رسالة إلى دولة العدالة
عمدّت ألا أتحدث عن انتخابات مجلس النواب بدائرة العمرانية 2020، بعد انتهاء الفصل التشريعي الأول. فقط أظهرت ما أملكه من مستندات وسلكت طريق العدالة، يقينا عندي بأنه الطريق الأوحد والأجدى، ولكن لم يكن في مخيلتي أنه سوف يطول هكذا، بشكل قد يجعل السير فيه يبدو وكأنه مضيعة للوقت.
ولمَن لا يعلم أو فاته ما حدث، فقد شهد إعلان نتيجة انتخابات مجلس النواب في دائرة العمرانية والطالبية تساؤلات كثيرة عن تعداد فرز الأصوات وتباين بين ما هو مُعلن وما هو معلوم من مستندات، وعليه أقمنا طعنا على النتيجة مرفقا بنتائج الفرز التي لدينا والموثقة، ولكن مضى حتى الآن ما يزيد على عامين، ولا نزال ندور في دوامة التأجيل.
دارت تلك الخواطر في ذهني، مع حديث الرئيس السيسي عن الحوار الوطني وضرورة الانفتاح التام على كافة التيارات السياسية. وقد سبق ذلك حديث خلال ملتقى شباب العالم عن العملية الديمقراطية وضرورة أن يُمثل صوت الشعب.
ما تفضل به الرئيس هو لبّ العملية الديمقراطية، ولكن في المقابل هناك طعن تداوله محكمة النقض على نتيجة انتخابات مجلس نواب لم يبت فيه بعد عامين، وتمتنع الهيئة الوطنية للانتخابات عن تسليم المحكمة أوراق الفرز.
لدينا تحفظات كأفراد وكحزب "المصري الديمقراطي"، على نتيجة الانتخابات المعلنة في أكتوبر 2020، تم صياغتها في الاتجاه القانوني ونُظرت أمام محكمة النقض، إلا أن هناك ظاهرة غريبة من نوعها وهي امتناع الجهة الإدارية "الهيئة الوطنية للانتخابات" عن الرد على طلبات المحكمة وإرسال نتائج الاقتراع حتى تعيد المحكمة حصرها وتظهر الحق.
فأهم قاعدة بمفهوم العدالة هي أن أي شخص يواجه مشكلة يمكنه اللجوء الى القضاء حتى يقيم كلمة العدل، أما العدالة المعطلة ـ في حالتنا الامتناع عن تسليم المحكمة المستندات المطلوب لتبيان الحقيقة، فهو أمر ينسف مفهوم العدالة ويضربها في مقتل تماما بل يعد "نكول" طبقا للتعريف القانوني.
الشعب هو مصدر الاختيار وعليه فلا بد من إزالة الغمامة عن الأمور التي تجعل هذا الشعب لا يثق في أن اختياراته سوف يتم تطبيقها، وحديثي في هذا الأمر ليس لمجرد حق لي أو للحزب ـوإن كان ليس عيباـ ولكن هو في الأساس حق للناخب حتى يتيقن ما إذا كانت إرادته نافذة أم لا.
لا أجزم بأن ما تضمنه الطعن على الانتخابات هو الحقيقة، وليس لدي يقين بأن ما عند الوطنية للانتخابات من مستندات يتلاقى مع المستندات التي لدي، ولذلك فالحل الوحيد يكمن في تقديم الهيئة الوطنية لأوراق الفرز إلى المحكمة، حتى تستطيع المحكمة أن تحدد للعدالة مجرى.
بقول جان جاك روسو إن رصيد الديمقراطية الحقيقي ليس في صناديق الانتخابات فحسب، بل في وعي الناس، أما نحن في هذه الحالة فليس لدينا يقين من ما أتت به الصناديق، فكيف يستقيم الوعي؟
فقد مرت أعوام مع رفض الهيئة الوطنية للانتخابات أن تقدم ما لديها حتى تعيد المحكمة فرزها وتظهر الحقيقة، وهناك مرشحون قد حصلوا على عضوية البرلمان “قد يكون دون حق وقد يكون لهم”.
لا نجزم بأننا أصحاب الحقوق وإن دلّت عليه ما نملكه من مستندات وإنما نجزم بأن الحقيقة حتى الآن غائبة ونهيب بكم ألا تضيع، كما أننا لا نطلب المستحيل فالأمر سهل للغاية ويكمن أن تسلم الهيئة الوطنية للانتخابات أوراق الاقتراع للمحكمة أو أن تحكم المحكمة بما لديها من أوراق.