مع السلامة يا وفاء.. حكاية الفصل الأخير في حياة شهيدة العلم والتعليم
ودع الجميع الطالبة وفاء أشرف هارون، بنت قرية شبرا النخلة التابعة لمركز بلبيس بمحافظة الشرقية، في مشهد تعجز الكلمات عن وصفه.
الفصل الأخير في حياة شهيدة العلم والتعليم
حضرت طابور الصباح وحيت العلم، سارت رفقة زميلاتها تجاه الفصل استعدادًا لبدء الحصص الدراسية، مضت الحصص الثلاث الأولى وانقضت فترة الفسحة، وحين بدأت الحصة الرابعة كان المشهد الأخير يسير ببطء.
أخرجت كشكول المادة وكذلك أخرجت القلم من شنطتها المدرسية، لكن للحظات دارت الدنيا في رأسها وطافت ما بين آخر خيوط الوعي، قبل أن تسقط ويظن الجميع أن نوبة إغماء أصابتها.
سقوطها كسر صمت الفصل ومن فيه، لتتبارى زميلاتها يحاولن إفاقتها دون جدى، وسط همهمات تعالت شيئًا فشيئًا حتى حضر المسؤولون بالمدرسة وتم استدعاء عربة الإسعاف.
حمل المسعفون الطفلة ذات الثلاثة عشر ربيعًا، في مشهد جذب العيون والأفئدة وكأنهم يودعون زميلتهم، في مشهد بدا غريبًا على الجميع لنحو الساعة؛ حين جاءت نتيجة فحص زميلتهم في أحد المستشفيات القريبة.
هبوط حاد في الدورة الدموية، كان ذاك توصيف ما جاء في التقرير الطبي الأولي، وحين أنزل طبيب المستشفى سماعته عن الطالبة ليُعلن للجميع رحيلها منذ سقطت في الفصل.
توفيت وفاء أشرف هارون، ورحلت عن عالمنا في يومها الثاني من الأسبوع الثاني من عامها الدراسي الجديد في الصف الثاني الإعدادي بمدرسة شبرا النخلة الإعدادية بنات التابعة لإدارة بلبيس التعليمية بمحافظة الشرقية، واتشحت القرية والمدرسة والجميع بلون الحزن.
بدلًا من عودة ابنتهم عقب انتهاء اليوم الدراسي ذهبت أسرة وفاء إلى المستشفى يسبقهم فؤادهم الذي كاد ينخلع لولا رباط الله، ووسط انتظار يفوق ثقل الجبال على القلوب انقضت إجراءات المعاينة والتقرير الطبي بشأن سبب الوفاة، وصدر التصريح بالدفن.
وقفت أقرب الأقربين على غُسل فقيدتها، وجاء الكفن وزُفت البريئة إلى قريتها كعروس الجنة، ووصل الجثمان قبل دقائق من رفع آذان العصر، وحين فرغ المصلين من صلاتهم اصطف الجميع داخل وخارج مسجد الشيخ محمد العراقي المعروف في قرية شبرا النخلة مسقط رأس الأسرة، يؤدون ركعات صلاة الجنازة الأربع، وفي الثالثة تمتمت الأفواه ونطقت الألسنة بآلاف الدعوات للمتوفاة، وحين قُضيت الصلاة حُمل النعش وسار المشيعون إلى القبر المعلوم لأسرة الطفلة، وهناك انتهت مراسم الدفن، وما بين الوفاة والتشييع نعت مديرية التربية والتعليم الطالبة وفاء أشرف هارون، ووصفتها بـ شهيدة العلم والتعليم.