نصر أكتوبر.. انتصار للإرادة المصرية
المصريون أصابتهم الصدمة بعد نكسة 1967، التي من نتيجتها خسارة سيناء والخسائر العسكرية الفادحة في الأفراد والمعدات نتج عن ذلك ضعف الروح المعنوية، كان من الضروري إعادة تنظيم وتسليح وتدريب القوات المسلحة وإعادة الثقة للمقاتلين في أنفسهم وقادتهم وسلاحهم لتحرير الأرض، وعودة الوعي والثقة في قلوب المصريين لتجاوز تلك النكسة وأضرارها.
وكانت حرب الاستنزاف هي الطريق إلى نصر أكتوبر لما تم فيها من عمليات فدائية عظيمة، وإعادة تنظيم للقوات المصرية ورفع كفاءتها القتالية، وانتظر الجميع لحظة الحسم لكتابة الانتصار وعودة الأرض والثأر من العدو الإسرائيلي.
وقد تكبد العدو خسائر كبيرة طوال حرب الاستنزاف جعلته لا يهدأ ولا يستريح، ويجزم أن المصريين عازمون على استرداد الأرض مهما كانت التضحيات.
سطر التاريخ لنا بحروف من نور أروع الأمثلة في التضحية والفداء بالروح والدم في سبيل الوطن، من أبطال كان كل ما يشغلهم هو حب الوطن.
خلقت الهزيمة قوة جبارة وتضحية عند كل أفراد الشعب المصري دون استثناء، الشعب الذي تحمل الكثير من أجل إعادة تسليح الجيش، والتدريب وامتلك العزيمة والإرادة والتصميم على خوض معركة جديدة لاسترداد الأرض المسلوبة.
كانت إسرائيل تتباهى بقدرتها العسكرية، وأنها قوة لا تقهر، وأن العرب انتهت بعد تلك النكسة المدوية، بالغت إسرائيل في كبريائها، وزادت في تحصيناتها، وأقامت خط بارليف الحصين، وإنها خرجت من حروبها ضد العرب ومصر منتصرة في 1948 و1956 و1967 فزادت في غرورها وغطرستها.
تناست أن معركة رأس العش تدل على أن المصريين لا يتركون ثأرهم وسيحصلون يوما ما على مبتغاهم.
كانت الضغوط على القيادة السياسية كبيرة، وكل عام يعلن أنه عام الحسم ولا يحدث شيء والجميع يعيش في حالة لا سلم لا حرب، وخرج العمال والطلاب والشعب ينادي متى نحارب، وفي الجانب الآخر يجرى الاستعداد على خِطَّة المعركة، ووسط خداع استراتيجي عظيم تحملت القيادة السياسية وقيادات الجيش كل أنواع النقد والسخرية ولم يفصحوا عن خطتهم حتى كانت لحظة الحسم.
الساعة 2 الظهر كان العالم على موعد مع تاريخ جديد، وانتكاسة إسرائيلية كبيرة.
المصريون يعبرون القناة، ويرفعون العلم المصري على الضفة المواجهة من القناة، يعبرون حقول الألغام بعدما أفسدوا أنابيب النبالم، ويدكون النقط الحصينة في خط بارليف الذي زعموا أنه لا يعبر، وتم إزالته وجيشنا الباسل الآن في سيناء.
وسط هتافات الله اكبر قدم الجيش المصري بكل أفراده أروع أمثلة البطولة والفداء والتضحية في سبيل رفعه الوطن وكرامته.
لقد قرأت عشرات الكتب التي تروي عن قصص البطولة لجنود وضباط وأفراد من الشعب ضحوا بدمائهم الذكية وأرواحهم فداء لوطن نعشقه ونحمي عرينه، وصدق الرئيس السادات عندما قال اليوم أصبح للوطن درعا وسيف.
كل جبهات الشعب المصري تشابكت وتناغمت لترسم لوحة رائعة ومثيرة في إنكار الذات والتضحية والفداء في معركة سيظل يذكرها التاريخ إلى نهاية الحياة.
علينا أن نعلم أولادنا وأطفالنا في المدارس والجامعات دروس البطولة وكيف رويت أرضنا الطيبة الطاهرة بدماء شهدائنا لحماية الوطن أرضا وشعبا.
علينا أن نعلمهم أنه لولا نصر أكتوبر ما كان السلام وما عادت الأرض.
عليهم أن يفتخروا بجيشهم وبمصريتهم فقد أثبت حرب أكتوبر مدى براعة الجندي المصري، وقدرة قادته على التخطيط السليم للوصول إلى الهدف المنشود.
لقد عادت كامل أرضيينا اليوم، وأصبح التعمير في كل شبر من أرض سيناء في ظل جمهوريتنا الجديدة وهذا عبور أخر لا يقل شرفًا عن عبور 1973.
فبعد ثورة 30 يونيو كانت سيناء مرتع للإرهابيين والخونة، ولكنهم للأسف منا ويعيشون بيننا ويلتحفون بسمائنا، ولكنهم خانوا الوطن وغدوا بالمواطنين واستحلوا دمائهم.
فكانت معركة الجيش ضد الغدر والخيانة ومع عدو ليس معلوم لا يملك إلا الخسة والغدر من مصريين يعشون على أرضة ويلتحفون بسمائه وينعمون بأمنة ويسعون إلى تقويض الوطن ومحاربة أبنائه نصرا لجماعتهم وليس حبا في وطن يعيش فينا ونعيش فيه، وهم يدعون الفضيلة وهم خائنون إرهابيون، ولكن ببسالة الجيش والشرطة المصرية وتعاون أفراد الشعب المخلصين تحررت سيناء من رجسهم وخيانتهم.
وبدأنا معركة التعمير والبناء بإقامة شبكات من الطرق والمدن السكنية والصناعية والفندقية، هناك حياة تدب في كل شبر من أرضها.
اليوم فقط نترحم على شهدائنا بعدما نشاهد كل الخير على أرضنا الطيبة الطاهرة التي رويت بدماء أبنائها الأبرار.
رحم الله كل شهدائنا.. ومصر في تقدم ورقى بفضل الله ووحدتنا وتكاتفنا.
وتحيا مصر.. تحيا مصر.. تحيا مصر