السفير الياباني بالقاهرة: سعداء بمشاركتنا في COP27 ومصر مهمة للسلام والاستقرار في المنطقة.. وتأثرنا بالغزو الروسي لأوكرانيا | حوار
أعرب أوكا هيروشى، السفير الياباني بالقاهرة عن سعادته لمشاركة بلاده في مؤتمر المناخ COP27، مؤكدًا أنه من أجل المساهمة في تدابير المجتمع الدولي لمكافحة التغير المناخي، تقدم اليابان دعمًا للبلدان النامية، بصفة خاصة في آسيا وإفريقيا من أجل وضع وصياغة سياسات لبناء مجتمعات منخفضة أو محايدة الكربون.
وأكد في حواره لـ القاهرة 24، أن الغزو الروسي لأوكرانيا أثر بالسلب مؤخرًا على الاقتصاد العالمي والعديد من المجالات في اليابان وباقي الدول، موضحًا أن الحرب تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة وأدت أيضًا إلى اضطرابات خطيرة في تدفق المواد الغذائية، كما تناول أيضا التعاون مع مصر وأهميتها في حفظ الاستقرار في المنطقة…
إلى نص الحوار
كيف تأثرت اليابان بالحرب الروسية الأوكرانية؟
لقد تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا مؤخرًا في العديد من الآثار السلبية ليس فقط على اليابان ولكن أيضًا على الاقتصاد العالمي، مثل ارتفاع أسعار الطاقة وأدى أيضًا إلى اضطرابات خطيرة في تدفق المواد الغذائية.
ومن أجل دعم الأمن الغذائي العالمي، قررت اليابان تقديم حوالي 200 مليون دولار من أجل المساعدات الغذائية للبلدان التي تواجه نقصًا في الغذاء، ومن أجل دعم تعزيز القدرة على الإنتاج الزراعي، وأيضًا من أجل المساعدات الغذائية الطارئة في شكل مساعدات إنسانية لدول الشرق الأوسط وإفريقيا بما في ذلك مصر، ومن أجل دعم تعزيز صادرات الحبوب من أوكرانيا، ويجري حاليًا تنفيذ ذلك.
إن غزو أوكرانيا أمر خطير للغاية حيث يقوض أسس النظام الدولي والمتمثلة في "سيادة القانون"، والتي تُعد المبدأ الأساسي للمجتمع الدولي. ولقد حثت اليابان بالتوافق مع المجتمع الدولي، روسيا بشدة، على وقف هجماتها على الفور وسحب قواتها إلى داخل روسيا، وأنا على يقين من أن اتحاد وتضامن جميع الدول وتعبيرها عن الرفض تجاه "الحكم بالقوة" سيؤدي إلى السلام والاستقرار في العالم.
كيف تنظرون إلى العلاقات المصرية اليابانية؟
تعمل اليابان ومصر على تعزيز أشكال مختلفة من التعاون من أجل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، استنادًا إلى علاقات الثقة القوية التي نمت وترعرعت في ظل علاقات الصداقة طويلة الأمد على مدى أكثر من 100 عام، وهذا العام 2022، يوافق مرور 100 عام على اعتراف اليابان باستقلال مصر عام 1922، وأود أن أعمل على زيادة عمق هذه العلاقات الثنائية الودية بين اليابان ومصر، التي لها مثل هذه الجذور التاريخية.
وتُعد مصر الدولة الكبرى التي تربط بين الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا من البر والبحر، شريكًا هامًا لا غنى عنه لليابان في إرساء أسس السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.
ولقد حققت العلاقات اليابانية المصرية طفرة كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث قام الرئيس السيسي بثلاث زيارات رسمية لليابان، في أعقاب زيارة رئيس وزراء اليابان آنذاك، شينزو آبي لمصر في عام 2015، وذلك في عام 2016، وفي شهر يونيو عام 2019، وشهر سبتمبر من نفس العام وما إلى ذلك، وخلال زيارة وزير خارجية اليابان آنذاك موتيجي لمصر في أغسطس من العام الماضي، وأثناء اجتماع القمة بين معالي رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي ورئيس الوزراء الياباني كيشيدا فوميو في أغسطس من هذا العام، اتفقا الجانبان على العمل معا من أجل تعزيز العلاقات الثنائية على نطاق واسع وتحقيق الاستقرار في المنطقة.
متى كانت آخر الجهود لتطوير وترقية العلاقات الثنائية؟
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، استمرت اليابان في مسيرتها كدولة مسالمة بثبات، بينما تتطلع إلى السلام والاستقرار في المجتمع الدولي، وواصلت بذل جهودها في مختلف أنحاء العالم لتحقيق نظام حر ومفتوح قائم على سيادة القانون.
فيما يتعلق بمصر، تبذل اليابان جهودًا من أجل السلام والازدهار في المنطقة، بالتعاون مع مصر، مثل تقديم الدعم لمركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام CCCPA، الذي يساهم في بناء السلام في المنطقة، وإرسال أفراد المقر إلى القوة متعددة الجنسيات والمراقبين في سيناء MPO، التي تقوم بنشاطات مراقبة وقف إطلاق النار في شبه جزيرة سيناء.
هل هناك مجالات جديدة للتعاون بين مصر واليابان؟
على صعيد المجال الاقتصادي، تعمل اليابان ومصر على تعزيز التعاون في مجموعة واسعة من المجالات، مثل التعليم والبنية التحتية والطاقة والصحة والزراعة والثقافة. ومن بين ذلك، هناك العديد من المشاريع التي تُعد رموزًا للصداقة بين البلدين مثل دار الأوبرا المصرية ومستشفى الأطفال التخصصي التابع لجامعة القاهرة وكوبري السلام ومترو أنفاق القاهرة الكبرى ومرافق توليد الكهرباء ومطار برج العرب الدولي والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا E-JUST والمتحف المصري الكبير GEM وغيرها.
وفي إطار تعزيز مثل هذا التعاون، أود أن أؤكد على أن اليابان تولي أهمية خاصة للتعاون الموجه للإنسان أو ما يسمى بـ تنمية الموارد البشرية، كما أن اهتمام رجال الأعمال اليابانيين بمصر، قد زاد بصفةٍ خاصة في مجالات البيئة والصحة، وزاد الاستثمار المباشر من اليابان إلى مصر العام الماضي بأكثر من ستة أضعاف مقارنةً بالعام السابق له.
ما هي أهم المشاريع التي تستثمرها اليابان في مصر؟
فيما يتعلق بمتحف GEM، إضافة إلى توفير اليابان للتمويل اللازم لبنائه، ومن خلال إيفاد الخبراء المتخصصين من اليابان، يجتهد الخبراء اليابانيون والمصريون معًا يدًا بيد في العمل على حفظ وترميم الآثار المصرية القيمة، بما في ذلك مقتنيات الملك توت عنخ آمون. ومتحف GEM، المنتظر افتتاحه قريبًا، هو بالفعل جوهرة التاج التي ستتزين بها رموز التعاون بين اليابان ومصر. ونأمل في أن يساهم تدفق الزوار من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اليابان في المستقبل، في تعزيز صناعة السياحة في مصر. كما نتطلع بشدة إلى أن يظل متحف GEM خالدًا في ذاكرة الزائرين، كرمز جديد للتعاون بين اليابان ومصر.
ماذا عن السفر إلى اليابان للحصول على منح دراسية والدراسة في اليابان والمدارس اليابانية في مصر؟
تتطلع اليابان إلى أن يتمكن أكبر عدد ممكن من الطلاب المصريين من الدراسة في اليابان، وهناك الكثير من فرص المنح الدراسية للدراسة في اليابان، مثل منحة الحكومة اليابانية MEXT من 20 إلى 30 طالب كل عام، من بينهم 10 طلاب يتم ترشيحهم من قبل السفارة، ومنح الحكومة المصرية البعثات، والمدعومة من هيئة التعاون الدولي اليابانية JICA، والمنح الدراسية المقدمة من الجامعات اليابانية للمتقدمين إليها بشكلٍ مباشر، إضافة إلى برنامج الزمالة المقدم من الجمعية اليابانية لتطوير العلوم JSPS للباحثين الحاصلين بالفعل على درجة الماجيستير أو الدكتوراه وغير ذلك.
وأصبح حاليًا من الممكن الحصول على الدرجة العلمية من إحدى الجامعات اليابانية من خلال تلقي المحاضرات باللغة الإنجليزية، إضافة إلى أن هناك أيضًا روابط لخريجي هذه المنح الدراسية، حيث يستمر التبادل في المجال الأكاديمي من خلال هذه الروابط. كما تقوم السفارة اليابانية بتقديم المعلومات اللازمة للراغبين في الدراسة في اليابان.
ماذا عن الشراكة المصرية اليابانية للتعليم؟
تم إطلاق الشراكة المصرية ليابانية للتعليم EJEP، بدعمٍ قوي من الرئيس السيسي، الذي زار اليابان في عام 2016، وأبدى إعجابه بشدة بالتعليم الياباني، ويجري حاليًا التعاون لإدخال التعليم على الأسلوب الياباني في جميع المراحل الدراسية، بدايةً من مرحلة رياض الأطفال وحتى التعليم الجامعي.
وكان الرئيس السيسي قد أعرب لي عن آماله وتوقعاته الكبيرة تجاه التعاون مع اليابان في مجال التعليم خلال مراسم تسليم أوراق اعتمادي كسفير لليابان لدى مصر. ومن رموز الجهود المبذولة في مجال التعليم الأساسي، لدينا المدارس المصرية اليابانية EJS المنشأة حديثًا، والتي تقوم بإدخال التعليم على الأسلوب الياباني الذي ينمي قدرات الاعتماد على الذات والتعاون مع الآخرين والمهارات الاجتماعية مثل تنظيف الفصول وتقديم الوجبات المدرسية، إضافة إلى الحصص الدراسية المدرسية، والتي بلغ عددها حاليًا حوالي 50 مدرسة في جميع أنحاء الجمهورية. ويجري حاليًا التعاون بين اليابان ومصر بهدف الوصول بعدد هذه المدارس إلى 200 مدرسة في المستقبل.
هل سيستمر مستوى التعاون الكبير الذي كان قائمًا في عهد شينزو آبي؟
موقف اليابان من النظر بعين الاهتمام إلى مصر يستند إلى علاقات الثقة القائمة على علاقات الصداقة طويلة الأمد بين البلدين، ونظرًا لأهمية مصر للسلام والاستقرار في المنطقة، لذلك لم تتغير أهمية التعاون مع مصر، الذي تم تنفيذه منذ أن كان رئيس الوزراء شينزو آبي يتولى مهام عمله حتى الآن.
ماذا يعني أن تسمي اليابان مركزًا مروريًا مهمًا شينزو؟
نحن نعتبر ذلك مؤشرًا على قدر الاحترام والتقدير الذي حظي به رئيس الوزراء الراحل آبي في مصر، وستعمل سفارة اليابان على مواصلة التعرف على تطلعات وتوقعات مصر تجاه اليابان بشكلٍ جيد في المستقبل أيضًا، والعمل على تقوية علاقات التعاون بين البلدين.
ما هو موقف اليابان من النزاعات في مضيق تايوان؟
السلام والاستقرار في مضيق تايوان يُعد أمرًا هامًا ليس فقط بالنسبة للأمن القومي الياباني ولكن أيضًا من أجل الاستقرار في المجتمع الدولي ككل، ونتطلع إلى أن يتم حل القضايا المتعلقة بتايوان بشكلٍ سلمي من خلال الحوار، مع ازدياد حدة البيئة الأمنية المحيطة باليابان، تقوم الحكومة باتخاذ جميع الإجراءات الممكنة، بما في ذلك تطوير النظام الأمني المعتاد، حتى تتمكن من الاستجابة لأي موقف محتمل. كما تعمل اليابان على تعزيز الجهود بالتعاون مع البلدان ذات الصلة من أجل السلام والازدهار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
ما هي خطط اليابان لمؤتمر المناخ الذي يعقد الآن في شرم الشيخ؟
تقدم اليابان دعمًا للبلدان النامية، بصفة خاصة في آسيا وإفريقيا من أجل وضع وصياغة سياسات لبناء مجتمعات منخفضة أو محايدة الكربون، وتطوير البنية التحتية الأساسية في مجالات الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة والوقاية من الكوارث وغيرها، وتنمية الموارد البشرية. كما تعمل اليابان على نشر تقنيات متميزة لمحايدة الكربون وما إلى ذلك في جميع البلدان من خلال الاستفادة من نظام الائتمان الثنائي.
وأوفت اليابان حتى الآن بالتزاماتها من خلال المساهمة بنحو 12 مليار دولار سنويًا لتحقيق هدف التمويل السنوي البالغ 100 مليار دولار المحدد للبلدان المتقدمة ككل. بالإضافة إلى ذلك، تلتزم اليابان في المستقبل بتقديم دعمًا بحوالي 60 مليار دولار من خلال القطاعين العام والخاص معًا، على مدى خمس سنوات بدايةً من عام 2021 حتى عام 2025، كما أعلن رئيس الوزراء الياباني كيشيدا خلال مؤتمر المناخ COP26 العام الماضي، عن استعداده لتقديم ما يصل إلى 10 مليارات دولار في شكل دعم إضافي على مدى خمس سنوات من القطاعين العام والخاص معًا.
وعلى وجه الخصوص، أعلنت اليابان أنها ستضاعف الدعم المقدم في مجال التكييف، وتقديم ما يقرب من 14.8 مليار دولار كمساعدة للتكييف من خلال القطاعين العام والخاص معًا في غضون خمس سنوات. كما ساهمت اليابان بالفعل حتى الآن بمبلغ 1.5 مليار دولار في صندوق المناخ الأخضرGCF، وأعلنت أيضًا عن مساهمة إضافية تصل إلى 1.5 مليار دولار، ليصل بذلك المجموع التراكمي إلى 3 مليارات دولار، وهي ثاني أكبر مساهمة في العالم. بالإضافة إلى ذلك، أطلقت اليابان مبادرة النمو الأخضر في إفريقيا، خلال مؤتمر طوكيو الدولي للتنمية في إفريقيا TICAD8 الذي عقد في تونس في شهر أغسطس من هذا العام لتعزيز "النمو الأخضر" الذي يوازن بين النمو الاقتصادي وإجراءات معالجة المشاكل البيئية، حيث تم الإعلان عن استثمارات مجموعها 4 مليارات دولار من القطاعين العام والخاص معًا.
كيف تقدم اليابان الدعم من أجل محايدة الكربون؟
من بين ذلك، تقوم اليابان بتقديم الدعم من أجل محايدة الكربون هنا في مصر، بالتركيز على قطاع الكهرباء والطاقة، وهو أساس ومفتاح التخفيف من التغير المناخي. فمن خلال المساعدات الإنمائية الرسمية ODA، تعمل اليابان على تنفيذ مشروع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في الغردقة. بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP، سيتم العمل على تركيب محطات توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية صغيرة الحجم التي لا تتطلب خطوط نقل كهرباء بمدينة شرم الشيخ، والعاصمة الإدارية الجديدة، والمتحف المصري الكبير، وأيضًا بالمناطق التابعة لمبادرة حياة كريمة، وفي مارس من هذا العام، تم صرف 230 مليون دولار كقرض مالي لتحسين قطاع الكهرباء والطاقة.
حيث يساهم مشروع تحسين نظام إمدادات الكهرباء أيضًا في التخفيف من التغير المناخي. كما تقوم الشركات اليابانية الخاصة بتنفيذ مشروع لتوليد الكهرباء بطاقة الرياح بقدرة 250 ميجاوات برأس غارب، وهناك أيضًا تحركات لعقد مذكرة تفاهم بشأن الحياد الكربوني لقناة السويس، وتنفيذ مشروع إنتاج الأمونيا الزرقاء.
ليس فقط قطاع الكهرباء والطاقة، بل تكمن قوة اليابان أيضًا في تطوير البنية التحتية الصديقة للبيئة، حيث يجري حاليًا تنفيذ أعمال التوسعة لمطار برج العرب الدولي بالتعاون مع اليابان، ومن المقرر افتتاح المطار الجديد العام القادم، كمطار أخضر صديق للبيئة باستخدام إضاءة LED.
ماذا عن العمل في مجال التكّيف؟
فيما يتعلق بمجال التكييف، تولي اليابان أهمية كبيرة للدعم المقدم لقطاع الزراعة والري، الذي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالأمن الغذائي، وتعمل على تعزيز إنتاجية الزراعة المتأثرة بالاحتباس الحراري العالمي. كما تم حتى الآن تحسين كفاءة وإعادة تأهيل أربعة سدود من خلال منحة مساعدات قدرها 90 مليون دولار.
أما في الوقت الحالي، فتعمل اليابان على تنفيذ مشروع تجديد قناطر ذات حجم كبير بمدينة ديروط بمحافظة أسيوط، والتي ستوفر المياه لـ 15% من مجموع الأراضي الصالحة للزراعة في مصر.