بُندقة المقاهي تتحدى خوفها بالعقيق والزمرد.. فتاة تتجول لبيع مشغولاتها اليدوية في وسط البلد
حالة مختلفة عن غيرها وغير شبيهة بمن حولها.. صنعتها أمنية يوسف أو مثلما يُشار إليها وسط المقاهي بـ «بندقة»، والتي عُرفت بمظهرها اللافت للنظر وطريقتها المختلفة في بيع مشغولاتها اليدوية التي لم تتطرق لبيعهم سوى في مقاهي وسط البلد.. فبعد أن تنتهي من عملك وتذهب لتحتسي كوب القهوة مع الأصدقاء؛ تظهر بندقة بفستان أنيق.. واضعة على وجهها أغلى أنواع مساحيق التجميل.. مُرتبة تسريحة لشعرها تشعر للوهلة الأولى، وكأنها صُنعت للذهاب لمقابلة عمل، لكنها في الواقع تجوب حول زبائن القهوة، لعرض مشغولاتها التي صنعتها بكل حُب بمساعدة والدتها.
بندقة فتاة تعمل حول مقاهي وسط البلد
تخرجت أمنية البالغة من العمر 33 عامًا، من معهد نظم ومعلومات، وكانت مُتفوقة بين أصدقائها إلى أن أصبحت الثانية على دُفعتها، حسبما روت قصتها لـ القاهرة 24، وبعد التخرج؛ وجدت نفسها غير مُحبة للعمل في الشركات أو حتى بشهادتها، فظلت تعيش حياتها كيفما يحلو لها، إلى أن شعرت باكتئاب شديد وملل ليس له نهاية بسبب تهميشها، كما كانت تُوبخ من كل المحيطين بها، قائلين: انتي حيطة سد ومش هتنجحي في شيء وملكيش مستقبل.
تلك الكلمات كان لها وقع سيء في نفس أمنية أو بندقة، مثلما تحب أن يُنادى عليها، فكانت تسأل نفسها إلى أن وصلت لسن الـ 25 عامًا، ما أهمية وجودها في الحياة؟ وما هو الهدف الذي تسعى لأجله؟.. حتى خرجت والدتها لترشدها للإجابة عن تلك الأسئلة، حيث اشترطت عليها، ضرورة أن تتعلم شيئًا، وتبدأ في الخروج إلى الناس، التي كانت تهابهم فيما مضى، حتى أنها لم تكن تجرؤ على فتح باب منزلها لحارس العقار التي تقطن به من شدة خوفها، نظرًا لأن الناس بالنسبة إليها؛ مُتعلقين بالأذى؛ حسب وصفها.
شجّعت الأم ابنتها للخروج من المنزل، وألا تكون حبيسة، وتظل وحيدة طيلة عمرها، إلى أن اقترحت عليها أن تأتي بالعقيق والزمرد؛ الذي يُباع في المتاجر العادية، وتصنع بنفسها مشغولات يدوية، وذلك على غرار الأم التي تمتلك تلك الموهبة؛ منذ أن كانت في الثامنة من عمرها.
بدأت بندقة برأس مال يبلغ 3 آلاف جنيه، واستعانت بوالدتها في الصنع اليدوي، وعندما اختارت مكانًا لتبيع منتجاتها، كانت المقاهي هي الاختيار الأمثل لها، نظرًا لأنها تُعرف في وسط البلد منذ أن كان عمرها 20 عاما.. لذا إذا تعرضت لأي أذى؛ ستجد من يلحق بها ويحميها.
خوف من الفشل يكلل بنجاح
بكت أمنية في العام الأول من مشروعها الصغير، التي بدأت به على أرصفة المقاهي، ظنًا منها أنها فاشلة ولن تنجح في شيء كما كان يُقال لها، ولكن والدتها كانت الدافع الأول لها في شد أذرها كلما تعثرت، حتى أصبحت تلفت نظر الآخرين إليها وإلى منتجاتها المصنوعة بتصميماتها الشخصية البراقة، حتى أنهم بدأوا بالتهافت عليها لشراء مشغولاتها.
بُندقة لم تستسلم رغم أنها تعرضت للعديد من المواقف المحرجة، وواصلت عملها بجسارة دون بكاء، رغم عملها في مكان يسهل عليها التعرض لكل أنواع الأذى، لكن ما حدث معها عكس ذلك تمامًا، فـ الرجال والنساء يحترمونها كثيرًا، وتستطيع بأسلوبها أن تضع حُدودًا لمن حولها، فلا يهمها شيئًا سوى العمل.
وحرصت بُندقة أيضًا خلال عملها على الظهور بمظهر لائق وجذاب، حتى تجذب من حولها؛ كونها امرأة تُحب عملها، والاهتمام به يأتي من مظهرها اللائق، فعندما يراها الناس بهيئتها؛ يتأكدون أن مُنتجاتها تُشبه مظهرها، حتى أنهم يسألونها من أين تأتي بـ فساتينها أو مساحيق التجميل التي تُزين بها وجهها.
تبدأ بُندقة جولتها في المساء بعد السادسة، حيث الوقت الذي ينتهي فيه الموظفين والطلاب من مهامهم اليومية، وتبدأ رحلتها بين مقاهي وسط البلد، إلا أن أصعب الأوقات التي تعاني خلالها من قِلة البيع، هو أثناء عرض المباريات الهامة.
«الشغل الحلال ميعبش ولد ولا بنت، وأنا مش بعمل حاجة حرام، ومليش دعوة بكلام الناس.. اللي فاكر عشان بشتغل عند القهوة؛ ابقى مش كويسة!».. بهذه العبارة ردت بُندقة حول ما إذا كانت تتعرض لـ مضايقات، كونها فتاة لا يُحبذ أن تعمل حول المقاهي ليلًا.
أخوتي وأصدقائي أصبحوا فخورين بي.. حتى أنهم يأتون إلى القهوة لشراء مشغولاتي، وسأظل في مهنتي المُحببة إلى أن أُصبح مثل عزة فهمي؛ أشهر مُصممة مجوهرات في الشرق الأوسط، هكذا اختتمت الفتاة حديثها لـ القاهرة 24، مؤكدة إصرارها وعزمها على مواصلة هدفها لتحقيق النجاح.