قطر وكأس العالم
أيام معدودة وسينطلق المونديال في دولة قطر الشقيقة، وقد توافدت جميع الفرق المشاركة في هذا الحدث الرياضي الأهم في العالم، وقطر محط الأنظار وكل العيون الآن تتطلع إليها، وكم يسعدني كعربي أن دولة عربية بحجم قطر في مساحتها التي لا تتخطى 12 ألف كم مربع تحظى بشرف التنظيم.
قامت قطر فور فوزها بالتنظيم بالبدء في تجهيز كل المطلوب منها من منشآت رياضية، وأماكن تجمع للمتفرجين ومطاعم وفنادق وخدمات صحية وإنترنت وأماكن ترفيهية وتسويقية ومسارح وأنشطة ثقافية وتراثية ومطاعم ومواصلات ومطارات وشواطئ وكل المرافق الرئيسية التي تحتاجها لنجاح المونديال ولتحقيق الاشتراطات المطلوبة، نجحت في تحقيق خطتها الوطنية للتنمية المستدامة والتي نفذتها بكل دقة وتفصيل جعلتها في ثوب مبهر لتشرفنا كعرب باستضافة هذا العرس العالمي.
ستستفيد قطر كثيرا بهذا المحفل الدولي وستكون مقصدًا للزوار من كل دول العالم سواء أيام المونديال أو بعده.
صحيح أنفقت قطر أكثر من 200 مليار دولار على كل تلك المرافق، ولكن المكسب المعنوي أكبر، وكذلك المردود الاقتصادي عليها بعد المونديال، وأيام المونديال وجعلها مقصدا سياحيا مهما، كما أنها ستستفيد بالمنشآت التي أقامتها لخدمة شعبها والقادمين إليها للسياحة وتحويل بعضها إلى مستشفيات ومدارس طبقا لرؤيتها، كما أن العائد المادي وراء إقامة المونديال، وما ينفقه الزائرون لمشاهدة الفعاليات.
بدون شك أن كون قطر من أكبر الدول المصدرة للنفط، وثالث دول العالم التي تمتلك أكبر احتياطي غاز طبيعي ساعدتها الأموال التي تجنيها من عوائد النفط في الحصول على هذا الشرف الكبير، وسخرت كل إمكانياتها وقدرتها وفرضت إرادتها لتكون فى قلب العالم الكبير، ومهما كانت الأسباب نحن الآن أمام حقيقة واضحة أن كأس العالم الحدث الرياضي الأهم في العالم والذي يحظى بمتابعة الملايين من البشر حول العالم سيكون في قطر، ولأول مرة في التاريخ تنظمه دولة عربية وشرق أوسطية وهذا في حد ذاته تاريخ يكتب لقطر، وما يعود عليها من مكاسب في كل النواحي المستقبلية.
ونشكر موقف حكومتنا المصرية في تسهيل إجراءات التأشيرة والدخول لمن يحمل كارت المشجع (هيا) كذلك إقامة العروض السياحية لهؤلاء الزوار في خطة التعاون المشترك بين البلدين.
نتمنى لقطر الدولة العربية الشقيقة حكومة وشعبا كل التوفيق في تنظيم المونديال، وأن يخرج بأبهى صورة للعالم أجمع، وفي استكمال استراتيجيتها الوطنية في تحقيق كل الأهداف المنشودة لرسم مستقبلها وتحقق ريادتها للشعب القطري.
وفي هذا السياق ما زلت أتذكر عندما تقدمت مصر باستضافة كأس العالم عام 2004، والفشل الذريع في فضيحة أطلقنا عليها صفر المونديال، حيث لم ننجح في إقناع اللجنة بملف مصر، وفشل الحصول على أي صوت من أصوات المكتب التنفيذي للفيفا، ونجحت جنوب أفريقيا وقتها بتنظيم كأس العالم عام 2010، وحصولها على 14 صوتا والمغرب على 10 أصوات ونحن عدنا بصفر كبير.
قابلت دكتور علي الدين هلال وكنت أتمنى أن أسأله لماذا أقحم مصر في المطالبة بتنظيم حدث عالمي ونحن غير مؤهلين له؟ لماذا أهدرنا ملايين من الجنيهات حتى صدقنا أننا الدولة الكبيرة في الوطن العربي وفي أفريقيا أننا الأحق بالتنظيم دون أن نمتلك أي مقومات ؟
وكأن اللجنة ستقيم المباريات أمام سفح الأهرامات وخلف معبد حتشبسوت فلا ملاعب جاهزة ولا طرق ممهدة ولا أي شيء مما تشترطه اللجنة ورغم ذلك خسرنا مكانتنا وقيمتنا وعدنا بخيبة الأمل ولم يحاسب أحد على تلك الخطيئة.
خشيت أن يغضب الرجل فقد مرت سنوات على تلك النكسة التي ستظل تلاحقه هو بشخصه فهو كان المسؤول الأول عن هذا الخزي الذي حدث. وتحدثنا في أمور أخرى ولكن ظل في عقلي السؤال ولم أستطع أن أوجهه له.
واليوم يكرر دكتور أشرف صبحي الخطيئة نفسها، ويعلن عن نية مصر استضافة كأس العالم 2030 وكذلك قدرة مصر على استضافة الأولمبياد 2032 قد أكون متفقا معه على قدرة مصر على استضافة الأولمبياد لكن لست معه في إمكانية مصر حتى لو تحالفت مع إحدى الدول الشقيقة على استضافة مونديال 2030، مع أن التصويت الآن مختلف عما سبق حيث يحق التصويت لكل الاتحادات الرياضية المنضمة للفيفا، وكذلك أن عدد الفرق سيكون 48 فرقة مما يجعلنا نحتاج إلى 12 مدينة جاهزة بكل مرافقها الكاملة من مطارات وملاعب للتدريب واستادات وفنادق ومواصلات وطرق ومولات للتسوق ومطاعم وخلافه، ونحن لا نملك تلك البنية التحتية ولا الاشتراطات التي تؤهلنا للدخول في المنافسة حتى مع إطلاق مصر استراتيجيتها للتنمية المستدامة 2030 وخطة التطوير التي تشمل كل المجالات لكننا الآن نحاول أن نتعافى في ظل ظروف قاسية وصعبة فالدخول في هذا المعترك هو نوع من الجنون الآن. ولا أتمنى أن نحظى بصفر آخر، نحتاج أن نبني وننمو ونتطور بدون صخب قد ننجح في إقامة مؤتمر شباب العالم ومؤتمر المناخ ومهرجات أخرى لكن كأس العالم مختلف وهذا ليس مكانا لسرد أسباب الاختلاف وهي كثيرة.
نحتاج أن نطور منظومة الكرة المصرية وكل الألعاب الرياضية ونحقق مكانة متميزة في المسابقات الدولية المختلفة هذا أهم مطلب حيوي للنهوض بالرياضة المصرية.
لعلنا نشعر جميعا بالأسى لعدم تأهلنا لكأس العالم في قطر، وإخفاقنا في بطولة الأمم أفريقيا حتى التي أقيمت على أرضنا، سنلعب مع بلجيكا مباراة ودية يوم الجمعة القادم، سيعود فريق بلجيكا إلى الدوحة، ونحن نعود لنشاهد المونديال من مقاعد المتفرجين للأسف الشديد.
لدينا عدد ضخم من البرامج التلفزيونية والفضائية الرياضية وكذلك الإذاعية ومقالات بالصحف والمواقع تحلل المباريات وتنتقد اللاعبين والحكام والمنظومة الرياضية بأكملها، ورغم هذا الكم الضخم من المحللين والخبراء ما زالت الرياضة المصرية في أزمة، مع أنهم تباروا في إبداء الأسباب للإخفاق وما زالت الأزمة مستمرة رغم كل إمكانياتنا وقدرتنا.
يجب على كل الاتحادات الرياضية أن تفتش عن أسباب الإخفاق وعدم الريادة والبحث عن حلول جدية لتحقيق الصدارة والقدرة على المنافسة فى كل الألعاب الرياضية.
حفظ الله مصر ووفق الله قطر في تنظيم المونديال وأن يخرج بأبهى صورة.