الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

أثر حرب أكتوبر في الأدب والفن

السبت 08/أكتوبر/2022 - 02:48 م

بعد انتهاء حرب الخامس من يونيو 1967؛ تعرضت مصر لهزات عنيفة، حيث تم اقتطاع مساحات من الأرض العربية، من بينها: شبه جزيرة سيناء، والضفة الغربية لنهر الأردن، ومرتفعات الجولان السورية لصالح العدو العبري.

 ظهرت روايات ومجموعات قصصية ومسرحيات تسجل هذا الحدث، وتعلن عن رفضها التام لما وقع من هزيمة روّعت المواطن، وجعلته يختار طريق المقاومة، وبدأ الجيش يجهز نفسه لجولة قادمة من الحرب من خلال التدريب القاسي، وتحديث المعدات العسكرية، وتجنيد شامل للمؤهلات العليا.

ظُهر 6 أكتوبر 1973؛ عبرت القوات المسلحة المصرية العائق المائي، وتجاوزت خط بارليف المنيع ـ وقد قيل وقتها أن القنابل الذرية لا يمكنها هدمه، وركبّت الساتر الترابي الهائل في حرب تحررية عظيمة، تميزت بالسرعة والدهاء والمفاجأة (راجع خطة الخداع الاستراتيجي)؛ انعكس ذلك على الأدب المصري بشكل شديد الوضوح.

لقد تخلص الأدب من تلك النزعة التشاؤمية التي سادت الأوساط الثقافية طيلة ستة أعوام، حيث سادت العدمية والسوداوية، وظهرت بعد الحرب المجيدة كتابات عبرت عن وقائع النصر في القصة القصيرة، والرواية، والمسرح، والسينما، بل لقد امتد التأثير لفنون أخرى منها الأغنية المصرية، والموسيقى، ولوحات الفن التشكيلي، بمعنى أن النغمة الحزينة  المتأسية أخلت الساحة لنوع آخر من الكتابة، عكس تلك الروح الوطنية المتوثبة، وبِتنا نقرأ أعمالا تتناول بطولة وشهامة الجندي المصري، وقدرته على المنازلة، وقدرته على تطويع السلاح لتكبيد العدو الصهيوني خسائر فادحة. 

وظهرت أسماء المحاربين الأشداء ومنهم: الشهيد ابراهيم الرفاعي، الشهيد محمد زرد، الشهيد أحمد حمدي، والشهيد عاطف السادات وغيرهم كثير.

في مجال السرد؛ وجدنا تحولات في رصد المشهد، فكانت رواية "حكايات الغريب" لجمال الغيطاني، "الحرب في بر مصر" محمد يوسف القعيد، "موسم العنف الجميل" فؤاد قنديل، "الرصاصة لا تزال في جيبي" لإحسان عبدالقدوس وقد تحولت إلى فيلم، "دوي الصمت" علاء مصطفى، وبالتأكيد هناك كُتّاب آخرون قد كتبوا عن الحرب، وهو ما رصده الباحث عبدالمنعم أبوزيد في رسالة الدكتوراه بعنوان البناء الفني لرواية الحرب في مصر من سنة 1967 إلى 1995، والرسالة عن كلية الدراسات الإسلامية قسم الدراسات الأدبية، فرع الفيوم، جامعة القاهرة. 

وظهر جيل تالٍ سجل وقائع الحرب عن قرب، من بينهم: سمير عبدالفتاح، محمد عبدالله الهادي، أحمد ماضي في رواية  الممر، سمير الفيل في رواية رجال وشظايا، معصوم مرزوق رواية أشجار الصبار، ورأينا ذلك في مجموعات قصصة باهرة عند كتاب من أمثال: قاسم مسعد عليوة، فؤاد حجازي، محمد الراوي، وغيرهم.

 في ديوان الشعر؛ ظهرت أصوات قوية جسورة منها، الشعراء: درويش الأسيوطي، الدكتور نصار عبدالله، أحمد سويلم، عبدالعزيز موافي، وهو من المحاربين.

وعلى امتداد خريطة مصر الثقافية؛ علت أصوات جسورة لعدد من شعراء الفصحى: الدكتور عيد صالح، صلاح اللقاني، السيد الخميسي، أحمد فضل شبلول، مصطفى العايدي، ممدوح المتولي، وآخرين.

أما في شعر العامية، فإنني أتذكر: حجاج الباي، محمد العتر، إبراهيم الباني، محمد طعيمة، محمد عبدالقادر، أحمد سماحة، وتاج الدين محمد، وغيرهم كثير.

لا ننسى دور فرقة أولاد الأرض وكابتن غزالي، وفرقة أولاد البحر، وهي فرق جوالة كانت ترفع راية المقاومة رغم قلة إمكانياتها.

 شخصيا لا أنسى عطاء الملحن العظيم بليغ حمدي في سلسلة أغاني من بينها: باسم الله، وأنا على الربابة بغني، وأغلب أغنيات تلك الفترة لعبدالرحيم منصور والأبنودي. 

كما قدّم الموسيقار عمر خيرت مقطوعات موسيقية شديدة البهاء، وهو ما قدمه فنانون آخرون منهم محمد نوح: مدد.. مدد.. شدي حيلك يا بلد، علي إسماعيل رايحين.. شايلين في إيدنا سلاح، والشيخ إمام عيسى، وكمال الطويل. 

لقد كانت الأجواء مُهيأة لبعث حركة مسرحية عظيمة، وقد تابعت عرض حدث في أكتوبر، وقبلها في فترة حرب الاستنزاف قدمت مسرحية أغنية على الممر لعلي سالم، وربما هناك نقاد مسرح لديهم قائمة بالأعمال. 

أما الأفلام السينمائية فقد جاءت في أغلبها باهتة وفيها تكلف مثل: بدور، الرصاصة لا تزال في جيبي، الوفاء العظيم، وفي المقابل هناك أعمال أخرى اتسمت بالجدية، منها أفلام الطريق إلى إيلات، وثمة أعمال أخرى لم نتمكن من حصرها.

السؤال المُحدد الذي نود طرحه على نقاد الأدب: هل تركت حرب أكتوبر أثرا إيجابيا في الكتابات التي جاءت بعد الحدث للتعامل معه بوعي وجدية؟ 

إنه سؤال يحتاج إلى دراسات مستفيضة، وقراءات موسعة حول النصوص التي عالجت فكرة الحرب عامة، والمقاومة خصوصا، لاسيما أن الحرب كشفت عن المعدن الحقيقي للمقاتل المصري، وعائلته التي عانت شظف العيش من أجل إعداد البلاد للحرب، فقد كانت تختفي قطع الصابون والزيوت والسكر والكيروسين، والشعب يتحمل ويهز رأسه راضيا، لكونه ينتظر فرصة مواتية للثأر من عدوه التاريخي، وهو نفس ما قامت به مؤسسات القطاع العام التي ساهمت مساهمة جبارة في إقامة حائط الصواريخ فترة حرب الاستنزاف.

مع ثبات قواتنا بعد أحداث الثغرة، وقيام المقاومة الشعبية في السويس للتصدي لدبابات العدو ملتحمة مع منظمة سيناء العربية؛ تجلت بطولات سجلت في أعداد مهمة من مجلة الطليعة. 

يمكننا القول إنه بنشوب الحرب طويت صفحة الهزيمة وفتحت صفحة ناصعة دون فيها المحاربون سطور العزة والكرامة.

أتصور أن علينا أن نتيح أفلاما ومسرحيات لأطفالنا الصغار لتعريفهم بما حدث في هذه الحرب، وهو ما قمت به في سن 23 سنة عندما كتبت للأطفال مسرحية الأراجوز، التي أخرجتها المخرجة القديرة الأستاذة فاطمة المعدول لقصر ثقافة الطفل في جاردن سيتي.

في كل مدينة مصرية هناك كتاب ومخرجون وموسيقيون، لديهم هذا التوجه الوطني الحقيقي، والثراء الفني لجعل الشعلة مشتعلة فلا تنطفئ مهما كانت المشاكل والقلاقل وصعوبات الحياة.

تابع مواقعنا