رئيس وفد تونس بـ cop27: نسعى للاستفادة من تجارب مصر بالهيدروجين الأخضر.. ونحن الأكثر فقرًا بالموارد المائية│ حوار
حرائق الغابات تضاعفت 6 مرات خلال 10 سنوات بسبب التغيرات المناخية
تونس تأثرت بالتغيرات المناخية في مياه الشرب والزراعة بشكل كبير
أبلغنا رئاسة cop27 بخطتنا للحياد الكربوني بحلول عام 2050
نواجه مشكلة في حجم التمويل للتحول للهيدروجين الأخضر والطاقات المتجددة
مصر لديها تجارب كثيرة في مجال الموارد المائية والأمن الغذائي ونستفيد منها في تونس
نحن بعيدون كثيرًا عن متطلبات التمويل الكافية لمواجهة التغيرات
تتصدر دول القارة الإفريقية؛ قائمة أكثر المناطق تضررًا من التغيرات المناخية عالميًا على صعيد ارتفاع درجات الحرارة لمستويات يصعب على البشر الاستمرار في تحمل زيادتها المطردة على مدار السنوات المقبلة، بجانب تسبب التغيرات المناخية في قِلة الموارد المائية في بعض منها، واشتعال الحرائق في البعض الآخر؛ الأمر الذي بات يُهدد حياة مواطني القارة الإفريقية، ويهدد أيضًا حياة من يقطنها من أجناس أخرى.
تعرضت دول شمال القارة الإفريقية ومن بينها تونس إلى تحديات كثيرة إثر التغيرات المناخية العالمية، ومن بين تلك التحديات قِلة الموارد المائية، ونشوب مئات الحرائق التي قضت على مساحات شاسعة من الغابات في تلك الدول، وفي مقدمتها الجمهورية التونسية.
القاهرة 24 أجرى حوارًا مع محمد الزمرلي، رئيس الوفد التونسي المشارك في مؤتمر المناخ cop27 بشرم الشيخ، للحديث عن الأجندة التونسية المشاركة في مؤتمر المناخ، واستراتيجية بلاده للوصول إلى الحياد الكربوني، بجانب محاور التعاون بين مصر وتونس فيما تعلق بمواجهة التغيرات المناخية، وأبرز النتائج المرجوة من cop27.
وإلى نص الحوار..
في البداية.. تونس تتعرض للعديد من الحرائق طوال فصل الصيف على مدار السنوات الماضية بسبب التغيرات المناخية.. كيف تُواجه وزارة البيئة التونسية التغيرات المناخية داخليًا؟
الغابات التونسية مُنتشرة في جميع جهات الجمهورية، وبسبب التغيرات المناخية؛ انتشرت الحرائق بشكل حاد كبير خلال العشر سنوات الماضية، إذ تضاعفت الحرائق بمقدار 6 مرات أكثر من ذي قبل، كما رأينا قوة الحرائق تتزايد خلال السنوات الماضية، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وتدّخُل السلطات التونسية كان من خلال استراتيجية خاصة بالحرائق، ولكن في أحيان كثيرة ونتيجة التغيرات المناخية؛ انتشرت الحرائق في أماكن كبيرة بوقت سريع، وأحيانا كانت تتجاوز الإمكانيات الوطنية لمواجهة الحرائق.
وهنا توجهنا كما حدث في 2020 للتنسيق مع السلطات الجزائرية لمواجهة تلك الحرائق الناجمة، بسبب التغيرات المناخية، خاصة المنطقة الحدودية، فتقريبًا 80% من الحرائق التي تعرضت لها تونس كانت على المنطقة الحدودية كونها منطقة جبلية.
ما هي استراتيجية الحكومة التونسية لمواجهة التغيرات المناخية والتوجه للاقتصاد الأخضر؟
الحكومة تعمل على جميع المجالات للتخفيف من تأثيرات التغيرات المناخية، خاصة فيما يتعلق بمياه الشرب والزراعة، لأن أهم تأثيرات التغيرات المناخية التي تواجهها تونس؛ يتمثل في الإضرار بالموارد المائية، والأمن الغذائي، ونحن في تونس نعمل على استراتيجية حتى عام 2050 لتأمين واستغلال أمثل للموارد المائية لتونس، خاصة أن تونس من أكثر المناطق في شمال إفريقيا فقرًا من حيث الموارد المائية.
ونعمل في ذلك على 3 محاور في مجال الموارد المائية، ويتمثل المحور الأول في تعبئة الموارد المائية، من خلال السدود وحفر الآبار خاصة ما يستخدم في ري الزراعة، لأن 70% من الموارد المائية مُخصص للزراعة، كما نعمل على توفير الوسائل التي تساعدنا في تعبئة تلك الموارد، ووصلنا إلى نسبة 95% من التعبئة، ولم تعد قُدراتنا المائية تتحمل أكثر.
فيما يتمثل المحور الثاني في الاقتصاد في مياه الري، والمحور الثالث الأكثر أهمية يتمثل في استغلال المصادر المائية غير التقليدية، كتحلية مياه البحر رغم ما تتطلبه من امكانيات مالية كبيرة، واستغلال المياه المعالجة المُعاد تدويرها من الصرف الصحي، وهنا يمكن التوضيح أن تقريبا 30% حاليًا من مياه الصرف الصحي؛ يتم إعادة استخدامها في بعض المنتجات الفلاحية.
العالم كله يتجه للحياد الكربوني في الوقت الراهن.. ما هي الاستراتيجية التونسية للوصول للحياد الكربوني كغيرها من دول العالم؟
قبل أن نحضر إلى cop27 وتحديدًا يوم 1 نوفمبر الجاري؛ تونس أرسلت بصفة رسمية استراتيجيتها للتنمية ذات الانبعاثات الضعيفة إلى رئاسة cop27، وحددت هدف الحياد الكربوني سنة 2050، كما أننا من الدول النامية القليلة التي وضعت هدف الحياد الكربوني في خططها، وآليات الحياد الكربوني هو التوجه بصفة كبيرة نحو الطاقات المتجددة بحلول 2050، تحسين الإنتاج الصناعي، وإعادة تأهيل القطاع الصناعي في اتجاه التخفيف من الانبعاثات، ثم التوجه نحو زراعة مستدامة، وإحكام التصرف في النفايات وخاصة عن طريق الاقتصاد الدائري.
تونس كباقي الدول لها أجندة مشاركة في cop27.. ما هي أبرز محاورها كون القمة تعقد في إفريقيا لأول مرة؟
نحن سعداء لتواجدنا في مصر، فتاريخيا لعبت دورا كبيرا في تقريب الآراء خاصة في المنطقة الإفريقية على المستوى الدولي، ونحن حضرنا إلى هنا بوفد كبير من مختلف الوزارات، ومن القطاع الخاص، وجمعيات المجتمع المدني المتخصصة في البيئة، الباحثين، والخبراء.
ومشاركتنا تشمل 3 محاور كبرى، يتمثل المحور الأول في التفاوض حول الأولويات التونسية لمواجهة التغيرات المناخية، حيت تتثمل الأولوية الكبرى لدينا في الحصول على التمويل اللازم لمواجهة التغيرات المناخية، والذي يعد عنوان الدورة الحالية، وهو أهم نقطة نركز عليها إفريقيًا وليس تونسيًا فقط.
والمحور الثاني يتمثل في التكيف مع التغيرات المناخية، وتونس تشارك بشكل أساسي وواضح فيما يتعلق بتحديد هدف دولي للتكيف مع التغيرات المناخية، التي تساهم في زيادة حجم العمل والالتزام الدولي في دعم الدول النامية في هذا المجال، وهناك محور آخر يتمثل في رفع الطموح العالمي لمواجهة التغيرات المناخية، والضغط على الدول المتقدمة بأن يكون لها أكبر حيز من الالتزامات من تقليل الانبعاثات خاصة خلال استضافة مصر للمؤتمر.
كما أن تونس أعدت عددا هاما من الورش للتعريف بالتجربة التونسية، وتبادل الخبرات مع جميع الدول المشاركة حول الأولويات لمواجهة التغيرات المناخية، وشاركنا أيضًا في 3 ورش موازية تتلخص حول الأمن الغذائي والتكيف مع التغيرات المناخية، خاصة على المستوى المحلي، والانتقال العادل بين الانعاكاسات الاقتصادية والاجتماعية للتغيرات المناخية.
الهيدروجين الأخضر هو حديث العالم في الوقت الراهن والقارة الإفريقية غنية بالموارد المتجددة.. أين تونس من التوجه إلى الطاقات المتجددة وخاصة الهيدروجين الأخضر؟
على مستوى شمال القارة الإفريقية وقُربها من القارة أوروبا، وفي ظل الاستراتيجية الأوروبية لمواجهة التغيرات المناخية حتى 2050 التي ترتكز على الحياد الكربوني؛ يعد الانتقال نحو طرق أخرى للطاقة المتمثلة بالطاقة المتجددة، والاتجاه المستقبلي يتمثل نحو طاقات أخرى بديلة ونظيفة خاصة الهيدروجين الأخضر والأمونيا وغيرها.
تونس مشاركة في التوجهات العالمية للهيدروجين الأخضر، وهناك تجارب تجري في مصر والمغرب حول الهيدروجين الأخضر، كما نسعى للاستفادة من تلك التجارب، ولكن الإشكالية الكبرى التي تواجهنا تتمثل فيما يتعلق بانتاج الهيدروجين الأخضر، فحجم وتكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر ضخم، وما زال كـ تكنولوجيا لدينا؛ ليست هناك نسبة تمكن تكنولوجي كبيرة لإنتاجه، والإشكالية الأخرى تتمثل في المردودية الاقتصادية للهيدروجين الأخضر، وتونس لديها برنامج للتعاون مع ألمانيا لإنجاز الدراسات وتطوير التكنولوجيا، والانطلاق في بعض المشاريع النموذجية، لأنه يصعب في الوقت الحالي؛ إنتاج طاقة الهيدروجين الأخضر، لضعف المردودية الاقتصادية لتونس، خاصة أن الهدف الأول للدول الإفريقية هو نقل وتصدير الهيدروجين الأخضر، وإمكانيات النقل والتصدير ليست مُشجعة لدينا في الوقت الراهن.
هناك مذكرات تفاهم واتفاقيات تتعلق بالبيئة ومن بينها مواجهة التغيرات المناخية.. كيف يتم التعاون بين مصر وتونس في شق التغيرات المناخية؟
يوم 8 نوفمبر الجاري؛ جرى التوقيع على اتفاقية بين وزارتي البيئة في مصر وتونس، للتعاون البيئي، ونحن على اتصال دائم بالأشقاء في جمهورية مصر العربية، والاتفاقية التي تم التوقيع عليها كانت لتبادل التجارب والخبرات والتكوين المشترك، وتنسيق المواقف فيما يتعلق بمواجهة التغيرات المناخية، وتنسيق المواقف في الاجتماعات الدولية المتعلقة بالبيئة كما في cop27 أو غيره، حتى يكون هناك تنسيق بين مصر وتونس للمواقف في المؤتمرات الدولية.
كما تشمل الاتفاقية؛ إعداد برامج ومشاريع مشتركة بين تونس ومصر، من بينها مشاريع خاصة بالطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، والتعاون يمس أيضًا العديد من المحاور من مبينها دراسة المؤثرات على المحيط البيئي للدولتين بهدف دعم الاستثمار النظيف فيما يتعلق بالبيئة، والتعاون فيما يتعلق بالتكيف مع التغيرات المناخية، وتخفيف الانبعاثات بتبادل الخبرات والمعارف خاصة فيما يتعلق بالتكنولوجية.
ومصر لديها تجارب كثيرة وهامة في مجال الموارد المائية والأمن الغذائي، ونحن نستفيد منها في تونس كثيرًا في ذلك، كما نتعاون في مجال الاقتصاد الدائري وإعادة تدوير النفايات وانتاج الطاقة منها.
والمجال الرابع يتمثل في الاقتصاد بالمناطق الساحلية ومقاومة الانجراف البحري على طول شواطئ البحر المتوسط، خاصة أننا نعاني منه في تونس، بجانب تدعيم شبكة المناطق المحمية ودعم التنوع البيولوجي.
وماذا بشأن استفادة تونس دوليًا من مؤتمر المناخ cop27؟
بحثنا العلاقات الثنائية وعلاقات التعاون الدولي مع بعض الدول، من خلال دعم العلاقات الثنائية، وهذا مثل محور العديد من العلاقات مع الكثير من الدول المشاركة في مؤتمر المناخ، لدعم التعاون مع تلك الدول في مُواجهة التغيرات المناخية، ودعم التكيف مع التغيرات المناخية، وهذا كان أبرز ما شغل الشق رفيع المستوى للمؤتمر.
ما هي التوقعات أو الآمال المرجوة من cop27؟
المؤتمر ينعقد في ظروف عالمية سياسية صعبة خاصة في ظل الحرب الروسية الأوكرانية وتداعيتها على قطاع الطاقة الأحفورية خاصة، والأمن الغذائي، ورأينا بعض التداعيات للحرب على مستوى النقاشات والمفاوضات، ولكن الأمل كبير من قبل الدول الإفريقية والنامية، بأنه في ختام المؤتمر يتم إحراز تقدم خاصة في مجال التمويل، واستكمال التمويلات المناخية الأساسية للدول النامية المتمثلة في حد الـ 100 مليار دولار، والتي لم يتم الوصول إليها، رغم كونها مرحلة أولية ضرورية، وغير كافية لمواجهة التغيرات المناخية.
ونحن بعيدون كثيرًا عن متطلبات التمويل الكافية لمواجهة التغيرات، ولكننا نعمل على الوصول لأول الخطوات للتمويل واستكمال الهدف المتعلق بـ 100 مليار دولار، ثم الاتفاق على حجم التمويلات المستقبلية، خاصة أن الظرف الاقتصادي الدولي لا يُساهم في ذلك.
والمحور الثاني يتمثل في التكيف مع التغيرات المناخية وحشد الدعم الدولي للتقليص من تداعيات التغيرات المناخية رغم الظروف الصعبة لانعقاد المؤتمر، ونأمل من الرئاسة المصرية للمؤتمر أن تدفع نحو نتائج إجابية لمؤتمر cop27.
ما رؤيتك لتنظيم مصر لمؤتمر المناخ cop27 كونه يعقد لأول مرة داخل القارة الإفريقية؟
مصر عوّدتنا دائمًا بقُدرتها على إحكام التنظيم للمؤتمرات العالمية، والتنظيم رائع ومُحكّم من قبل الجهات المصرية، ولمسنا تفاعلًا كبيرًا من مختلف الدول المشاركة بالارتياح مع ما تُقدمه مصر من تنظيم للمؤتمر داخل وخارج مقر المؤتمر، وهنا فُرصة لنقول شكرا يا مصر.