الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

لماذا لا يحاكم عامل النظافة السوشيالزم؟

الأربعاء 26/أكتوبر/2022 - 05:51 م

سؤال يفرضه تكشُّفُ حقيقة هذا الملاك الوديع من النوع المألوف السوشيالزم المخضرم، الذي أجاد التسويق والترويج لنفسه بشكل فشلت فيه مواقع وقنوات كبرى، واستغفل شعبًا بأكمله بسلاح التعاطف والطيبة في حُمَّى الركض المُنتزِع لسجيتهم النابعة من طيبةٍ نفسيةٍ وسطحيةٍ معلوماتيةٍ، فهو لم يرتكب جريمة شخصية، بل سلسلة جرائم متفرعة بقدر تشعُّب تخطيطه المحبوك حبكة درامية موضوعة بدقة، ومنفذة بإتقان، ومُسوَّقة بحنكة.

جرائم مجتمعية وأخلاقية واقتصادية، وأخيرًا مخدراتية، ارتكبها ذلك الوجه المستوجب للشفقة، والمفصول من عمله منذ أكثر من سنة، بإقرار رئيس هيئة النظافة والتجميل بالجيزة، فانتحل صفة غير صفته، وقدم رئيس الهيئة توصيفًا دقيقًا لهذا الكائن في سبب فصله عن العمل، وهو أن سلوكه غير منضبط، وصدر منه أكثر من موقف سيئ، ورغم أنه لم يفسر "الموقف السيئ"، إلا أن صديقه أخبرنا، على سبيل المثال لا الحصر، بأنه يتعاطى الممنوعات.
 

عامل النظافة 


كما أن هذا الغلبان المظلوم المُتنمَّر عليه ارتكب جريمة اقتصادية برمي بلاه على مطعم شهير كان يعطف عليه بشهادة صديقه، ولم يتحرك داخله أي وازع للضرر الفادح الذي سيسببه للمطعم بتلطيخ سمعته.
كما لم تتحرك في دخيلته أي نوازع أو حتى هبابة بأنه يستخف بعقول ومشاعر 104 ملايين؛ ليقتلع مشاعر التعاطف مع أي حالة إنسانية، وهي جريمة أخلاقية مجتمعية تستوجب أقسى وأقصى العقاب.
وحتى تتضح لك الرؤية، أخرِج نفسك من الكدر، وتابع هذه الزوبعة التي أحدثَها ذلك الكائن اللزج وأنت خارج مصر، تحاصرك نظرات وكلمات السخرية من سذاجة المصريين، ولا يمكن الإفلات من ملاحقات أسئلتهم: كيف استطاع أن يخدع شعبًا كاملًا؟ وإن وجدت طوق نجاة بإجابة أن أبناء وطنك طيبون، وتَعاطَفوا معه، فحتمًا لن تنجو من فخ السؤال المنطقي التالي: وماذا ستفعلون معه؟ هل سيُعاقَب؟ وقتها ستدرك فداحة ما ارتكبه، وما أوصلك إليه.
لا تلُمهم، فلو كنتَ مكانهم لوجدتَ في الموضوع مادة ثرية للتندر والفكاهة، ولكنك للأسف تتجرع حسرتها في نفسك وأنت تتساءل: كيف يمكن لشاب أن يستغل وجهَه "البريء" المطلي بملامح غلبانية صعبانية في خداع الجميع، فيسوق وراءه الإعلام والسوشيال الميديا، وحتى بعض نجوم المجتمع والمحامين الكبار؟!
وقتها ستطالب برد اعتبار لك ولكل مصري مما فعله هذا الكائن الطفيلي، الذي تسلق أسوار الثوابت الأخلاقية والمجتمعية والإعلامية؛ لتحقيق مكاسب غير عابئ بتوابعها الجسيمة؛ لذا لا بد أن تُسقِطه هذه الثوابت على وجهه المُقنَّع بالبؤس المُقعَّر، وتردم عليه؛ لتردعه عن المساس بحرمتها. فإن كانت هذه الثوابت تعنينا بحق في شيء، فلا بد أن يكون العقاب على أقل تقدير مساويًا لرد الفعل في المقدار ومضادًّا له في الاتجاه.
أما إذا مرَّرنا هذا الأمر كغيره من التمريرات الكثيرة التي نتعامى عنها، فإننا نرتكب جريمة بحق المجتمع، فمَن أمن العقاب أساء الأدب، ومثل هذا التصرف إذا كان مصيره كعادتنا التهاون، فلا نلومنَّ العالم أجمع إذا جعلنا مثارًا للسخرية بعد تلك الشبورات الكثيفة التي غشيت كل وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي.
حاكموه لتعيدوا احترام العالم لنا.. حاكموه لتُثبِّتوا أركان دعائم المجتمع.. حاكموه لتمنعوا أي تافه من اللعب بعقولنا ومشاعرنا.
وليت الدكتور سمير صبري، الذي تقدم ببلاغ للنائب العام لمحاكمة المطعم، ليته بعد تحوُّل القضية 180 درجة، يجيبنا عن هذا السؤال: هل سنرى حماسته وتعاطفه في الاتجاه المعاكس الصحيح؟
وما رأيه في شهادة خضر، صاحب عامل النظافة، الذي أكد أنه تم فصله بسبب تعاطيه الممنوعات، وأنه تم خصم شهر من مستحقاته بسبب رفضه تسليم بدلة النظافة الخاصة به؛ لاستخدامها في أغراض أخرى؟
وما قوله في شهادته بأن هناك 60 عامل نظافة في منطقة الدقي يأخذون وجبات يوميًّا بالمجان من هذا المحل؟
وما تصوراته المحورية الأيديولوجية الديناميكية الاستاتيكية حول ما كتبه الفنان إدوارد بأنه أراد استضافته في برنامج "القاهرة اليوم"، ومنحه هدية ألف جنيه، والباشمهندس رفض، وطلب مبلغًا ماليًّا أكبر؟
وما نشره أحد مستخدمي السوشيال بأنه تواصل معاه "علشان يطلع في حلقة في قناة، وقال له أنا  عندي مدير أعمال وباخد فلوس علشان أطلع في أي لقاء والمكالمة معايا"؟
المرجح أننا لن نجد ردًّا عمليًّا، ولا حتى شفويًّا؛ لأن هذا الحمَل الوديع ببساطة صار نجمًا، وله مدير أعمال، والمكالمة معه بفلوس.
وكما نظرتم إليه عطفًا، حوِّلوا زاوية الرؤية 180 درجة أيضًا، لتروا حقيقة نفسية ذلك النجم التي تتاجر بالمسكنة، وتدوس على أبرياء لتحقيق هدفها، حتى إذا تحققت الشهرة، تعالت على كل من مد يده إحسانًا. ولنفترض أن المطعم تنمر عليه، فما مدى جرمه قياسًا ببشاعة جرائمه هو؟ خاصة أنه نظام موجود في أماكن كثيرة؟
لذا سيبقى سؤالنا الشارد عن إجابة له: هل يمكن محاكمة المدعي بأنه عامل نظافة من باب انتحال صفة وتناول ممنوعات على أقل تقدير؟ وأظنه سيبقى إلى أبد الدهر.

تابع مواقعنا