عيد أهل السويس
السويس بلد الصمود والأبطال في عيدها القومي يقف القلم عاجزًا وصفها وعشقنا لها، فمن أين نبدأ؟ وهل من الممكن في مقال كلماته محدودة يصف تلك المدينة الباسلة. فهي بلد التحدي والعراقة، والتي تتميز بشهرة واسعة فلا يوجد نظير لها بين بلدان العالم، فمن في الكون لم يتمنَّ أن يأتي إلى السويس لمشاهدة معالمها وأرضها وشعبها، فهي التاريخ والجغرافيا، هي الحضارة والعراقة، هي من ساعدت على نشأة الاقتصاد العالمي.
السويس التي تقع على رأس خليج السويس وهي أكبر المدن المصرية المطلة على البحر الأحمر، وسميت قناة السويس على اسم المدينة الباسلة.
ويرجع تاريخ مدينة السويس إلى عام 1958 عندما انحسرت مياه الخليج نحو الجنوب، وانفصلت البحيرات المرة عن الخليج؛ فنشأ ميناء البحر الأحمر الجديد الذي يسمى "كليزما" في العصر الروماني، وتم تحريف هذا الاسم بلغة العرب إلى القلزم، وفي القرن العاشر الميلادي نشأت ضاحية جديدة جنوب القلزم سميت بالسويس، وأضحت ميناء مصر على البحر الأحمر. وبدأت نهضة السويس منذ ذلك الحين، وتم إنشاء مدينة "بورتوفيق" وأعقب ذلك توسيع الحوض لتستقبل السفن القادمة من الشرق الأقصى وأنشئت أحواض لإصلاح السفن.
وفي الوقت الحاضر ازدادت أهمية قناة السويس؛ حيث نشهد نهضة حقيقة خاصة بعد إنشاء العديد من الصناعات المهمة، ولاسيما صناعات تكرير النفط ومشتقاته، وبذلك تعود المدينة لتؤدي دورًا جديدًا في تاريخها؛ فهي ليست قلعة مصر عند قمة خليج السويس فحسب، ولا هي مدينة لعبور السفن فقط؛ بل هي مدينة تشرف على الصناعات النفطية، وأصبحت دارًا للصناعات، بل يمكن أن نطلق عليها عاصمة الصناعة في مصر، خاصة بعد القفزة القوية التي حدثت عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد عام 2014، وكان الإنجاز القومي الأول هو توسيع قناة السويس وإقامة المستودعات اللوجستية علي ضفاف القناة.
وهذه الأيام تحتفل مدينة السويس بعيدها الوطني، حيث يعد يوم (24) أكتوبر عيدًا حقيقيًا لجميع شعب السويس بجميع أطيافه، لإحياء ذكرى بسالة وقدرة شعب السويس في المقاومة الشعبية في صدّ العدوان الإسرائيلي على المدينة في حرب أكتوبر 1973.
فلنتخيل أعزائي القُرّاء الصورة التي كانت عليها مدينة السويس في أثناء حرب أكتوبر، فلقد حققت القوات المسلحة المصرية نصرًا ساحقًا على العدو الصهيوني في الأيام الأولى من المعركة، وعند توقيع جميع دول العالم اتفاقية فض الاشتباك؛ سارعت الولايات المتحدة الأمريكية بدعم العدو الإسرائيلي عسكريًا، فتمكن - أي العدو- من عبور قناة السويس، وحاول حصار مدينة الإسماعيلية، وفشل في ذلك، فتوجه إلى مدينة السويس للسيطرة عليها، فأصبح شعب السويس الأعزل وجهًا لوجه مع القوات الإسرائيلية بكافة أدواتها العسكرية، ومن هنا بدأت القيادة والتضحيات الغالية من أهالي السويس، وبالتكاتف مع قواتنا المسلحة استطاع أهالي السويس بإرادة بالغة تحدّث عنها القاصي والداني بالانتصار الساحق على العدو الذي انسحب من المعركة تاركًا معداته العسكرية وفرّ هاربًا.
الحقيقة ودون مواربة، إننا نفخر ونعتز بشعب السويس العظيم والمشرّف، والذي يعد نموذجًا للفداء والتضحية والصمود.