حكم التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة
جدل كبير انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في قضية التبرع بالأعضاء البشرية بعد الوفاة، بعد أن أعلن عن ذلك عدد من الفنانين والمشاهير واستعداداهم للتبرع بعد الوفاة، الأمر الذي اختلف فيه عدد من علماء الفقه لكن ما أوضحته دار الإفتاء المصرية أن التبرع بالأعضاء جائز شرعًا، كما أنه من الوسائل الطبية التي ثبت أهميتها في العلاج والدواء، ونقل وزرع الأعضاء البشرية يكون سببا في حياة شخص آخر ومعافاته من المرض، كما أشارت دار الإفتاء إلى أن نقل وزرع الأعضاء البشرية يكون من الميت أو من الحي.
حكم التبرع بالأعضاء البشرية
وقالت دار الإفتاء في فتواها حول حكم التبرع بالأعضاء البشرية، إن ما عليه الفتوى أنَّ التبرعَ بعضو أو بجزء من إنسان حي لإنسان آخر مثله جائز بشرط أن يُصَرِّح بذلك طبيب ثقة يُقَرِّر أن هذا لا يترتب عليه ضرر بالشخص المُتَبَرِّع، ويترتب عليه حياة الشخص المُتَبَرَّع له أو إنقاذه من مرض صعب، ويجوز كذلك نقل عضو من أعضاء الميت إلى جسم إنسان حي إذا كان هذا النقل يؤدي إلى منفعة الإنسان المنقول إليه هذا العضو منفعة ضرورية لا يوجد بديل لها، وأن يحكم بذلك الطبيبُ المتخصصُ الثقة.
وأوضحت دار الإفتاء في حكم التبرع بالأعضاء البشرية أن شريعة الإسلام قد كرمت جسد الإنسان حيًّا وميِّتًا وحرمت الاعتداء عليه أو على أي عضو من أعضائه، كما حرمت بيع الإنسان لجزء من أجزاء جسده حيًّا كان أو ميِّتًا.
ويرى بعض الفقهاء أنه يجوز شرعًا نقل عضو من أعضاء الميت إلى جسم الإنسان الحي إذا كان في ذلك إنقاذ لحياة المنقول إليه أو شفاؤه من مرض عضال وجواز النقل عندهم مشروط بالشروط الآتية:
1- أن يكون المنقول منه العضو قد تحقق موته بالمفارقة التامة للحياة موتًا كُليًّا، ويستحيل عودته للحياة مرة أخرى وذلك بشهادة ثلاثة من أهل الخبرة العدول موقعة منهم.
2- أن يكون النقل محققًا لمصلحة ضرورية لا بديل عنها للمنقول إليه.
3- أن يكون الميت المنقول منه قد أوصى بهذا النقل في حياته وهو بكامل قواه العقلية دون إكراه مادي أو معنوي عالمًا بما يوصي به من جسده وبينهما درجة قرابة.
4- ألا يؤدي نقل العضو إلى اختلاط الأنساب بأي حال من الأحوال.
5- إذا لم توجد وصية من الميت حال حياته فيجوز النقل بشرط موافقة الورثة الشرعيين المعتد بإذنهم بشرط ألا يكون ذلك بمقابل مادي أو معنوي.
كما يرون أن التبرع بعضو أو بجزء من إنسان حي لإنسان آخر مثله جائز شرعًا بشرط ألا يترتب على ذلك ضرر بالغ بالشخص المتبرع، وأن يترتب على ذلك إنقاذ لحياة المتبرع له، أو إنقاذ حياته من داء عضال تطبيقًا للقاعدة الفقهية: الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف.
لكن هناك رأي آخر مختلف للدكتور أحمد كريمة استاذ الفقه بجامعة الأزهر الشريف أنه لا يجوز شرعا التبرع بالأعضاء البشرية، من أحياء إلى الأحياء أو من الميت للميت معتبرا ان هذا مخالف للشريعة الإسلامية، وأن الإنسان لا يملك جسده ولا يملك التصرف فيه، وأن التبرع بالأعضاء باطل لأن جسد الإنسان ملك لله ونزع أي عضو من الإنسان يعد جناية يستحق على فاعلها القصاص واستند الدكتور أحمد كريمة لحديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كسر عظم الميت ككسره حيا.
تبرع الإنسان بكليته بعد وفاته
وحول تبرع الإنسان بكليته بعد وفاته، أفتت دار الإفتاء أن تبرع الإنسان في حياته بكِلْيَتِهِ جائز شرعًا إذا لم تكن هناك وسيلة أخرى للعلاج تمنع هلاك الإنسان، وقد قرَّر أهل الخبرة من الأطباء العدول أنَّ هذه الوسيلة تحقِّق النفع المؤكَّد للآخذ، ولا تؤدي إلى ضرر بالمأخوذ منه، ولا تؤثر على صحته وعمله في الحال أو المآل على أن يكون هذا النقل بمركز طبي متخصص معتمد من الدولة ومُرَخَّص له بذلك مباشرة، وأن يكون ذلك بدون أي مقابل مادي أو معنوي مطلقًا بالمباشرة أو بالواسطة.
الدكتور عمرو الورداني أمين الفتوى يقول بـ جواز التبرع بالأعضاء للحاجة لكن في الأصل أنه لا يجوز التعدي على جسد الميت، وأن جسده ليس ملكًا له، وإن أوصى الميت بالتبرع بعد وفاته فهو جائز إذا كان لا يؤدي إلى التشويه، كما أنه يجوز للإنسان أن يتبرع بعضو معين له بعد وفاته إذا كان ينفع كذلك من يتبرع له.
وحرم الشيخ الشعراوي التبرع بالأعضاء وقال إن الله عز وجل خالق، والله هو مالك، فما دام هو مالك فلا تبرع بشيء من ذاته لأحد، أما التبرع بالدم فلا خلاف فيه لأنه يعوض أما الأعضاء فلا، فيجب التنبيه أن هذا الفعل كفر بالله، ولا تقولوا هو حلال بل هو حرام، الله جعل كل حيوان له جلد ننتفع به بعد دباغته فتزول نجاسته، إلا جلدين، جلد الخنزير ليدل على أن حرمته ونجاسته مؤبدة حتى لو دبغ، وجلد الآدمي لكرامته عند الله فلا يجوز ابتذاله بعد الموت وسلخ جلده أو أعضائه لقوله تعالى "ولقد كرمنا بني آدم".
الشيخ الشعراوي كان يملك نظرية أن الإنسان لا يملك جسده وهو ملك الله ولا يحق له التصرف في شيء لا يملكه وأجابه عدد من العلماء بأن الإنسان إذا كان لا يملك جسده فأن كل شيء ملك لله، وإذا عرض هذا الرأي أمام الشيخ الشعراوي بأن هناك ملك لله أذن للإنسان التصرف فيه وهناك ملك لم يملكه، الأكل والشرب والثياب والأموال أعطى الله الإذن للإنسان في التصرف فيه ولكن الجسد يرى الشيخ الشعراوي أن الشريعة تقول إنه لا يمكن للإنسان أن يتصرف فيه.
وفي قضية التبرع بالأعضاء بعد الوفاة هناك شق الاستغلال التجاري، حيث يستغل بعض الناس حاجتهم فيهمسون في آذانهم حول التبرع بعضو من أعضاءهم سواء كلية أو غيره، وهذا لا يجوز شرعا، عملية نزع جزء من الإنسان ليست سهلة هي عملية طويلة وخطيرة يمكن أن يتعرض خلالها المريض إلى مضاعفات أو نزف وغيره من المخاطر التي قد تهدد حياته.