مرافعة تاريخية لـ النيابة العامة في قضية مقتل سلمى بهجت | تفاصيل
شهدت ثالث جلسات محاكمة المتهم بقتل سلمى بهجت مرافعة، وصفت بـ الترايخية، من جانب ممثلي هيئة الدفاع بالحق المدني؛ لما جاء في المرافعة من وصف دقيق للجريمة وإقامة الحجة بالدلائل والقرائن القاطعة والاستدلال ببعض المواضع من شهادة الشهود واعترافات المتهم في القضية.
مرافعة تاريخية لـ النيابة العامة في قضية مقتل سلمى بهجت
استهل المستشار أحمد عاطف، ممثل النيابة العامة خلال مرافعة النيابة العامة في ثالث جلسات محاكمة المتهم بقتل سلمى بهجت، الاثنين، المرافعة في القضية بتلاوة آخر الآية رقم 151 من سورة الأنعام، قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.. وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۚ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.. صدق الله العظيم.
وأضاف ممثل النيابة العامة، خلال مرافعته، أن جميع الشرائع السماوية، وختامها الإسلام، جاءت لتحريم الظلم، في إشارة إلى أن أبشع صور الظلم قتل الإنسان لأخيه الإنسان بغير حق؛ فالقتل اعتداء على حق الإنسان في الحياة، أعظم حقوق الإنسان، وهو حق موصول بالله، لذا جعله الله أكبر الكبائر بعد الشرك بالله.
واستشهد ممثل النيابة العامة في مرافعته بـ قضية مقتل نيرة، فتاة المنصورة، موضحًا أن المتشابه في القضيتين هو الباعث الذي يعتقد الجاني أنه سببًا يمنحه حق القتل، بالإضافة إلى اتصاف المتهم بـ حب التملك والسيطرة، فضلًا عن أنهما شباب في مقتبل العمر، يعتقد أن سفك الدماء هو السبيل الوحيد لإرضاء غرورهم.
وتطرقت مرافعة النيابة العامة للحديث عن المجني عليها سلمى بهجت: فتاة مصرية تجاوزت العشرين من عمرها، تعيش في كنف والديها بمحافظة الشرقية، طالبة طموحة متفوقة أنهت دراستها والتحقت بكليتها لتخطو خطواتها نحو النجاح والتميز في حياتها العملية.
وتابع ممثل النيابة العامة خلال المرافعة: والتحق كذلك المتهم بذات الكلية، في إشارة إلى أن المتهم هو شاب يقيم مع أسرته في محافظة الشرقية، له من الأخوات ثلاث أخوات هو أكبرهم، ساخط على الحياة، يشعر بأنه أقل من المحيطين به، ويسعى لجذب اهتمام الناس حوله، يبحث عما يُحقق له غايته، ولجأ إلى من أوعذوا له ببعض الكتابات التي تحوي أفكارًا ومعتقدات شاذة عن قيم مجتمعنا الوسطية، وبات يرى أن الحياة شرًا مُطلق ويمتلك أفكار تشاؤمية.
وأردف ممثل النيابة العامة خلال المرافعة: المتهم اتخذ من الإلحاد مسلكًا يُنكر الوجود الإلهي، هذا هو الثابت لدينا في أوراق القضية، قبل أن يتطرق للحديث عن العلاقة بين المتهم والمجني عليها، والتي بدأت بالزمالة في الكلية خلال العام الدراسي الأول، وتطورت في العام الدراسي الثاني إلى تبادل الإعجاب من الجانبين، في علاقة وصتها النيابة العامة بأنها علاقة محكوم عليها بالفشل منذ البداية؛ فالمجني عليها منشغلة بدراستها، طموحة وأفكارها معتدلة سوية، فيما يفشل المتهم في دراسته بينما تتفوق المجني عليها وتخطو خطوات نحو التفوق.
وتابع: تطورت العلاقة بين المتهم والمجني عليها إلى حد سعي المتهم لخطبة المجني عليها، وتكرر الرفض حتى بدأت المجني عليها تنفر من تلك العلاقة، وتبين أن المتهم يرى في اعتقاداته أن النفس البشرية لا قيمة لها، وانتوى قتل المجني عليها حتى لا تكون لغيره، وهذه الأفكار التي آمن بها وسار على نهجها هي ذات الفكار التي أوعذت له ارتكاب جريمته؛ إذ بدأ في تهديد المجني عليها إذ لم تنصاع له، وأخذ يُحاصرها لدرجة جعلت المجني عليها تستجدي عطفه ليتركها في حالها، لكنه لاحقها وهددها بالقتل، فهددته بإبلاغ الشرطة.. ويا ليتها فعلت.
وأضاف: لقد المتهم المجني عليها بارتعاد فرائصها، فانقطعت عن الحضور إلى كليتها حتى ميعاد الامتحانات، مشيرًا إلى تعاطف المتهم مع قاتل فتاة المنصورة، بل وتشبيه المتهم نفسه به، وذلك بأن سعى المتهم لذلك عبر الظهور وجذب الانتباه بأفكار متطرفة، وهدد المجني عليها بأنه سيقتلها كما قُتلت فتاة المنصورة، وظل يتتبعها حتى علم من موقع الجامعة أن يوم الأربعاء 29 يونيو الماضي، هو موعد مناقشة رسالتها في الجامعة، فحمل مطواة وعزم على قتلها، وهددها للدرجة التي جعلتها تُخبر والدها ليتتبعها ويرافقها إلى الجامعة خشية أن يفتك المتهم بها، بل وهدد المتهم والداه بأنه سيقتلها إذ لم يحضرا ويطلبا يدها من والدها، فحضر والدا المتهم وتقابلا مع والد المجني عليها، الذي رفض الارتباط مرةً أخرى، وانقطعت من بعدها السُبل، واكتفى والد المجني عليها بذلك ولم يُبلغ الشرطة.. ويا ليته فعل.
واستطرد المستشار أحمد عاطف، ممثل النيابة العامة، خلال مرافعته في قضية مقتل سلمى بهجت: في الوقت الذي احتفلت فيه أسرة المجني عليها بنجاحها، نشر المتهم صورة للمجني عليها عبر تطبيق تواصل اجتماعي توعد خلالها المجني عليها بأنه سيقتلها ببشاعة يهتز لها عرش الرحمن، وكأنه يتحدى رب العزة، في تصرف بدا كما لو كان يُكرر فعلة الشيطان حين تحدى رب العزة منذ فجر البشرية، وسط تأكيد على أن كلا الشيطانين مصيرهما معروف؛ فالأخير مصره مؤجل بوعدٍ من الله، والمتهم مصيره محتوم بالقصاص في الدنيا بأقصى العقوبة التي تُطالب النيابة العامة بتوقيعها عليه، وفي الآخرة جزائه متروك لرب العزة، جزاء قتل النفس البشرية بغير حق.
واستعرض ممثل النيابة العامة: كيف توجه المتهم إلى موقع ارتكاب جريمته، وما سبق ذلك من تربص وترصد وتحين الوقت والظروف المناسبة والتأكد عن طريق مهاتفة صاحب الجريدة التي كانت المجني عليها سلمى بهجت تتلقى فيها التدريب قبل فترة، وكذلك من صديقة المجني عليها، فضلًا عن سيرة في المنطقة المحيطة لمدة تخطت الساعة تحين خلالها الوقت والمكان المناسب للاختباء لتفيذ جريمته، وكمن داخل البناية التي تضم الجريدة بعدما اشترى سلاح أبيض (سكين) من أحد المحال في منطقة القومية بمدينة الزقازيق، وطوال فترة انتظاره كامنًا للمجني عليها ظل يسترجع مخططه الإجرامي ويستجمع كل غضبه ومعتقداته وأفكاره الشاذة حتى حضرت المجني عليها وعبرت من أمام مكان اختبائه في البناية، فناداها من خلفها رغبة منه في أن يباغتها بوجوده وألا يقتلها دونما تعرف من قتلها، وحين التفتت المجني عليها عاجلها المتهم بضربة في عمق جسدها خارت معها قواها، وحين سقطت أرضًا مُضرجة بدمائها عاجلها المتهم بعدة ضربات في أنحاء متفرقة بالجسد بعدما اتكأ على ركبتيه وهو يُسدد طعناته لجسد المجني عليها، وحين هرع العامة لأجل نجدة المجني عليها هددهم حتى يستكمل تعديه وجريمته، وما أن تيقن من أن المجني عليها قد فارقت الحياة حتى أخرج هاتفه والتقط صورة لجثة المجني عليها، وبكل خسة ووضاعة نشر صورتها عبر أحد التطبيقات، ولم يتوقف عند هذا الحاد، بل هاتف والدته ليخبرها بأنه قد قتل المجني عليها.
ممثل النيابة العامة استعرض خلال مرافعته بعضًا من اعترافات المتهم، في إشارة إلى أن المتهم بقتل سلمى بهجت قد قال خلال التحقيقات: أول ما شوفتها وقفت مصدومة مقدرتش أمس نفسي أكتر من كده، روحت مسكت السكين ونزلت ضرب فيها بأكثر من طعنة في قلبها وكتفها وبطنها.
وأوضح المتهم في موضع آخر من التحقيقات: أيوه قتلتها والسلاح اللي اشتريته هو اللي قتلت بيه سلمى.
وأوضح: قتلتها لأني مكنتش متخيلها مع حد تاني غيري وكنت بحبها وعاوز أتجوزها، فيما أفاد ممثل النيابة العامة بأن العبارة الأخيرة كانت كاذبة وبعيدة عن أي حب؛ فالمتهم سبق وأرسل رسالة نصية إلى المجني عليها مهددًا إياها بأنها سيقتلها ليس لحبها، ولكن ردًا لاعتبار كرامته ورفض أسرتها له أكثر من مرة، بل وقال خلال تحقيقات النيابة العامة: قتلتها علشان أنا كنت عاوز أقتلها.
ممثل النيابة العامة استعان كذلك بما جاء على لسان صديقة المجني عليها خلال التحقيقات، والتي قالت: سمعته بيصرخ بصوت عالي وهو بيقتلها وبيقول لها موتي يا فاجرة.
وأكد ممثل النيابة العامة كذلك على أن المتهم قد قال أمام جهات التحقيق: نية القتل عندي من زمان لما قالت لي في إجازة سنة رابعة إنها زهقت مني ومش عاوزاني.
اختتم ممثل النيابة العامة مرافعته التاريخية بالتأكيد على ضرورة مواجهة الشريك الخفي للمتهم، شريك حر طليق لا يردعه شيء، ذاك الشريك هو كم الزخم الذي يسعى له الكثيرون لتسويد الصورة في وجه المشاهدين والمتابعين دون تقصي الحقيقة وانتظار بيانات النيابة العامة.
وطالب ممثل النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم، وهي الإعدام شنقًا، حتى يكون عبره لمن يعتبر، قبل أن يختتم مرافعته بتلاوة آخر الآية رقم 118 من سورة النحل، في قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم.. وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ.. صدق الله العظيم.