لماذا لم يحتفل المسلمون الأوائل بالمولد النبوي؟
أيام قليلة تفصلنا عن ذكرى المولد النبوي الشريف الذي يوافق يوم 12 ربيع الأول كل عام هجري، ويوافق هذا العام 8 أكتوبر، ويشهد احتفالات متنوعة من قبل المسلمين في شتى بقاع العالم للتقرب إلى الله والابتهال إليه، لكن يبقى السؤال: لماذا لم يحتفل المسلمون الأوائل من الصحابة بالمولد النبوي الشريف، خصوصا في عهد الخلفاء الراشدين.
لماذا لم يحتفل المسلمون الأوائل بالمولد النبوي؟
يؤكد حسن السندوبي في كتابه تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي، أنه لم يفكر أحد من الخلفاء الراشدين، عليهم رضوان من الله، في أن مولد الرسول صلوات الله عليه، من الشأن ما یوجب تذكاره بصورة عامة، أو الاحتفال به واقترانه بالواجبات الهائلة التي ألقاها الدين على عواتقهم، ولم يروا فيه ما ر آه غيرهم، ممن جاء بعدهم، من مظاهر العزة وآيات التقوى والصلاح، وما كان يعد عندهم سببا من أسباب استمالة القلوب واجتذاب النفوس إلى الخير والفلاح، بل ما هو أن انتقل الرسول عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى؛ حتى انصرفوا بما أوتوا من قوة الإيمان بالله تعالى، إلى توطيد أركان الدين في أنحاء الجزيرة العربية، وتثبيت قواعد الإسلام في سهولها ونجودها، على تقوى من الله ورضوان، وتوطيد دعائمه في طوايا النفوس التي عراها من الاضطراب إثر الوفاة ما عراها، ثم النهوض بعد ذلك ببث الدعوة المحمدية في الأمم المجاورة لأرضهم، والشعوب المتاخمة لديارهم، ثم التوسع في الجهاد لإعلاء كلمة الله في مختلف الأجناس البشرية، وطرق أبواب الفتوح لإدخال الناس في دين الله كافة، وذلك بعد أن قاموا بمناهضة نزوات الدعاة الكذبة، والمتنبئين الفجرة، وإخماد ثورات العصاة والمرتدين، وتطهير الأرض من البغاة والخارجين، وكان لهم من ذلك ما شاء الله أن يكون.
ويختم: من أجل ذلك لم يفكروا في إحياء هذه الذكرى الكريمة، ذكرى المولد النبوي الشريف، ولم يجر لهم الاحتفال بها على خاطر، فإن الفرائض مقدمة على النوافل.