المخرج محمد عبد العزيز: الإضحاك آخر ما يهمني في الأعمال الكوميدية.. وندمت على رفضي دخول كريم مجال الفن | حوار
عنوانه الالتزام والانضباط ودستوره الاحترام وشغفه الفن، تلك نقاط سار على نهجها المخرج الكبير محمد عبد العزيز طوال مسيرته الفنية التي أثمرت ما يزيد عن 80 عملا فنيا، وتوجت مؤخرًا في تكريمه من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط بدورته الـ 38، كما تخرج على يديه المئات من الطلاب، وحرص عدد منهم على التواجد بندوة تكريمه خلال فعاليات المهرجان، وكانت أشبه بمظاهرة حب يلقي كل منهم كلمات الشكر والتقدير لما قدمه لهم المخرج محمد عبد العزيز.
وأجرى القاهرة 24، حوارًا مع المخرج محمد عبد العزيز على هامش فعاليات المهرجان، وإليكم نص الحوار:
كيف رأيت مظاهرة الحب من تلاميذك وأصدقائك في ندوة تكريمك بالمهرجان؟
كنت في منتهى السعادة؛ لأن الندوة توجت تكريمي بالمهرجان وفوجئت بتواجد العديد من خريجي المعهد الذين درست لهم على مدار سنوات طويلة، وقالوا كلمات أخجلتني كثيرًا، ولم أستطع الرد عليهم بالشكل الكاف من كثرة الكلمات المفعمة بالمحبة والصادرة من القلب، فكان اليوم جميل بالنسبة لي.
قلت في الندوة إن الإضحاك آخر ما يهمك في العمل الكوميدي.. كيف لا تعتمد على الإضحاك في الأعمال الكوميدية؟
نعم، الإضحاك آخر ما يهمني في الأعمال الكوميديا، حيث يعتقد البعض أن الكوميديا تعني الإضحاك والتسلية ونسيان الهموم والترفيه، ولكن مضمون الكوميديا أعمق من تلك الأمور، أنا أقوم بتدريس مفهوم الكوميديا على مدار 57 عاما، وأحرص على زرع المفاهيم الصحيحة وأنصحهم بألا ينساقوا وراء ضرورة الإضحاك، لأن الضحك يأتي بشكل تلقائي نتيجة متناقضات وتعرية سلوكيات بعض المواطنين الذين خرجوا عن العرف في المجتمع، حيث تقوم الكوميديا بتعريتهم وتوقيع عقوبة السخرية عليهم، كما أن هدف الكوميديا هو الإصلاح مما أعوج في سلوكيات الناس في المجتمع أو محاولة كسر تقاليد تتحكم في الناس بشكل كبير، وتتصدى الكوميديا لذلك الأمر بجرأة شديدة جدًا، فالكوميديا لها هدف كبير وأعمق من إني أضحك الجمهور فقط فهي تحمل جوهر الرسالة الدرامية، والبعض يُمثل الكوميديا في الخروج عن النص أو ارتداء ملابس غريبة أو تغيير ملامح الوجه، فتلك الأشياء مظاهر مادية بحتة، ويتم نسيان الكوميديا الناتجة عن تلك العناصر بسرعة.
هل ترى أن تكريمك من مهرجان الإسكندرية جاء متأخرًا؟
لا، كله بأوان الله، وسعيد بذلك التكريم جدًا، فهو ثاني تكريماتي، كما أنني مرتبط ارتباطا شديدا بمهرجان الإسكندرية.
ما تقييمك لقائمة أفضل 100 فيلم كوميدي الصادرة عن استفتاء جمعية الكتاب ونقاد السينما؟
تابعتها وغير راضٍ عنها، فهناك العديد من الأفلام ظُلمت ولم يتم إدراجها في تلك القائمة حتى أنهم أدرجوا أفلاما تلفزيونية، وتم تجاهل العديد من المخرجين الكبار، كما أن ذلك التقرير تم صُنعه على عجالة شديدة، ولديّ العديد من الأفلام التي تجاهلوها تمامًا، ومنها فيلم دقة قلب وفيلم عالم عيال عيال.
بما أن الدورة الـ 38 من المهرجان حملت شعار اضحك للسينما.. كيف ترى الكوميديا في السينما المصرية حاليًا خاصةً بعد سحب أحد الأفلام من السينما بعد أسبوع من عرضه؟
لا تمت للكوميديا بصلة، ما نراه هو شغل تجار وأناس يريدون فقط تجميع الأموال، فهي كوميديا ليس لها أي قيمة ولا تأثير في تاريخ السينما المصرية العريقة ويتم نسيانها بسرعة.
ما الذي حرصت عليه عندما تُدرس لطلاب المعهد؟
احترام المهنة والالتزام الدقيق في المواعيد واحترامها والتواضع، كما أن المعهد يعطي فقط الدراسة الكافية ولكن المجهود الأكبر هو الخروج لسوق العمل واكتساب الخبرات العملية، وذلك الأمر يجعل هناك فوارق بين اسم فنان وآخر، مثلما أُخرج للسينما المصرية اسم شريف عرفة وداود عبد السيد وعاطف الطيب ومحمد ياسين.
لمَ حرصت على تدريس مادة مساعد مخرج؟
لأن خريجي قسم الإخراج لا يعملون بشكل مباشر كمخرجين فور خروجهم لسوق العمل، حيث إن الحياة تعطي للخريج مخزونا كبيرا من المواقف والأزمات والشخصيات ومناخ المجتمع، فتلك العناصر يقوم المخرج باختزانها وتُشكل رؤيته لموضوعات يخرجها فيما بعد، وبالتالي لابد من اكتساب خبرات ومهارات من خلال عمله كمساعد مخرج، لذا اهتممت بتدريس تلك المادة.
عملت مع الزعيم عادل إمام 18 فيلمًا.. ما الذي لمسته به جعلك تعمل معه هذا الكم من الأعمال؟
كانت هناك بيننا كيميا شديدة، وبدأنا من الصفر سويًا وعندما وقف عادل إمام أول مرة أمام الكاميرا كانت أمامي أثناء تحسسي لطريقي، فالنجاح صنعناه سويًا خطوة بخطوة ومع كل نجاح لأحد الأفلام نزداد إصرارًا وفرحةً باستكمال المشوار سويًا، وكانت الرحلة عظيمة.
لمَ لم تعملا سويًا بعد فيلم حنفي الأبهة؟
توجهت حينها للمسرح والتلفزيون، وسار هو أيضًا في طريق آخر مع مخرجين آخرين ومن ثم للتلفزيون، ولكن الرصيد الذي صنعناه سويًا أفخر به كثيرًا.
هل ما زالتم على تواصل إلى الآن؟
بالطبع.
كيف رأيت الأنباء التي تم تداولها بشأن إصابته بالزهايمر؟
شيء سخيف، وسبق وأطلقوا تلك الشائعات على الفنان الراحل حسن حسني وفريد شوقي ومحمود ياسين، وهناك أناس يستغلون مواقع التواصل الاجتماعي بطريقة حقيرة، فهم مجردون من الأخلاق ولابد من وجود وقفة من المجلس الأعلى للإعلام لتنظيم ما يتم نشره بالإعلام.
لمَ كنت أبا صارما مع نجلك كريم؟
حتى يُدرك قيمة وأهمية الالتزام بالمواعيد وحب المهنة واحترامها، فالالتزام هو دستور عمل السينما.
كيف ترى نجاحه اليوم وهو متصدر شباك التذاكر ومازال فيلمه كيرة والجن يُعرض بالسينما ويحقق أعلى إيرادات في السينما المصرية؟
سعيد جدًا بنجاحه، وأرى نتيجة تربيتي له وتدريسي، حيث إنني حرصت على تثقيفه وإعطائه العديد من الكتب لتفتح مداركه، والحقيقة أنه شرفني وأصبح شخصية جديرة بالاهتمام، فهو معطاء للفن واحتَرمه الجمهور والنقد.
هل ندمت على قرار رفضك دخوله مجال الفن؟
بالطبع ندمت، ولكن كان قراري بناءً على خوفي عليه، وفي نهاية المطاف استطاع أن يثبت استحقاقه لأي شيء يصل إليه الآن.
أتمانع في دخول أحفادك مجال الفن؟
لا أمانع في دخولهم مجال الفن وسأشجعهم على ذلك إذا فضلوا الدخول به، ولديّ حفيدتي ملك ابنة كريم ولكنها مهتمة بالمجال الرياضي، ولديّ أيضًا حفيدتين مليكة وتاليا وهما صغار بعد.
ما النصيحة التي توجهها له حاليًا؟
أن يستمر في الالتزام واحترام المهنة.
مَن الذي تراه خليفتك أو يسير على نفس نهجك؟
لا أعتقد بأن هناك خليفة لي من الجيل الحالي.
أخيرًا.. لو لم تكن مخرجًا.. ما المهنة التي تحب أن تمتهنها؟
أحب أن أكون طيارا وأسافر العالم كله، وأن أكون كل يوم في بلد مختلف، فأنا أحب المشهد الذي أراه من شباك الطائرة أثناء الصعود والهبوط، وأحب عالم الطيران والسياحة.
