المالية: تعديل فيتش النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري لسلبية لم يراع السياسات الإصلاحية الأخيرة
قال الدكتور محمد معيط وزير المالية، إن قرار مؤسسة فيتش؛ إن كان إيجابيًا في مجمله بتثبيت التصنيف الائتماني لمصر، وتعديل النظرة المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، إلا أن تعديل النظرة المستقبلية إلى سلبية؛ يشير إلى أن هذا التحليل والتقييم يبدو أنه لم يأخذ في الاعتبار ما اتخذته الحكومة المصرية مؤخرًا من إجراءات وسياسات وتدابير إصلاحية متكاملة؛ أسهمت في قيام بعض مؤسسات التصنيف الدولية الأخرى، باتخاذ قرار بتثبيت التصنيف الائتماني لمصر، وكذلك النظرة المستقبلية خلال الأسابيع الماضية، إضافة إلى الوصول لاتفاق على مستوى الخبراء بين السلطات المصرية وصندوق النقد الدولي، لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري الوطني الشامل والممتد لمدة 4 سنوات، بما يسمح لصندوق النقد الدولي بتقديم المساندة والدعم لهذا البرنامج، من خلال تقديم تسهيل ائتماني ممتد بقيمة 3 مليارات دولار.
الاتفاق مع صندوق النقد الدولي
وأضاف الوزير، أنه من المتوقع عرض الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على مجلس إدارة الصندوق خلال شهر ديسمبر المقبل، مما سيتيح حصول السلطات المصرية على حِزمة تمويلية خارجية إضافية وبشروط تمويلية ميسرة تبلغ نحو 5 مليارات دولار، من خلال عدد من المؤسسات الدولية والإقليمية التمويلية والتنموية الأخرى، كما يُتيح القُدرة على الحصول على تمويل إضافي بمليار دولار من خلال «صندوق المرونة والاستدامة»، الذي تم إنشاؤه حديثًا بصندوق النقد الدولي، لافتًا إلى أن هذه التطورات تؤكد أن البرنامج المصري للإصلاح الاقتصادي والمالي بكل مكوناته يحظى بدعم قوى من كل المؤسسات الدولية، على نحو يُسهم في توفير التمويل الميسر المناسب والمطلوب لمصر، للتعامل مع احتياجاتها دون الحاجة للاقتراض من الأسواق الدولية للسندات في المدى القصير.
وأشار إلى أن الحكومة تعاملت بإيجابية مع التخوفات الواردة في تقرير مؤسسة فيتش، من خلال وضع حزم وتدابير كافية ومتكاملة ومتنوعة لضمان تحقيق النتائج المرجوة، موضحًا أن مصر تعمل على العديد من المجالات والأطر والمسارات لتوفير الموارد الإضافية والكافية من النقد الأجنبي لتمويل احتياجات الدولة وخطة التنمية، وأهمها: تعزيز برامج المشاركة مع القطاع الخاص لجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي بلغت نحو 9 مليارات دولار العام الماضي بمعدل نمو سنوي 70، ومُواصلة جهود تحفيز القطاع التصديري لدفع الصادرات السلعية والخدمية، لضمان استمرار تحقيق معدلات نمو سنوية كبيرة في حصيلة الصادرات البترولية وغير البترولية، التي حققت معًا أعلى حصيلة صادرات سلعية في تاريخ مصر العام الماضي، إضافة إلى مواصلة الخطط الداعمة لزيادة حصيلة الصادرات الخدمية وأهمها: حصيلة السياحة وقناة السويس.
الإصلاح الاقتصادي
من جانبه ذكر أحمد كجوك، نائب الوزير للسياسات المالية والتطوير المؤسسي، أن برنامج الإصلاح الاقتصادي الشامل المصري والمدعوم من صندوق النقد الدولي وغيره من كُبرى المؤسسات الدولية؛ يهدف إلى تعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وضمان استدامة الدين العام في المدى المتوسط، والعمل على تعزيز صلابة الاقتصاد المصري وقُدرته على مواجهة الصدمات الخارجية التي زادت حدتها وتكرارها على المستوى العالمي مؤخرًا، ومد شبكة الأمان الاجتماعي بشكل يضمن الفاعلية والاستهداف بما يحقق أكبر قدر من الحماية للطبقات الأولى بالرعاية، وتسريع جهود زيادة تنافسية الاقتصاد المصري حيث أقرت الدولة خطة متكاملة للإصلاح الاقتصادى؛ تتضمن تبني حِزمة متكاملة ومتسقة من السياسات والتدابير والإصلاحات الهيكلية، التي من شأنها تحفيز مسار النمو المرتفع والمستدام المدفوع بدور ومساهمة أكبر من القطاع الخاص، لضمان خلق فُرص عمل منتجة وكافية.
وأضاف كجوك أن هذا البرنامج قادر على التعامل مع التحديات التي ذكرتها مؤسسة فيتش، بل والعمل على تحسين كل المؤشرات الاقتصادية والمالية ومنها: زيادة حجم الاحتياطيات من النقد الأجنبي، تحسين صافي أصول القطاع المصرفي، زيادة حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة، واستمرار تحقيق معدلات نمو مرتفعة مدفوعة بالأساس من القطاع الخاص، إضافة إلى الحفاظ على تحقيق فائض أولي بالموازنة العامة، وسرعة عودة مسار الدين الحكومي إلى التراجع كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي.
كانت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، قد أبقت على التصنيف الائتماني لمصر عند مستوى +B مع تعديل النظرة المستقبلية للتصنيف الائتماني من مستقرة إلى سلبية، وأرجعت قرارها بالإبقاء على التصنيف الائتماني لمصر، رغم الصدمات المتتالية والمركبة التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي وتداعياتها السلبية الكبيرة والمؤثرة على الاقتصادات الناشئة، بسبب قوة الأداء الاقتصادي، خلال عام 2021 / 2022، وكذلك توقعها استمرار هذا الأداء الاقتصادي القوى خلال العام الحالي والأعوام المقبلة.
تحسن معدلات البطالة بمصر
وأشاد محللو مؤسسة «فيتش» بتحسن معدلات البطالة بمصر، لوجود دعم دولي قوي ومتنوع من المؤسسات الدولية، وعدد كبير من الدول، خاصة دول الخليج العربي، كما أشادوا بإعلان التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء بين السلطات المصرية وصندوق النقد الدولي لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، خلال السنوات المقبلة، إضافة إلى التدفقات الاستثمارية الكبيرة التي تحققت، خلال الفترة الأخيرة، من جانب الصناديق السيادية العربية؛ على نحو أسهم في زيادة حجم الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأشادت المؤسسة أيضًا في تقريرها بقدرة السلطات المصرية، خلال الأعوام الماضية، على إعداد وتنفيذ البرامج والإصلاحات الاقتصادية والمالية المدعومة من صندوق النقد الدولي، بنجاح ودون توقف، مما يدل على قدرة السلطات المصرية ووجود الدعم السياسي القوى لتنفيذ الحزم والبرامج والتدابير الإصلاحية بنجاح، وتحقيق المستهدفات الاقتصادية والمالية في توقيتاتها المقررة.
وأوضحت المؤسسة أن سبب تعديل النظرة المستقبلية لمصر من مستقرة إلى سلبية؛ يعود إلى الصدمات الخارجية الكبرى التي تعرضت لها الاقتصادات الناشئة، مما أدى إلى تراجع أوضاع السيولة الخارجية لمصر، بسبب حدوث تدفقات للخارج من مستثمري الأوراق المالية الحكومية بالسوق المحلية؛ على نحو أسهم في تراجع رصيد الاحتياطيات من النقد الأجنبي، خلال الفترة الأخيرة، وحدوث تدهور في صافي الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، لافتة إلى أن الأوضاع الخارجية الصعبة القائمة قد تحد من قدرة السلطات المصرية في الوصول إلى أسواق السندات الدولية، ما يُزيد من احتمالية التعرض للتداعيات السلبية المصاحبة للصدمات الخارجية.
وذكرت المؤسسة أن تلك الأوضاع تُمثل تحديًا إضافيًا للسلطات، لتوفير موارد إضافية من النقد الأجنبي بشكل كافٍ ومناسب لتلبية احتياجات القطاعات الاقتصادية العاملة بالسوق المصرية، خاصة في ضوء استمرار تحقيق الميزان الجاري لعجز كبير، ولكنه عجز بدأ يتراجع مؤخرًا.