وبعودة العلاقة بين البلدين.
وبعودة العلاقة الثنائية بين الدولتين؛ يثبت الرئيس السيسي أنه يبحث عن مصلحة وطنه، فهناك في الماضي، نشبت حروب بين الدول؛ لمجرد الإساءة إلى رئيس إحدى الدولتين، وهذا ما يتجنبه الرئيس السيسي في علاقة مصر مع جميع الدول على مستوى العالم؛ من أجل عدم إهدار قدرات مصر في حروب لا طائل منها.
وبنظرة متجردة للعلاقة بين الدول، وخاصة العربية منها؛ نجد أن المصلحة تكمن في تحسن العلاقات الأخوية بين الدوحة والقاهرة، وتركيزها على سبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، إضافة إلى القضايا والملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وخاصة في الوقت الحالي، الذي يشهد فيه العالم، ظروفا استثنائية، وهناك العديد من النزاعات والحروب والجبهات المفتوحة؛ الأمر الذي يتطلب تفعيل الدور الدبلوماسي، والتشاور المستمر بين قيادتي البلدين؛ لتبادل وجهات النظر، والتباحث إزاء التعامل الأمثل مع هذه المسائل والقضايا.
كما أرى أن الفترة المقبلة، ستشهد مجالات للتعاون بين البلدين في الكثير من القطاعات، الاقتصادية والسياحية والرياضية، وقد رأينا حسن النية من دولة قطر في مجال الرياضة؛ عندما اختارت دولة قطر، فريق الزمالك؛ كي يكون طرفا إلى جانب فريق الهلال السعودي، في مباراة افتتاح ستاد لوسيل، الذي ستقام عليه المباراة النهائية لبطولة كأس العالم FIFA قطر 2022، ما يعكس المكانة والاحترام اللذان تحظى بهما مصر لدى دولة قطر، فضلا عن كون ذلك دليلا على الرابطة الأخوية الراسخة بين شعبي البلدين.
ولا ننسى أن في دولة قطر، جالية مصرية، تشارك في النهضة التي تشهدها قطر حاليا، في كل المجالات، من دون استثناء؛ وهو ما يعكس بدوره تاريخية هذه العلاقات، وديمومتها، والحرص على توطيدها.
كما أتوقع أن تتوَّج زيارة السيسي، بالنتائج التي تحقق طموحات شعبي البلدين الشقيقين في المجالات كافة، وأن تؤسس لانطلاقة غير مسبوقة في مسيرة التعاون بينهما.
وأتمنى ألا ننظر إلى إعلام أهل الشر، الذي سيحاول، وبكل الطرق، في نشر بذور الفتنة وقتل صحوة هذه العلاقة، من أجل إبعاد الاستثمار القطري عن مصر، والذي سيصب بكل قوة في مصلحة الشعبين.