رحلة إنسانية بـ أطراف صناعية.. قصة مسعف ليبي تحدى القصف لـ إنقاذ المصابين بطرابلس
قبل أن يُسرع بجسده لإنقاذ مصاب ما، كانت قدماه تسبقه إليه، فكان يعلم أن مهنته رسالة إنسانية قد تكلفه حياته كلها أو جُزءًا من جسده، وهو ما حدث مع ناصر ضو العلواني، رئيس قسم الإسعاف والطوارئ بالطب الميداني الليبي، حيث روى لـ القاهرة 24، كيف استمرت رحلته في نشر الرسالة الإنسانية، رغم بتر قدميه الاثنين أثناء تأدية عمله الإنساني، ولا يزال متمسكًا به حتى الآن؟.
الاشتباكات الأهلية في طرابلس
في رمضان 2019، كان ناصر العلواني؛ يستعد للإفطار مع زملائه من هيئة الإسعاف، وقبل الآذان بدقائق؛ جاءه اتصالًا كان هو الفارق في حياته، حيث كان هناك أُناس يصرخون في المكالمة؛ طلبًا للمساعدة والنجدة، في ظل اشتباكات أهلية في طرابلس بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات المرتزقة، وسرعان ما كانت قدميه مُسرعة عن جسده لإلحاقهم، برغم نصيحة أصدقائه بأن يفطُر أولًا قبل الذهاب.
لم يكترث العلواني لحديث أصدقائه، وهرع إلى سيارة الإسعاف، ومعه اثنان من زملائه إلى الوجهة المقصودة، ورغم نجاحهم في دخول المنطقة بسلام، ومحاولة نقل المصابين إلى السيارة؛ تم استهدافها بمن فيها، وتمكّن زملائه من الفرار، إلا أن القدر لم يسعف علواني بالفرار.
واستهدف صاروخًا حراريًا منطقة علواني السفلية، وبدلًا من الذهاب إلى المشفى حاملًا المصابين، كان هو من بينهم.. لا يعرف ماذا حدث أو كيف؟، لكنه استيقظ على بتر قدميه اليمنى واليسرى بالكامل، وجعلته طريحًا للفراش.
ورغم معاناة العلواني على مدار 3 سنوات؛ استطاع أن يصنع منها عزيمة وإرادة ولّدت له تحديًا قويًا، ليواكب حياته في نفس مهنته، حيث حملت قدميه آلاف الأطفال والشيوخ حتى وصل بهم إلى بر الأمان، وتسارعت خطوات أقدامه لإنقاذ الكثير من العائلات الليبية، ولذلك كان هذا السبب الذي لم يدفعه للتخلي عن مهنته الإنسانية حتى الآن، حيث تمكّن من تركيب أطراف صناعية كاملة؛ جعلته قادرًا على الحركة من جديد، وحسنّت من حالته النفسية والجسدية أقوى من أي وقت مضى.