الأحد 22 ديسمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

معركة المزرعة الصينية القبر التاريخي لإسرائيل في حرب أكتوبر.. طنطاوي حول الثغرة لفخ كبير.. وإسرائيلي: كنا طعاما للدبابات

حرب أكتوبر_ أرشيفية
سياسة
حرب أكتوبر_ أرشيفية
الأربعاء 05/أكتوبر/2022 - 11:49 م

يظل نصر السادس من أكتوبر نقطة مُضيئة في مسيرة التاريخ المصري الحديث، إذ تجسد تلك المناسبة الوطنية الخالدة صلابة رجال القوات المسلحة المصرية وتضحياتهم، حيث يقدمون أرواحهم ودمائهم دفاعا عن الوطن، لترتفع هامة كل من يسكن الأرض العربية، بعد أن تساقطت تحت أقدامهم أحجار خط بارليف، كأوراق الخريف.

 

معركة المزرعة الصينية.. بطولة مصرية حولت ليل العدو نهارا لتظل درسا قاسيا لإسرائيل

 

وتزامنا مع احتفالات الذكرى 49 لانتصارات حرب أكتوبر، كان من بين الانتصارات الاستراتيجية للحرب، معركة المزرعة الصينية التي نشبت بين القوات المصرية والإسرائيلية في 15 أكتوبر 1973 في الضفة الشرقية لقناة السويس، بعد أن أبلغت طائرات الاستطلاع الأمريكية إسرائيل بوجود فجوة في الجيش المصري في هذا الموقع، وشارك بالمعركة المشير الراحل محمد حسين طنطاوي القائد العام للقوات المسلحة، ووزير الدفاع والإنتاج الحربي الأسبق.

 

المزرعة الصينية قطعة أرض أجرت الحكومة المصرية عليها عدة اختبارات لاستزراع أراضي سيناء في الخمسينيات، يرجع سبب تسميتها بالمزرعة الصينية إلى أن المنطقة كانت في مزارع تجارب يابانية في سيناء، لكن عندما وجد الجنود الإسرائيليون أدوات ومعدات مكتوبا عليها باللغة اليابانية ظنوا أنها صينية ومن هنا أتى الأسم.

 

ووقعت المعركة التي شارك طنطاوي فيها برتبة مقدم، عندما قرر وقف إطلاق النار تمامًا لإغراء قوات العدو الإسرائيلي على التقدم عبر المنطقة الواقعة بين الجيش الثاني والجيش الثالث الميدانيين على الضفة الشرقية لقناة السويس، وبالفعل تقدمت القوات حتى أصبحت في مرمى نيران القوات المصرية، ولا يمكن أن تخطئها أي رصاصة حتى من بندقية صغيرة، ودافعت القوات المسلحة المصرية ببسالة عن الموقع على مدار ساعتين ونصف.

 

كتاب عيد الغفران.. صفحات إسرائيلية وثقت بسالة المصريين في حرب أكتوبر

 

وقال المشير طنطاوي قائد الكتيبة 16 مشاة في حرب أكتوبر، في فيديو نادر له، إن الكتيبة 16 مشاة كانت من أوائل الكتائب التي عبرت قناة السويس، بل هي عبرتها في توقيت قبل العبور بدفع عناصر اقتناص الدبابات، وكانت أحد العناصر التي رفعت علم مصر على الضفة الشرقية قبل عبور القوات الرئيسية.

 

ونقلًا عن كتاب “عيد الغفران” الذي ألفه الإسرائيليون عن المعركة، روى أنه على بعد بضعة كيلو مترات من القناة  كانت ما تزال المعركة دائرة حول المعركة الصينية، والمعركة الصينية موقع من المواقع الموجودة شرق الإسماعيلية، وعندما حل يوم 16 أكتوبر كانت المعركة ما تزال مستمرة، فقد تعثرت القوة الإسرائيلية التي بدأت منذ 48 ساعة تهاجم الموقع، ومنيت بخسائر فادحة، وعندئذ تقرر اللجوء لوحدات المشاة والمظليين للقضاء على التحصينات المضادة للدبابات الخاصة بالمصريين.

 

وأضاف طنطاوي خلال الفيديو، أن قائد القوات الإسرائيلية روى تفاصيل معركة المزرعة الصينية في الكتاب قائلا: لقد وضعوا أمامنا خريطة مقياس 1 إلى 100 ألف، وقالوا لنا هناك وحدة بجوار الشاطئ، إن التحصينات التي يملكها العدو المضادة للدبابات تحول بيننا وبين تعزيز قواتنا لمهمتها، ومهمتكم إذا هي تطهير هذه التحصينات بأسرع ما يمكن، وعندئذ تقدمت ليلا مع وحدات المظلات حتى بضع مئات من الأمتار صوب الهدف، غير أن وابلًا من الرصاص كان في استقبالنا، وهنا قال أحد ضباطنا حسنا إن هذا أمر جديد، كيف يمكن أن يكون هناك بين طابورين إسرائيليين وحدة مصرية، ولسوء الطالع اصطدم المظليون بمواقع مصرية محصنة مسلحة بـ 10مواقع للرشاشات ووحدتي دبابات وفصائل مشاة مزودة بصواريخ مضادة بالدبابات.

 

وأشار الإسرائيليون خلال كتاب عيد الغفران إلى أنه على مقربة من هذا الموقع، كان هناك موقع آخر ثم ثالث ثم رابع، واحتدمت المعركة طوال ساعات الليل، ولم تتمكن عناصر المظليين من الهجوم أو الانسحاب، واستمرت عملية إخلاء الجرحى طوال الليل، كما أن فرق الإغاثة تعرضت بدورها إلى خسائر فادحة، وعند الفجر كان لابد من إنقاذ ما يمكن إنقاذه من قوات المظليين بإرسال قوة مدرعة لإخلاء من تبقى على قيد الحياة.

 

المشير طنطاوي يروي كيف حولت الكتيبة 16 مشاة المزرعة الصينية إلى كابوسا للجيش الإسرائيلي

 

وعلى الجانب الآخر المصري، قَصَّ المشير طنطاوي لحظات ما قبل معركة المزرعة الصينية قائلا:  كان بقالي 48 ساعة مكنتش بنام وفي الساعة واحدة شعرت بالهدوء فقولت أنام شوية وبلغتهم أنهم يصحوني لو حصل أي شيء، ولم أكد أنم نصف ساعة وفوجئت بمن يوقظني ويبلغني أنهم يسمعون أزيز لطائرات الهليكوبتر، فتعاملت معه كموضوع سهل وبلغتهم يزودوا المراقبة ويبلغوا القيادة الأعلى، واستمريت في محاولة النوم.


وتابع: بعد ساعة أي في الساعة 2.30 صباحا، أبلغوني أنهم يرون في أجهزة الرؤية الليلية عناصر من القوات الإسرائيلية تحاول عبور حقول الألغام التي في المواجهة، وعلى الفور استيقظت وتيقنت أن هناك أعداد كبيرة من المشاة الإسرائيليين يحاولون عبور الثغرة باتجاه مواقع  الكتيبة، فأعطيت أوامرا لكل أسلحة الكتيبة والمدفعية والهاون وجميع الرشاشات حتى الأسلحة المضادة للطائرات، وجهتها في اتجاه الثغرة، وأمرت بعدم فتح النيران إلا بطلقة إشارة حمراء مني شخصيا، وحدث ذلك مع اقتراب العدو، وفتحت جميع أسلحة الكتيبة على القوات المظلية للعدو.

 

واستكمل: كانت معركة  المزرعة الصينية طوال ساعتين ونصف حتى بدا النهار، ومن حسن حظ القوات الإسرائيلية أن الضباب جعل تركيز النيران عليهم في الصباح ليس بالكفاءة الكافية، ما أمكنهم من سحب خسائرهم وبعض من تبقى على قيد الحياة، وكان همي في ذلك اليوم أن لا يعود منهم أي فرد من الموقع، وهذه من المعارك الكثيرة التي خاضتها الكتيبة من يوم العبور 6 أكتوبر حتى إيقاف إطلاق النار.

 

وعن بطولات الكتيبة 16 مشاة في حرب أكتوبر، قال المشير طنطاوي: يكفي الكتيبة فخرا أنها لم تتكبد خسائرا سوى شهيدا واحد، وهو عادل بصروس، ومن ضمن البطولات الكثيرة الشهيد نقيب محمد عبد العزيز، واستشهد على مدفع مضاد للدبابات بعد استشهاد طقم هذا المدفع، وكان هناك أحياء كثر أبطال ومنهم عبدالعزيز بسيون قائد سرية، لافتا إلى أنه لما كانت المعركة وهجوم الدبابات يوم 14 أكتوبر احتدمت أمامه، وسألته عن دبابات العدو، فرد معنديش وقت لعد الدبابات لأن أعدادها كبيرة جدا، فقررت معاونته بالمدفعية، ووجهته بعدم ترك دبابة تقترب لأنها هتخترق وتأتي خلف المواقع مباشرة فرد عليه  قائلًا "لا تخف يا فندم، لو مرت دبابة واحدة هتكون على جثتي وجثة 100 واحد معايا".

 

 

مؤرخ عسكري إسرائيلي: المزرعة الصينية كانت رمزا إلى مسار انهيار الجيش الإسرائيلى حتى اليوم

 

وعن هذه المعركة، قال موشيه دايان، وزير الدفاع الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، عقب زيارته للمزرعة الصينية يوم 17 أكتوبر برفقة الجنرال أرئيل شارون: لم أستطع إخفاء مشاعري عند مشاهدتي لها، فقد كانت مئات من العربات العسكرية المهشمة والمحترقة متناثرة في كل مكان، ومع اقترابنا من كل دبابة كان الأمل يراودني قي ألا أجد علامة الجيش الإسرائيلي عليها، وانقبض قلبي فقد كان هناك كثير من الدبابات الإسرائيلية. 

 

وحكى يوريك فارتا، أحد الجنود الإسرائيليين الذين نجوا من المعركة: أعتقد أنني وزملائي أرسلنا إلى هذه المعركة لنكون طعاما للدبابات.

 

وروى المؤرخ العسكري الإسرائيلي أورى ميليشطاين، الذي كان مرافقا للقوات المظلية الإسرائيلية في معركة المزرعة الصينية، عبر موقع كيبوريم، أنه لم تكن معركة المزرعة الصينية التي خاضتها الكتيبة 890 أشهر معركة في حرب يوم الغفران وربما في حروب إسرائيل عموما فحسب، بل هي المعركة التي تعتبر رمزا لحرب الغفران أكثر من أي معركة أخرى في تلك الحرب، ورمزا إلى مسار انهيار الجيش الإسرائيلى حتى اليوم: الفشل الاستخبارتي، والفشل العملياتي، والقصور النظري، والتقصير في بناء القوة، وإخفاء العيوب، وعدم استخراج العبر كانت أسطورة المزرعة الصينية هي الطريق الذي جرت عليه المسيرة المهنية لأمنون ليبكين شاحاك، وإسحاق مردخاي، لقد ساعدهم عدم الكشف عن أوجه القصور في المعركة كثيرا مثلما ساعد ذلك أيضا إيهود باراك.

تابع مواقعنا