الإفتاء تبيّن حكم ترك المحاضرات لأداء الصلاة
أجابت دار الإفتاء على سؤال ورد لها عبر موقعها الرسمي نصه: يحدث أثناء المحاضرة أن يقوم بعض الطلبة بترك المحاضرة للصلاة بعد الأذان مباشرة، ولما نبهت إلى أنه يمكن تأجيل الصلاة إلى ما بعد المحاضرة، فقام بعض الطلاب بكتابة رد يتضمن بعض المناقشات.
والسؤال: هل لا بد أن تؤدى الصلاة بعد وقت الأذان مباشرة؟ وهل واجب الإدارة أن تقوم بتوفير أوقات الصلاة وعدم شغلها بالمحاضرات؟ وهل أترك المحاضرة وقت الصلاة؟ وما الرأي في الآيات والأحاديث والحُجج التي أوردَها بعض الطلاب والتي ظاهرها يؤيد هذا الرأي وهي: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]؟
وحديث: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ».
وحديث عَائِشَةَ رضي الله عنها: مَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يَصْنَعُ فِي بَيْتِهِ؟ قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ»
وأنه لو أبيح تأخير الصلاة عن وقتها ولو قليلًا لكان الأمر أولى أثناء الحروب، وهو ما لم يحدث فكانت صلاة الخوف.
التزام الحضور وتأخير الصلاة عن أول وقتها
وقالت دار الإفتاء في فتوى سابقة، مثل هذه المسائل التنظيمية في المحاضرات العلمية يُرجَع فيها إلى الأستاذ المحاضر وجهة الإدارة التي تقوم على العملية التعليمية تنظيمًا وإشرافًا، فإن كان الأمرُ يَتَحَمَّلُ أداءَ الصلاة أولَ الوقت مِن غير شتات في المحاضرة ولا اختلال في التحصيل العلمي وسمح بذلك الأستاذ المحاضر فهو خير وأَوْلَى، أما إذا كان الأمر يقتضي الاستمرار في المحاضرة على ما يراه المعلم المحاضر فيجب الالتزام الحضور وتأخير الصلاة عن أول وقتها هو ما تدل عليه الأدلة والقواعد الشرعية والمصالح المرعية.
وأضافت دار الإفتاء، أما الآيات والأحاديث التي يحتج بها مَن يُريد فرض رأيه في ذلك فهي إما احتجاج غير صحيح أو احتجاج في غير موضعه، فالآية الكريمة وهي قوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103] معناها: أن الله تعالى فرض لكلِّ صلاة وقتًا وقَّته لها يجب أن تقام في أي جزء من أجزائه، لا أنه يجب أن تقام الصلاة في أول الوقت.
وتابعت: وأما الاستدلال بحديث ابن مسعود رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ أَيُّ الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «الصَّلاَةُ لِوَقْتِهَا، وَبِرُّ الوَالِدَيْنِ، ثُمَّ الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»: فلا يدل على وجوب الصلاة أول الوقت من قريب ولا بعيد؛ فإن التعبير بـ«أَفْضَلُ» يدل على أن لكلا العملين فضلًا، ويزيد أحدهما على الآخر فيه.
وأردفت دار الإفتاء: وأما حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: «كَانَ يَكُونُ فِي مِهْنَةِ أَهْلِهِ تَعْنِي خِدْمَةَ أَهْلِهِ فَإِذَا حَضَرَتِ الصَّلاَةُ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ» لا يدل على شيء أكثر من اهتمامه صلى الله عليه وآله وسلم بأمر الصلاة وتعظيمه لها وحرصه عليها، لا أنه كان يوجبها أول الوقت بل مر ما يدل على خلافه كما مر في قصة إصلاحه بين بني عوف وفي قصة تأخير الصلاة في غزوة الخندق.
واستكملت: كما أنه لا يعرف أن الشرع استحب الصلاة أول الوقت في أوقات الحروب كما جاء في اعتراض بعض الطلاب، بل ما حدث في غزوة الخندق من تأخير الصلاة يدل على خلاف ذلك، ومشروعية صلاة الخوف في الحروب لا تدل على هذا، بل هو دليل على مراعاة الشرع للظروف واعتباره للأحوال عند القيام بالفرائض.