تحية هانم والرئيس
بعد قراءتي لكتاب السيدة الفاضلة تحية كاظم، زوجة الرئيس عبدالناصر ذكرياتي معه، استوقفني بعض النقاط والتي يجب الوقوف عندها.
فالسيدة هي زوجة الرئيس وكانت أقرب شخص إليه ومستودع سكونه وراحته، ولن أقول أسراره برغم قربها منه ومن عالمه الغامض الصامت الذي فرضه في البيت، إلا أنها لم تكن تناقشه حتى عندما شاهدت وجود أسلحة ومنشورات بالبيت، وكانت هي من تخفيها وكان ذلك قبل الثورة.
كما كانت تلاحظ توافد عدد من زملاء عبدالناصر له يقابلهم بصفة مستمرة داخل البيت، فتقول كان يحضر بعضهم ثم ينصرفون ويحضر غيرهم وكان لا ينام سوى ساعات قليلة.
كما تحكي أنه أثناء عودتهم من رحلة مصيف بالإسكندرية، وفي طريق العودة بالطريق الزراعي لاحظت وجود عدد من التفاتيش بأسماء الأمراء والبشوات والإقطاعيين، وقال لها جمال قريبا سوف لاتكون هناك تفاتيش يملكها أمراء أو بشوات وهي تقول لم أنتبه لما قاله ولم أعلق عليه ولكنني فهمت بعد أن قامت الثورة.
وتحكي عن ليلة الثورة وفيها أول مرة تسأل جمال والذي لم ينم منذ يومين وهو يرتدي بدلته العسكرية انت رايح فين؟، فقال لها إنه سوف يذهب لاستكمال تصحيح أوراق كلية أركان الحرب وخرج جمال وأخويه في بيته بجانب زوجته وأولاده وكانوا على علم بما ينوى فعله وليس زوجته التي تخاف عليه من الاعتقال.
ومرت الساعات حتى سمعت أصوات إطلاق النار والعربات المصفحة والدبابات والجيش منتشر في الشوارع.
وهنا رأت أخويه يقفزان من الفرح وعلمت لحظتها أنه تحرك من الجيش ضد الملك، ولم تهدأ حتى جاء ثروت عكاشة ليقدم لها التهنئة ويطمئنها على جمال ويطلب منها سماع البيان في الراديو.
ثم تذكر السيدة تحية أن مقالات مهمة كانت تصدر في جريدة الجمهورية باسم أنور السادات، والذي كان يكتبها هو جمال عبدالناصر، وأنها سألته عنها فقال انه فعلا من يكتبه ؟؟
فهل كان السادات يقبل أن يكتب اسمه على مقالات جمال، ولماذا لم يقم الرئيس في ذلك الوقت بنشر اسمة على مقالاته!
ثم تحكى أن الرئيس محمد نجيب جاء لزياة ابنها خالد اثناء مرضه فى المستشفى جراء عملية الزائدة الدودية وحمل معه علبة شوكولاتة، وأنها رمتها ولم تسمح لأحد بالأكل منها لأنها كانت تعتبره المتهم الوحيد بتدبير قتل جمال في حادثة المنشية بالإسكندرية وأنه تعاون مع الإخوان المسلمين لإزاحته والانفراد بالسلطة.
ثم تحكي عن قصة تأميم قناة السويس وأنه لم يعرف بعملية التأميم سوى اثنين فقط من الوزراء وجميع رجال الدولة الكبار والمسئولين كانوا في حالة ذهول وهو يعلن قرار التأميم وأنها كانت تعلم أن كلمة السر ديليسبس، وأنا شخصيا أرى كيف له أن يتخذ هذا القرار المصيرى بدون علم حكومته، والإعداد لما يسفر عنه قرار التأميم من نتائج.
ثم تسرد كيف حاول المشير عامر الانقلاب على عبدالناصر بعد نكسة 67، ولكن تم إحباط المؤامرة وانتهت بانتحار المشير عامر والذي بسببه عم الحزن وجه الرئيس بعضا من الوقت.
ثم تحكى أن الرئيس حكى لها عن أنور السادات وهو يقول لها إنه أطيب واحد ويحبنا وأن السادات كان دائم القول لعبدالناصر أنا لا أنسى فضلك لم أكن في الثورة وانت جبتنى.
ثم يؤكد عبدالناصر لها على حسب قولها أن السادات لم يكن فى الثورة وأنه أرسل لإحضاره من رفح، فهل كان السادات دخيلا على الثورة وإن كان كذلك كيف له أن يكون عضوا في مجلس قيادة الثورة وليس ضابطا عاديا ضمن عشرات الضباط الأحرار الذين شاركوا بالثورة.
لم أتطرق فيما ذكرت فى أمور كثيرة عن حياتها وأولادها فقط كانت حياة عادية طبيعية مثل أي بيت فى مصر غير أنها لم تعد تخرج مع جمال، كما كان يحدث قبل الثورة وذلك لانشغاله المستمر وذلك شىء طبيعى لكونه رئيس الجمهورية.
كما أنها لم تمارس دور السيدة الأولى لمصر كما حدث بعد ذلك مثل السيدة جيهان السادات أو سوزان مبارك، بل كرست حياتها لبيتها وأولادها، ولم تحضر اجتماعات رسمية سوى مرات قليلة جدا كما هو موثق.
سيدتي أعلم أنك الآن بين يدي الله وأطلب لكما الرحمة والمغفرة، وأعلم جيدا أنكِ فعلا لم تشاهدي سوى الزوج وليس الرئيس وأنك كنت أمينة فيما نقلتي وكتبتي عن ذكرياتك مع زوجك جمال عبدالناصر وليس الرئيس جمال عبدالناصر.
رحم الله الجميع وأسكنهم فسيح جناته.