الثلاثاء 19 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

راقصة وفتوة وملك.. التحقيق في وقائع اغتيال امتثال فوزي

اغتيال امتثال فوزي
تقارير وتحقيقات
اغتيال امتثال فوزي
السبت 03/ديسمبر/2022 - 04:27 م

في ليلة صيفية من ليالي مايو سنة 1936 وجد المارة جثة غارقة في دمائها ملقاة أمام «كازينو البوسفور» المعروف بمكانه المميز وأنواره المضيئة في ميدان باب الحديد (رمسيس حاليًا)، وباقتراب أحد المارة من الجثة وجدها مطعونة بـ«رقبة زجاجة»، حاول الشخص طلب النجدة، من قسم الأزبكية القريب من المكان. ومع تجمع المارة وزيادة الجلبة والتساؤلات حول هوية المقتولة، خرج زبائن الكازينو وبعض العاملين فيه ليشاهدوا ماذا حدث، لتصيح إحداهن: «إنها امتثال.. ماتت أبلتي امتثال»!

وقبل أن تنتصف ليلة الخميس 21 مايو جاء شرطي من قسم الأزبكية، وقد غطى المارة، الجثة بأوراق الصحف الصادرة يومها، والتي كانت تشير إلى اقتراب انعقاد مجلس النواب ترحيبًا بقدوم الملك فاروق، خلفًا لأبيه فؤاد، ووسط نحيب العاملات في الكازينو وبكاء جارسوناته، قرر الشرطي نقل الجثة إلى أقرب مستشفى، لبدء إجراءات التحقيق، في قضية هزت المجتمع المصري حينها، والتي لولا تأخر زمن السوشال ميديا لنالت لقب «قضية القرن»، وهي قضية اغتيال الراقصة امتثال فوزي.

ولكن ما هي تفاصيلها، وهل فعلًا أنهت زمن الفتوات مثلما كتب الكثيرون؟، وهل فعلًا كان القتل بسبب رفضها دفع «إتاوة» مثلما صُورت في زمنها؟، أم أن هناك ما هو أبعد من تلك الصورة؟

في السطور القادمة، سوف نتعرف على تفاصيل أدق وأقرب للحقيقة في قضية اغتيال راقصة، لا يعرف عنها المصريون كثيرًا.


الراقصة


ولدت امتثال فوزي في الإسكندرية، وعاشت مع والدتها التي كانت تعمل «عالمة» تغني وترقص في كازينوهات ومقاهي الثغر، ومع زوج أمها البلطجي، الذي سعى بكل الطرق إلى محاولة إجبارها على ممارسة الرذيلة مع زبائن الكازينوهات التي كانت أمها تعمل بها، ولكنها تهرب منهما، فتقع في يد مجموعة من الجنود الإنجليز الذين يتناوبون على اغتصابها، فتعود من جديد إلى زوج أمها، وتوافق على ممارسة الرذيلة بأجر.

لم تسلم امتثال من شر زوج الأم، الذي لم يكن يعطيها حتى أجرها بعد ممارستها للرذيلة مع الغرباء، في ظل صمت الخاضع من الأم، فتقرر الهرب من جديد، ولكن هذه المرة إلى العاصمة، القاهرة، لتبدأ رحلة في منطقة روض الفرج.

عملت كراقصة في البداية، ثم تعرفت على أحد الوجهاء، ابن أحد البشاوات أصحاب الحظوة في مصر خلال تلك الفترة، فأعجب بها وتوسط لها عند بديعة مصابني لتعمل في فرقتها الشهيرة. أعجبت بها بديعة، وتنبأت لها مثلما تنبأت بأهم فنانين مصر في عشرينيات وثلاثينيات القرن الـ20، وأدخلتهم حظيرتها، وكانت امتثال فوزي بالتأكيد إحداهن.

حداد على امتثال فوزي


سكنت امتثال في سكن مشترك مع صديقاتها في الفرقة، حتى شاهدها أحد بلطجية الشارع، وطلب منها أموالًا مثلما كان يفعل مع كل راقصات الشارع تقريبًا، لكنها رفضت، فأعجب بها وبشخصيتها، وحاول التقرب إليها، وهنا استغلت امتثال حبه لها، وقوته وبطشه على أصحاب الكازينوهات في الشارع، وكذلك علاقته بالإنجليز، حتى صارت ملكة شارع عماد الدين.

عاد الوجيه ابن الباشا إلى الصورة من جديد، ليعرِّفها على مخرج مسرحي شاب أتى للتو من باريس، فأحبته امتثال، وعندما عرف البلطجي هددها بالقتل، لتلجأ إلى المخرج الشاب الذي اقترح عليها أن تعيش معه في منزله وأن تعتزل الرقص، فوافقت بالفعل، وعاشت معه، فلما حملت طلب منها التخلص من جنينها، ولكنها فشلت في التخلص منه، فطردها لتعود إلى أمها في الإسكندرية!.

عادت امتثال من جديد إلى الجحيم، ولكنها لم تيأس، فطلبت النجمة التي اعتزلت الرقص من ابن الباشا أن تعود للقاهرة من جديد، ولكنها هذه المرة جاءت بقوة الباشا، وبقوة حظوته لدى الشرطة المصرية، وبالفعل تحدت الجميع هذه المرة، وافتتحت كازينو خاص بها مجاور لقسم الأزبكية، لتكون بعيدة عن سيطرة البلطجي المحب المغدور به.


عرف البلطجي بأمر الكازينو، فاشتاط غيظًا، وأرسل لها رجاله يطلبون منها دفع الإتاوة من جديد، فرفضت وتحدته مرة أخرى، فقرر البلطجي أن يجعلها عبرة لمن يتحداه، فاستأجر قاتل محترف ليتخلص منها، وبالفعل ذهب القاتل وطعنها بـ«رقبة زجاجة»، ويتم القبض عليه وعلى البلطجي.

تنتهي قصة امتثال هنا، ولكنها ليست امتثال الحقيقية التي نبحث في قضية مقتلها، بل هي امتثال أخرى اخترعها الكاتب الكبير الراحل ممدوح الليثي، في فيلم بعنوان «امتثال» أخرجه حسن الإمام، قال صناعه إنه مأخوذ عن واقعة اغتيال الراقصة الشهيرة، وقد قامت بدور امتثال، ماجدة الخطيب، وقام بدور البلطجي، عادل أدهم، وقام بدور الوجيه ابن الباشا، سمير صبري، وقام بدور المخرج المسرحي، نور الشريف، أما بديعة، فكانت نجوى فؤاد.

إعلان الفيلم كما ظهر في صحيفة الأهرام 


الفيلم صدر سنة 1972 وعرض أول مرة في سينما ريفولي وروكسي بالقاهرة، وريو بالإسكندرية، وهو من إنتاج رمسيس نجيب، وقد حقق نجاحًا متوسطًا في وقت كانت فيه المؤسسة المصرية العامة للسينما التابعة للدولة المصرية تحتل معظم السينمات الأخرى بأعمال مثل «أغنية على الممر» للمخرج علي عبدالخالق، و«بنت بديعة» لسميرة أحمد، وإخراج حسن الإمام أيضًا.


أما نقديًا فكتب الكثيرون عن الفيلم، لكنهم أكدوا أن المخرج انتصر على السيناريست، فوضع في الفيلم كل ما هو سوقي، في إشارة إلى منهج حسن الإمام في العمل، الذي عادة ما يعتمد على ضرورة إقحام عناصر جذب للجمهور، ومنها الرقص والغناء والدراما المثيرة المركبة.

ولكن ما هي القصة الحقيقية لامتثال؟، وما هي حدود التشابه بينها وبين قصة الفيلم الذي كتبه الليثي؟
في عدد مجلة «المصور» الصادر في 29 مايو 1936، أي بعد حادث الاغتيال كانت الحكاية الحقيقية لامتثال، أو «أسما»، كما سنرى.


«أسما الصعيدية» التي صارت «امتثال اليونانية»

عدد المصور 29 مايو 1936


في قرية مير، وهي إحدى قرى مركز ديروط بأسيوط، ولدت فتاة جميلة لعائلة فقيرة الحال كباقي أهل القرية، أسموها «أسما»، وككثير من أبناء قرى الصعيد حينها كانت الهجرة إلى القاهرة أو الإسكندرية هي المفر لتغيير حياتهم إلى الأفضل، فهاجرت «أسما» مع والديها إلى الإسكندرية.

ولضيق ذات يد الأسرة النازحة، عاشت «أسما» في بيت أسرة يونانية سكندرية ألحقتها في البداية بمدرسة «أميزوف» بمنطقة العطارين. بعض من كانوا يعجبون بجمالها ويرقبون تحركاتها يقولون إنها كانت خادمة الأسرة، وبعضهم قال إنها كانت تتدرب على أعمال الخياطة مع زوجة صاحب البيت اليوناني التي كانت من أشهر الخياطات في الإسكندرية، أما الخواجة فكان من أهم أصحاب الدكاكين التي تبيع كل شيء، من أول البقالة إلى لعب الأطفال.

في البيت اليوناني تعلمت «أسما» مهنة الخياطة، كما تعلمت أيضًا اللغة اليونانية، حتى كان يظن من يسمعها (ترطن) بها أنها من بنات أثينا، لا بنات الصعيد أو الإسكندرية. 

ولأن «أسما» كانت فائقة الجمال، كان العرسان يتهافتون على منزل الخواجة اليوناني باستمرار، وفي أحد الأيام، وبينما «أسما» قد أتمت الرابعة عشرة من عمرها، جاءها عريس لم تستطع الأسرة رفضه، كان ابن أحد المستشارين في محكمة الاستئناف، ما يعني أنه ذو نفوذ وجاه ومال، وهو الأمر الذي بدّل حياة أسما كثيرًا.

ولكن حياتها الميسورة تلك لم تستمر سوى عامين اثنين فقط، إذ انفصلت عن الزوج، بعد أن عانت من سوء معاملته.

خرجت «أسما» من بيت ابن المستشار إلى شوارع الإسكندرية، سارت فيها بعد أن تقطعت بها السبل، فهي لا تريد العودة إلى المنزل الذي دفع بها طفلة في أحضان رجل مكتمل الرجولة، كما أنها لا تريد الرجوع إلى الحياة البائسة التي عاشتها طوال عامين كاملين مع رجل اعتاد على إهانتها. هنا تذكرت ما كان يقوله الرجل اليوناني عن مقهى اسمه «الغزاوي»، والذي كان يجتذب الراقصات الناشئات، فتبقى فيه الواحدة منهن حتى يلمع اسمها وترتفع أسهمها، ثم تتركه إلى الملاهي الفاخرة في الإسكندرية أو القاهرة.

ذهب الخواجة اليوناني إلى البوليس بعد أن طال غياب «أسما». ذهب ليبلغ عن اختفاء الفتاة الصغيرة. مر كذلك على المستشفيات بحثًا عنها. وبعد أيام استُدعى الخواجة إلى قسم الشرطة ليقول له الضابط إن «أسما» لم تغرق في البحر ولم يأكلها الترام، كما لم يخطفها أحد المعجبين، بل احترفت الرقص في «مقهى الغزاوي».

لم يصدق الخواجة ما قاله ضابط القسم، بل ذهب بنفسه إلى المقهى، فوجد «أسما» وهي ترقص والجمهور قد ملأ المقهى ضجيجًا من أجلها، فقد كانت أجمل وأصغر راقصة فيه، وكانت بالنسبة لجمهور المقهى اكتشافا جديدًا لم يسبق له مثيل. 

مقاهي الإسكندرية كانت بمثابة كازينوهات كاملة، فقد دخلت «أسما» المقهى طالبة عمل، فلا عمل هنا سوى الرقص، الرقص ولا شيئًا غيره لمبتدئة صغيرة مثلها، فالغناء أمر يبدو أصعب بكثير، ويحتاج إلى خبرة كبيرة. وافقت، ورقصت، وصنعت اسمًا مهما في عالم الرقص في الإسكندرية، لكنها ومع أول محاولة للغناء بعد رضوخ أصحاب «مقهى الغزاوي» وغيره من المقاهي، غيرت «أسما» اسمها إلى امتثال فوزي، أو «امتثال اليونانية» كما كان يلقبها الزبائن، نظرًا للغتها اليونانية السليمة التي كانت تستخدمها كثيرًا في تعاملاتها اليومية بينها وبين أصحاب المقهى ورواده. 

ويروي التحقيق المنشور في مجلة «المصور» أنها فكرت في الهجرة إلى القاهرة بعد أن التقت بماري منصور في مقاهي الإسكندرية، إذ أقنعتها ماري بالذهاب إلى العاصمة لاحتراف الغناء والفن، وهي رواية تتنافى مع ما ذكرته جريدة «اللطائف المصورة» في عددها الصادر في الأول من يونيو سنة 1936، من أن صيت امتثال وصل إلى القاهرة بالفعل عن طريق الجمهور الذي كان يسافر خصيصًا ليشاهدها في الإسكندرية، وأن أول من فكر في استدعائها إلى القاهرة النجمة الكبيرة بديعة مصابني، صاحبة «كازينو بديعة»، التي أرادت أن تعمل لديها امتثال لتنضم إلى جوقة النجوم الكبرى الذين خرجوا من الكازينو، فقيل إنها أرسلت لها عددًا من الوسطاء لإحضارها.

بديعة مصابني ومساعدتها الحبشية


ولكن في عدد «الكواكب» الصادر في 22 يناير سنة 1972 ذكر كاتب قصة «امتثال اليونانية.. قصة حقيقية» رواية ثالثة، وهي أن شارع عماد الدين كله كان يعرف اسم «امتثال اليونانية» قبل أن تأتي إلى القاهرة، وقد وجدت بديعة مصابني من يقول لها: «الحقي يا ست.. البنت اللي اسمها امتثال فوزي عاملة هوسة في إسكندرية، ويمكن حد يجيبها مصر (القاهرة)».

كانت بديعة شديدة الإحساس بمواهب الراقصات الجديدات، وكانت قد سمعت باسم امتثال فعلًا وقررت أن تستقدمها، بل ذهبت هي نفسها من أجلها، وأحضرتها بعقد عمل نظير أجر كبير لم تكن تتقاضى امتثال نصفه في الإسكندرية.

وأيا كانت الرواية الأصح فإن امتثال جاءت بالفعل إلى القاهرة، جاءت لتجد حياة أخرى، ودنيا أخرى، تختلف تمامًا عن الحياة في الإسكندرية. حياة صاخبة، يتجول حولها جنود من كل دول العالم، وجواسيس من كل بلدان أوروبا في فترة ما بين الحربين، ووطنيين، وبلطجية كذلك.


البلطجي


قام النجم عادل أدهم بأداء دور البلطجي في حياة الراقصة امتثال، وقد أطلق عليه كاتب السيناريو ممدوح الليثي اسم «فؤاد الشامي»، وهو نفس اسم البلطجي الذي ارتبط بقضية اغتيال امتثال فوزي الحقيقية.

وعند الحديث عن فؤاد الشامي لابد من الحديث عنه في إطار كونه فردًا من جماعة بشرية اتخذوا من قوتهم وسيلة لبسط نفوذهم، وإقامة ما يشبه بالديكتاتوريات المصغرة في المجتمعات التي يعيشون فيها.

وقد أطلقت صحف زمن واقعة القتل عدة أوصاف على فؤاد الشامي، منها الفتوة ومنها البرمجي ومنها أيضًا البلطجي، فما هو الوصف الأدق لفؤاد الشامي؟

«الفتوة»، كلمة أصلها «فتي» أي قوي لأنه شاب، أما الصورة الذهنية للكلمة في رأس الغالبية فهي ولا شك متأثرة بكتابات نجيب محفوظ في ملحمة «الحرافيش»، وكذلك بكتابات عبدالرحمن الجبرتي عن فتوات القلعة والحسينية أصحاب ملحمة «ثورة القاهرة الأولى» ضد جنود بونابرت في الحملة الفرنسية على مصر، وهي الكتابات التي أنصفت الفتوة، على غير كثير من النماذج، التي تم ذكرها في كتب تاريخ الفتوات. 

فمثلًا، يروي سيد صديق عبدالفتاح في كتابه المهم «تاريخ فتوات مصر ومعاركهم الدامية» عن محمود الحكيم فتوة الكحكيين الذي عاش في السنوات الثلاثين الأولى من القرن العشرين، أنه قتل فتوة منطقة سوق السلاح بسبب ضغائن بينهما، وقد تدخل القنصل الفرنسي بشأنه، وأخرجه بريئًا. هذه الحماية الفرنسية للحكيم، تحولت إلى عداء بعدما بلغ مأمور قسم الدرب الأحمر أن محمود يدير محلًا لبيع الحشيش في منزله، فأراد ضبطه واستصدر إذنا من قنصلية فرنسا، فانتدبت وكيلها للذهاب معه في عملية الضبط، وبالفعل ذهب المأمور ووكيل القنصل ومعهما 15 جنديًا وضابطًا، وهاجموا الغرزة، فقابلهم محمود الحكيم وشقيقه، ودارت معركة سال فيها دم وكيل القنصل نفسه، ما أدى إلى القضاء بنفيه إلى الخارج، فاختار بيروت! إلا أنه بعد فترة تمكن من العودة من جديد، وقد مات الحكيم بعد أن أُبعد من جديد إلى مدينة فاس المغربية، بمرض خطير لم تنفع معه حيل الأطباء.

أما «البُرمجي» فمن الواضح أنها كلمة تركية، لدخول الحرفين الأخيرين «جي» إليها، وهما حرفان يدلان على صاحب المهنة، أي أن البرمجي هو صاحب مهنة «البُرْم» بضم الباء وسكون السين، وأقرب المعاني للكلمة في المعجم الوسيط هي أن «البُرْم» آلة حلزونية تُستخدم في ثقب الصخر أو الخشب أو توسيع الثقب، وربما أطلق الوصف على هؤلاء الأشخاص غير المستقيمين في الوصول إلى مصلحتهم.

وجماعة البرمجية نشأوا، كما يقول المؤرخ جمال بدوي، بنشوء دور الدعارة الرسمية في منطقة الأزبكية وشعابها وحواشيها، والتي تمتد من ميدان الأوبرا إلى منطقة الرويعي ووجه البركة، إلى آخر باب الشعرية، حيث وجدت في بداية القرن العشرين سلسلة من مجالس الأنس والحانات والمراقص وقاعات القمار وعشرات البارات الصغيرة، التي تديرها الحسان من الأجنبيات اللائي ملأن بيوت وجه البركة.

ويضيف بدوي في دراسة نشرها في عدد تذكاري صدر بمناسبة مرور 75 عامًا على أول أعداد مجلة «المصور» عن دار الهلال، أن كل واحدة من هؤلاء كانت تتخذ خليلا يعرف بلقب «البرمجي» وهو الرجل الذي يأكل بالمجان ويعيش من مال المرأة.

ولكن الباحث طارق المهدوي يقول في بحث له إن «البرمجي» هو أحد أهم عناصر بيت الدعارة في أوائل القرن العشرين، وهو الشخص الذي يرافق الفتاة العاملة في الدعارة رغمًا عنها، ويقطرها ويبرم وراءها في كل مكان، لحمايتها من الزبائن، ومنعها من الهروب مع أحدهم في نفس الوقت.


ومن طرائف المهدوي أنه يقول: إن الشاعر الغنائي الكبير محمد حمزة عندما كتب أغنيته (عاشقة ومسكينة والنبي) التي لحنها بليغ حمدي وغنتها صباح، نحت كوبليه تكراري في غناء فلكلوري كان يتم بمناسبة افتتاح أي بيت بغاء جديد كانت النسوة يقلن فيه (عايقة ومقطورة وبرمجي).


و«العايقة» هي صاحبة البيت أو مديرته، والمقطورة هي الفتاة العاملة بالبغاء، أما البرمجي فهو كما عرفه المهدوي في التعريف المذكور.


نعود لدراسة بدوي التي يؤكد فيها أنه عندما تسلمت السيدات المصريات مهام إدارة محلات الرقص وكازينوهات الفرفشة، وتداخل مهنة الرقص بالبغاء، استفحل أمر «البُرمجية»، وصاروا «بلطجية» يديرون عصابات، وهو الوصف ربما يكون الأدق لفؤاد الشامي.


فؤاد الشامي ربما كان البلطجي الأهم في ثلاثينيات القرن العشرين داخل منطقة عماد الدين، إلا أن كتابات الصحف في العشرينيات كانت دائمًا ما تتحدث عن يوسف شهدي وأحمد الصعيدي، واللذين يعتبرا أول بلطجية شارع عماد الدين، وقد كانت العداوة بينهما شديدة للغاية، حتى قيل إنه لا يكاد ينقضي أسبوع إلا ويلتحمان في مشاجرة عنيفة في أحد ملاهي الشارع أو منطقة الأزبكية، وكانت أقوى مشاجرة بين الاثنين تلك التي نُفي بسببها يوسف شهدي إلى الخارج، حيث كان من رعايا الحكومة الفرنسية، وقد وقعت تلك المشاجرة في ملهى «البيجو» في عماد الدين، وتم تكسير الملهى كاملًا على أدمغة الزبائن.


في تلك الفترة كانت راقصات شارع عماد الدين واقعات تحت نفوذ تلك الطائفة من البلطجية، الذين امتلأ بهم الشارع، وبقية الشوارع التي توجد فيها الملاهي الليلية بالقاهرة، وكانوا يؤلفون عصابات تفرض إتاوات على الراقصات، يدفعنها وهن صاغرات، ولم يكن بين هذه العصابات أعتى من عصابة فؤاد الشامي، حتى أن عصابات البلطجية الأخرى التي كانت تتمتع بالحماية في ظل الامتيازات الأجنبية لم تكن تستطع أن تتحدى فؤاد الشامي وعصابته.


امتثال والشامي.. اللقاء الأول في «البوسفور»


في القاهرة تجلت مواهب امتثال فوزي في الرقص وغناء المونولوجات الخفيفة والاستعراضات، ولاقت النجاح لدى الجمهور، وفي سنة 1934 قد بلغت امتثال أقصى شهرتها، ولم تعد مجرد تلميذة لبديعة مصابني، بل أصبحت نجمة بمعنى الكلمة، وتركت العمل عند بديعة وتشاركت مع زميلتها ماري منصور في إدارة كازينو مستقل هو «كازينو البوسفور» المواجه لميدان باب الحديد، وتمثال نهضة مصر في مكانه القديم.


و«كازينو البوسفور» كازينو عريق قبل أن تستأجره امتثال وماري، وقد عمل على مسرحه مشاهير المطربين والمطربات والفرق التمثيلية الكبرى، به مئات المقاعد، وصالة للبلياردو، وصالة خاصة بحفلات العائلات. الكازينو كذلك كان يتمتع بنظافة نادرة، تجعله مكان جذب للزبائن، فضلًا عن موقعه الاستراتيجي. 


في الكازينو التقى الشامي البلطجي بامتثال، لأول مرة، وكان الانبهار بجمالها والمال الذي يسيل تحت قدميها. ويقال إن الشامي بعد اللقاء الأول خرج إلى الشارع في حركات هيستيرية استعراضية يأمر أفراد عصابته بضرب كل من يتعرض لامتثال أو يضايقها من قريب أو من بعيد.


لكن امتثال لم تكن تطيقه ولا تطيق أفعاله. لم ترضخ مطلقًا لسطوة البلطجية وعتاة الإجرام، فلم يكن فؤاد الشامي من النوع الذي يثير اهتمامها أو إعجابها حتى لو هو أبدى ذلك، فقط لأنه بلطجي. لم يصدق الشامي نفسه بعد هذا الرفض وعدم الاهتمام واللامبالاة التي تقابله بها امتثال، فلجأ إلى فرض الإتاوة، فرفضت مثلما رفضت أي محاولة ابتزاز من عصابات البلطجية الآخرين.


وفي مرة، وفي حضور الشامي للكازينو، ذهب رجاله إلى امتثال يبلغونها أن زعيمهم يرغب في جلوسها معه، فقد نظرت إليهم بلا مبالاة، ولم تجبهم بكلمة واحدة، ومضت بعد رقصتها لترتاح في حجرتها الخاصة بالملهى. ذُهل أفراد العصابة، وذُهل فؤاد الشامي نفسه، فإن بديعة مصابني نفسها، وهي ما هي في شارع عماد الدين وفي عالم الاستعراض بمصر، تلاينه ولا تتجهم في وجهه، فكيف لهذه الامتثال أن تقف أمامه هذا الموقف العنيد. لا إتاوة، ولا ريق حلو.


فكر فؤاد قليلًا، ثم قرر ألا يبتزها بالقوة والإرغام، فقد كان واقعًا في حبها، مؤملًا أن يكون تصرفها هذا نوع من الدلال وليس لونا من الازدراء والتعالي، فقرر الذهاب إليها بنفسه، وعرض عليها حمايته وقلبه، ولكنها رفضت، فقال لها: «ادفعي إذن 50 جنيهًا في الشهر». ابتسمت امتثال في وجه الشامي بسخرية، مؤكدة له أنها لن تدفع شيئًا، بل شتمته باليونانية! 
الغريب والمريب في الأمر أن ماري منصور شريكة امتثال فوزي في إدارة الكازينو كانت تدفع للشامي نصف المبلغ!


مات الملك.. عاش الملك

الملك فاروق ورئيس الحكومة مصطفى النحاس


بينما كانت قصة الحب الممزوجة بالابتزاز ومحاولات السيطرة تدور في شارع عماد الدين بين الراقصة امتثال فوزي والبلطجي فؤاد الشامي، كان الملك فؤاد يواري الثرى في ضريح مسجد الرفاعي الكائن في آخر شارع محمد علي القريب لشارع عماد الدين، بعد أن أسلم روحه في قصر القبة يوم 28 أبريل سنة 1936.


كان الوضع في عموم مصر متداخل مرتبك، فالزعيم الوفدي مصطفى النحاس كان لتوه متوليًا رئاسة وزراء مصر، بعد تخبط حكومي وبرلماني، وبوفاة الملك زاد الوضع ارتباكًا، حيث انطوت صفحة مهمة في تاريخ مصر الحديث لتبدأ بعدها صفحة جديدة من صفحات تاريخ أسرة محمد علي باشا مؤسس الأسرة العلوية.


كان الأمير فاروق في الخارج لما مات أبوه، عاد الفاروق في 6 مايو سنة 1936 وهو التاريخ الذي اتخذ فيما بعد التاريخ الرسمي لجلوسه على العرش، ونُصب ملكًا على البلاد خلفا لوالده الملك فؤاد الاول، وذلك وفقا لنظام توارث عرش المملكة المصرية في بيت محمد علي الذي وضعه الملك فؤاد بنفسه بالتفاهم مع الإنجليز. 


وقد استقبل الشعب المصري كله الملك الشاب استقبالا جيدًا، لأن القلوب كلها كانت تعطف عليه لحداثة سنه ولوفاة أبيه وهو بعيد عنه وفي بلاد غريبة واستبشروا بقدومه خيرا بعد عهد أبيه الذي كان ينظر إليه على أنه ملك مستبد وموالٍ للإنجليز، خصوصًا في وجود زعيم كبير اسمه النحاس باشا.

مسكينة يا امتثال


أيام الصخب السياسية رافقتها أيام صخب أخرى ولكنها في ميدان باب الحديد، إذ وصلت إلى حد اعتداء فؤاد الشامي نفسه على امتثال، التي صارت صاحبة معارف وأصدقاء مرموقين. بالفعل، تشير التحقيقات في القضية التي نشرت في أعداد الأهرام والأخبار بعد أسابيع من الواقعة، إلى أن امتثال لجأت إلى أحد الموظفين الكبار من ذوي النفوذ في دوائر البوليس، وهو ما علمه فؤاد الشامي جيدًا، فاستبق الأمر وخشي من إيذاء معارفها. ذهب الشامي إليه في ذلة ومسكنة، بل تؤكد التحقيقات أنه انحنى على يده يريد تقبيله، فقال له الموظف ذو الشأن: «كيف تسول لك نفسك وأنت هكذا رجل طويل عريض و(جتة) أن تمد يدك إلى راقصة، وتسألها نقودًا».


فرد الشامي: «أمال رايحين ناكل منين يا سعادة البيه، إحنا لينا شغلة غير دي، طيب شغلني وأنا أبطل الكار ده».


خرج الشامي ذليلًا من عند الرجل ذي الشأن، فوقع بين شقي رحى، أن يخضع لمحبوبته التي صارت عدوًا لدودًا له، فتنهار هيبته كبلطجي، أم يسعى للانتقام ممن ذلته هذه الذلات الكبرى، وينقذ صورته أمام أقرانه، فهداه شيطانه إلى أن ينتقم، فكان القتل هو طريقه.


في 22 مايو، حدثت الواقعة، واقعة القتل التي هزت مصر كلها، ربما هزتها أكثر من واقعة موت الملك فؤاد ذاته، والدليل أن صورة امتثال فوزي كانت غلاف مجلة «كل شيء والدنيا» الصادرة من دار الهلال في عدد 23 مايو، بينما كانت تنعقد جلسة مجلس النواب الأولى بحضور أوصياء العرش، وهي الجلسة التي ألقى فيها النحاس باشا خطاب تسلم الملك الشاب لعرشه، والأكثر دهشة أن تلك الصورة الشهيرة التي ظهر فيها النحاس يلقي الخطاب، كانت في الغلاف الداخلي، وليس الخارجي كما هو معهود ومتوقع.

غلاف «كل شئ والدنيا» في العدد الصادر 23 مايو 1936


وقد تناولت الصحف الخبر بشيء من الضخامة، وخرجت «المصور» لتقول في عدد ما بعد واقعة القتل: «مسكينة يا امتثال.. دمك في رقبة الحكومة»، وهنا كانت تقصد بالتأكيد مسؤولية الحكومة في ترك البلطجية من دون ضابط ولا رابط.


ولكن، هل قتلها الشامي بيده؟، هل سلط أحد من رجاله؟، ولماذا اتخذ الشامي نفسه القرار بهذه السهولة؟. 


هنا الفجالة.. هنا تربى الشامي 


عملية البحث عن التحقيقات وعن أي خيط قريب من فؤاد الشامي كانت شاقة للغاية، خصوصًا أن القضية تعود إلى الثلاثينيات من القرن العشرين، أما الشامي فإن كل المعلومات المتاحة عنه على الإنترنت، وفي الصحافة التي نشرت عن الواقعة كانت تشير إلى أنه تم سجنه وليس إعدامه، وخرج في منتصف أعوام الخمسينيات، معلنًا توبته.


إلا أن إحدى القصص التي تناولت الواقعة، والتي نشرت في مجلة «الكواكب» في أوائل السبعينيات، فيما يبدو بسبب الفيلم، أكدت أنه كان يقطن حي «الفجالة» الشهير، القريب من ميدان رمسيس، أو باب الحديد سابقًا.


هنا كان الذهاب إلى المكان الذي ولد وتربى فيه فؤاد الشامي حتميًا، بعد السعي إلى البحث عن أي خيط عبر مواقع التواصل الاجتماعي وفي الأرشيف الصحفي عن حفيد للشامي، أو ابن لازال على قيد الحياة.


«الفجالة» حي تجاري كبير، يمتلئ جزؤه القريب من ميدان رمسيس بمحال بيع الأدوات المكتبية والكتب الدراسية الخارجية، وفي جزئه الثاني تسيطر الأدوات الصحية والسيراميك على المشهد. بداية البحث هنا من لافتات المحال الموجودة، لعل يتصدر إحداها اسم الشامي، وهنا قد نقترب من ضالتنا.


لا يوجد لافتة بهذا الاسم. إذن، فالبحث عن أكبر التجار وأكبر قاطني الحي، وبالفعل، دلني شخص على آخر على آخر على آخر، حتى وصلت إلى رجل يبدو في أوائل السبعينيات من العمر، رفض ذكر اسمه، أو حقيقة قربه من الشامي. يجلس على مقهى صغير ويدخن الشيشة في يده، ويسعل بشدة.


لدى سؤالي عن معرفته بالشامي، بادرني: «لماذا تسأل؟»


وبلهجة ساخرة تمتزج بحشرجة متوقعة: «هل هناك قضية قتل أخرى يريد البوليس أن يلفقها للشامي؟». ضحك الرجل، وضحكت، مؤكدًا أن لديه دليل براءة الشامي، وسيطلعني إياه بعد أيام قليلة. تركت الرجل بعد أن تبادلنا أرقام الهواتف على وعد بلقاء قريب، فيه كشف للغز. 


زكي طليمات


مسألة براءة الشامي من قتل امتثال جعلتني أشد دأبا على البحث من جديد عن أوراق التحقيقات، لكنها لم تكن متاحة في كل المناطق التي حاولت البحث فيها، خصوصًا في «الأنتيكخانة» التي ربما صدر قرارًا خفيًا بإغلاقها أمام الباحثين، وفتحها فقط لمصالح الناس من زيجات وطلاقات وقضايا إعلام الوراثة.


في أرشيفات الصحف الكبرى، وفي نطاق الواقعة، لم تنشر نصوص التحقيقات أيضًا إلا بشكل بسيط، وفي أعداد متناثرة متباعدة، ربما انطقلت القضية كالشهاب في وقت استقبال الفاروق، ثم اختفى وهجها شيئًا فشيئًا، رغم اهتمام النحاس باشا بها، وإصداره لأوامره بإنهاء حالة التسيب في شارع عماد الدين، وسيطرة البلطجية على ملاهيه وكازينوهاته.


وسط كل هذا، كان هناك رأي للنجم الكبير زكي طليمات، والذي قالت بعض التقارير التي تناولت الواقعة في زمن «اليوتيوب» والبحث عن المشاهدات، إنه كان متزوجًا من امتثال فوزي وقت مقتلها، بل أن بعض التقارير التي صادفتها على تشير إلى أنه وصفها كزوجة رائعة في أوراقه الخاصة، أما أكثر المصادر الصحفية الموثوقة فلم تشر إلى ذلك، على الأقل إن كان شكل الزواج رسميًا، ربما كان في السر، وربما كانت علاقة حب وود فقط، أو ربما كانت علاقة صداقة مثلما قال طليمات نفسه.

زكي طليمات


مجلة «المصور» في أول الأعداد التي صدرت في يونيو سنة 1936 ذهبت إلى النجم المسرحي الكبير وأجرت معه حوارًا كان عنوانه: «امتثال.. ذات الجسد الثعباني المتيقظ»، بدأه طليمات بالحديث عن ظروف مقتلها، فقال إنها كانت تخوض حربًا من جانب زميلاتها اللاتي كن يتربصن بها، ويستخدمن البلطجية للقضاء عليها، حتى أنها وقبل أسبوع واحد من مصرعها هجم عليها أحد البلطجية وضربها ضربة شجت رأسها، ونجت من محاولة للقتل، وفي يوم مقتلها تلقت رسالة تهديد بالتليفون في الساعة السادسة صباحًا، ولكنها لم تعبأ بالتهديد، وخرجت إلى عملها كالمعتاد، فلما اقتربت من الكازينو شعرت بأنها مُطاردة فانطلقت إلى نقطة البوليس مستغيثة لاهثة تطلب الحماية من رجال الأمن، ولكن القدر جعل رجال الأمن العام ينسون واجبهم نحو حماية الأرواح، فلم يرسلوا معها أحد الجنود لحمايتها، وهوت يد القاتل على رقبتها فقطعت شريان الحياة.


وأضاف طليمات: «كانت للفقيدة شخصيتان مختلفتان كل الاختلاف، تكاد كل منهما تنكر الأخرى، فامتثال التي عرفتها أنا فقط، هي الصديقة الطيبة الوفية ذات الوجه الهادئ، وجه الطفل البريء الذي يطالع الناظر إليه شروق الفجر الوردي، ويلفت التأمل فيه هدوء منظر طبيعة مصر الغارقة في حلم لا ينتهي، امتثال القانعة، ربة البيت المدبرة البشوشة التي كانت تجعل من بيتها وكرًا لا ينقطع فيه الإنشاد. امتثال ذات الفطرة الوديعة التي يمتزج فيها الألم بالاستسلام».


أما عن وجه امتثال الثاني الذي قصده طليمات، فيقول: «امتثال الثانية هي التي عرفها رواد الصالات، الراقصة المُفتنة التي تحمل وجه نمر بعينيه المستديرتين، هذا الوجه الذي لا يلطف من فزعته إلا وسامة أخاذة، الهلاك كله كان في قسماته الفاتنة، امتثال ذات الجسد الثعباني المتيقظ الذي يفوح منه عطر دمها الشاب إلى جانب رائحة الويسكي، هذه المخلوقة الخطيرة السافرة بالوعود، اللاعبة بحبات القلوب، الظامئة إلى استلاب عقول الرجال قبل تفريغ جيوبهم، الشيطانة الحلوة التي تؤذي رواد الصالات لمجرد اللهو وإحياء اللوعة في القلوب. امتثال التي تناقلت الأفواه أخبار مقالبها حتى غدت شخصية عجيبة تستجلب بشذوذها وغرابة أطوارها طغام (بسطاء) المستمعين وكبار الشطار إلى أشراكها اللعينة، تستدرجهم مقدمة لهم الطُعم في أشهى لقمة، ولكن ليغصوا بما يأكلون بعد حين، وليغدوا حديث سخرية تضيف صفحة شهية إلى نوادر المغفلين الذين هم من مخاليق الله المتبجحين».


وكانت من أبرز صفات امتثال في رأي طليمات قدرتها الفائقة على إذكاء ما تريد إشعاله في نفس من يحدثها، جلسة واحدة لطالب الاستمتاع يقضيها إلى جانبها وسط ضوضاء الصالة تكفي لأن تضع اللجام في عنقه، ويقوم «الكبش» كما كانت تسميه بعد أن يكون قد أفرغ قلبه وجيوبه عن طيب خاطر، ينتظر الوفاء على جمر الحسرة، ثم سرعان ما تتكشف له الحقيقة فيثور ويتوعد ويقابلها، وعندما يسمع صوتها الهادئ ذا الغنة الحلوة، يأخذه سحرها من جديد، وسرعان ما ينسى، ويعيد الأمر من جديد، أو ينصرف بلا حقد ولا حسرة على ما أنفق، قانعًا من فتنة هذه المرأة بحلو حديثها.


كلام عملاق المسرح المصري، زكي طليمات، على قدر ما فيه من جمال الصياغة ورقة الألفاظ وبلاغتها، بقدر ما فيه من معرفة حقيقية بامتثال، لا سيما معرفته لجانبي الشخصية التي تحدث عنهما، شخصية امتثال الصديقة وربة المنزل وربما الحبيبة فعلًا او الزوجة مثلما أشار البعض، وشخصية امتثال الراقصة اللعوب، بكل ما فيها من صفات الخبث والدهاء والمكر. في واحدة يمدحها طليمات، وفي الأخرى يعيب عليها.


هل فقدنا ممثلة وراقصة عظيمة حقًا؟


واقعة رواها محرر «كل شيء والدنيا» في عدد 23 مايو من 1936، التي تصدرت غلافه، تدل على ذكاء تلك المرأة فعلًا، وكذلك روحها المرحة، فيقول إن القدر أراد أن يخلد ذكرى امتثال فوزي بعد مصرعها الفاجع، فجعل منها ممثلة سينمائية للمرة الأولى في حياتها، إذ كانت اتفقت مع أحد المخرجين قبل مقتلها ببضعة أسابيع على القيام بدور بارز في شريط سينمائي جديد، وأظهرت بتمثيلها لهذا الدور استعدادها الفني للظهور على الشاشة ما جعل المخرج يعد «اسكتش» غنائي راقص، تكون هي بطلته، يصوره حتى قبل أن يبدأ في تصوير الفيلم.
وبالفعل، أخذت بعض لقطات هذا «الاسكتش» ولكن الأجل المحتوم وافها في الحادث الأليم، ويضيف المحرر أن السينما فقدت شخصية كان من المنتظر أن تنال من النجاح والشهرة على الشاشة مثل ما نالته على المسرح.


كان من المعروف أن امتثال مولعة بالسينما، فلم يكن يمض أسبوع إلا وتذهب فيه إلى دور العرض، مرة أو مرتين، ومن هنا نشأت رغبتها الحقيقية في أن تكون من بين نجومها، وكانت تترقب بالفعل الفرصة المناسبة التي تساعدها على الوقوف أمام الكاميرا.

ومن ظريف ما يُروى عن امتثال في هذا الجانب أنها كانت في مرة تشاهد فيلمًا للنجمة الأمريكية المعروفة حينها «كلوديت كولبرت»، ولهذه النجمة طريقة في تصفيف شعرها تميزها عن غيرها من كواكب هوليوود، إذ أنها تجعله يتدلى فوق جبينها في شكل فاتن وجذاب، فلما بدأ عرض الفيلم، قال أحد رفقاء امتثال موجها كلامه إليها إنها تشبه «كلوديت» للغاية، ولكن ما ينقصها هو قصة الشعر الفاتنة.

 

كلوديت كولبيرت 


ما هي إلا لحظات تسللت فيها امتثال إلى خارج دار العرض، ولم تعد إلى رفقائها إلا بعد فترة، حتى ظنوها تركتهم وذهبت لأمر مهم، أو لأن الفيلم لم يعجبها، وقبيل انتهاء الفيلم عادت امتثال إليهم بنفس قصة شعر بطلة هوليوود الشهيرة.

بالبحث في أرشيف السينما والمواقع المتاحة على الإنترنت، وجدنا أن امتثال قد ظهرت بالفعل في فيلم نادر اسمه «الهارب» أخرجه وكتب السيناريو له إبراهيم لاما، من بطولة فاطمة رشدي وروحية فوزي وبدر لاما، إضافة إلى امتثال فوزي التي أخطأ القائمون على موقع «السينما. كوم» في صورتها، ووضعوا صورة فاطمة رشدي في الصفحة المخصصة لها!

صفحة امتثال في صفحة «السينما. كوم»


أما في عدد جريدة الأهرام التي صدرت بعد رحيل امتثال بثلاثة أيام قال محرر باب الفن إن امتثال قبل مصرعها غنت للملحن الشهير فريد غصن مونولوج اسمه «الوداع»، تقول كلماته: «ليه يا دنيا غدرتي بي.. صحيح مفيش فـ الدنيا أمان.. ليه زدت همي وتعذيبي.. شفت العذاب أشكال وألوان»، ويقول المحرر إنها عندما سمعته لم تتمالك نفسها، وبكت، وكأنها تودع الدنيا.


عجوز «الفجالة».. وبراءة فؤاد الشامي!


في عدد «اللطائف المصورة» الصادر في أول يونيو 1936 وعندما تصدرت صورة امتثال فوزي العدد، كان في ذات الصفحة صورة للبلطجي الذي قتلها، وكان اسمه «حسين إبراهيم حسن».

عدد اللطائف المصورة الصادر في أول يونيو 1936


أما في أعداد المجلات الصادرة عن دار الهلال، وكذلك الأخبار التي تناولت الواقعة في جريدة «الأهرام» و«الأخبار»، وأيضًا مقال المؤرخ جمال بدوي، يؤكدون أن الجاني اسمه «كمال الحريري»!


أما القاسم المشترك بين الاثنين، أن فؤاد الشامي هو من دفع أحدهما لارتكاب الجريمة. قد يكون هذا هو ما قصده عجوز «الفجالة» ببراءة فؤاد الشامي، أي أنه لم يقتلها بيده، بل أعطى أوامره لشخص آخر ليفعل الفعلة.


الأيام تمر، وهاتف العجوز لا يرد، لكنه في ساعة مبكرة للغاية من أحد أيام الجمع تحدث، أخيرًا سأقترب من لغز رماه لي العجوز واختفى، ولكنه عاد من جديد.


ذهبت للقاء في ذات المقهى، بعد أكثر من 10 أيام، وجدت الرجل في نفس الهيئة تقريبًا، نفس الجلسة ونفس الجلابية وربما نفس «الشيشة»، ليبدأ حكايته المروية أولًا، والمدعومة بما يتصور أنه دليل براءة فؤاد الشامي.


كان فؤاد الشامي يقيم في شبابه الباكر في حي «الفجالة»، حيث كثرت البارات التي تبيع الخمور المغشوشة، والتي عادة ما تكون بلا ترخيص. وفؤاد في شبابه كان فتيًا مفتول العضلات، جرئ القلب، مغامرًا لا يبالي العواقب، لا قدرة لديه ولا مهنة شريفة. كان يصرف ببذخ شديد، وكان رجاله (عصابته) يملؤون الدنيا ضربًا وتكسيرًا لمجرد تلبية أوامر القائد، الشامي.

قوة الرجل وعضلاته وتطلعاته الإجرامية جعلته يسعى لترك الحي الذي تربى فيه وعاش فيه شبابه إلى شارع عماد الدين حيث الملاهي والصخب الكبير، وبالفعل واستثمارًا لشكله الرياضي افتتح هناك صالة لحمل الأثقال والمصارعة، وعن طريق هذا النادي اتسعت دائرة نفوذه، وزاد أنصاره والشبان الذين يأتمرون بإمرته.


واقعة حبه لامتثال فوزي يؤكدها العجوز، فضلًا عن وقائع فرض الإتاوات، حتى جاءت اللحظة الحاسمة، لحظة أخرج العجوز فيها من جيبه قصاصة صحفية صفراء متهالكة، لا أعرف من أي إصدار كان، وفيها حوار صحفي لفؤاد الشامي بعد خروجه من السجن.


الأمر إذن، لا علاقة له بتحقيقات النيابة، أو بخبر مهمل قلب القضية رأسا على عقب ولم تهتم به الصحافة، ولم يهتم به المؤرخون. الأمر يتعلق بحوار صحفي! ولكن حوار صحفي أكيد أفضل من لا شيء. 


خرج فؤاد الشامي بعد سجنه سنة 1957، أي أنه مكث في السجن حوالي 20 سنة، وقد افتتح «كشك سجائر» في ميدان الأزهار بالمطرية، وأعلن توبته وصدق فيها، أما حادث القتل فقال الشامي: «أبدا والله، الحقيقة أن أحد أتباعي واسمه محمود الحريري تملكه الغضب وقرر تأديبها دون أن أعلم، وفوجئت في اليوم التالي بأنه ذهب إلى صالة امتثال فضربها، وحررت امتثال محضرًا بالحادث، واتهمتني بأنني الذي حرضت هذ الشخص على ضربها، فعاتبته وضربته ضربًا مبرحًا على تصرفه بدون علمي، ولكن النقمة على امتثال كانت قد ملأتني، وتحول حبها في قلبي إلى حقد عليها».


ويضيف الشامي: «بعد أسبوعين تقريبًا بدأت أفكر في عقابها لا قتلها، ولكن خطتي في عقابها كانت عنيفة جدًا لأنها كانت ستحرمها من الرقص طيلة حياتها، وكانت تفاصيل الخطة تنحصر في بث عدد من أتباعي داخل صالة البسفور، وفي اللحظة المحددة يقوم أحدهم برفع سكينة الكهرباء حتى يظلم المكان تمامًا، وهي اللحظة التي تظهر فيها امتثال على المسرح، وفي اللحظة نفسها يحدث الباقون معركة مفتعلة داخل الصالة، بينما يقوم أحدهم بضرب امتثال بالطريقة التي سول لي الشيطان وقتها أن أفكر فيها وأحرم بها امتثال من مواصلة الظهور أمام الناس».


ويختم الشامي حديثه حول واقعة القتل فيقول: «كان المفروض أن يحدث ذلك كله في الظلام، ويسرع رجلي بالخروج من الباب الرئيسي، وكانت مهمتي أنا الانتظار على مقربة من الصالة لأتابع تنفيذ الخطة بدون أن أدخل الصالة أو اقترب منها. كان من الممكن تنفيذ الخطة دون أن تموت امتثال، لولا خطأ وقع بسبب إظلام المكان، فوقعت امتثال صريعة هذا الخطأ القاتل».


وعندما سأله المحاور عن الخطأ، رد الشامي قائلًا: «أعذرني.. الحكاية مؤلمة، أعفني من الكلام عنها».


ماري منصور.. لغز لم يُحل

إعلان لاستعراض فرقة السيدة ماري منصور 


يمتلئ الإنترنت بالشائعات وبفيديوهات تتناول العديد من الشخصيات الفنية، لكن هناك اسم يبدو في تلك القضية مهملًا، وهو ماري منصور، تلك السيدة التي اشتركت مع امتثال فوزي في إدارة «كازينو البوسفور»، وقيل إنها أيضًا من أقنعتها بالرحيل من الإسكندرية إلى القاهرة، وهي التي تشير كل الوقائع أنها كانت تدفع الإتاوة بانتظام لفؤاد الشامي، بل قيل كذلك إنها اشتركت في جريمة قتل امتثال غيرة منها!


في كتاب «مسيرة المسرح في مصر ١٩٠٠–١٩٣٥: فرق المسرح الغنائي» للمؤرخ سيد علي إسماعيل، فصل عن ماري منصور، باعتبارها أحد أشهر أصحاب صالات المسرح والغناء في مصر بداية القرن العشرين، وتقول المعلومات التي أوردها المؤرخ أن ماري مولودة في المنصورة عام ١٨٩٩، وهي من الممثلات القلائل التي تتحدث أكثر من لغة؛ منها الفرنسية والإيطالية واليونانية، وقد تزوجت ماري ثم طُلِّقت بعد أن رُزِقت بموريس وعايدة. 


وبدايتها الفنية كانت في مسرح رمسيس عام ١٩٢٤، حيث قامت بتمثيل أغلب مسرحيات يوسف وهبي، وفي أواخر عام ١٩٢٦ انضمت ماري إلى فرقة نجيب الريحاني، ومثَّلت مسرحيات معه كذلك، وبعدها بعام انضمت إلى الفرقة المستقلة، ثم عادت في نفس العالم مرة أخرى إلى فرقة رمسيس، وشاركت في تمثيل مسرحيات: «ملك الحديد»، «الفريسة»، «دكتور جيكل ومستر هايد»، «الجريمة».


تركت ماري منصور التمثيل المسرحي، وافتتحت عام ١٩٣٠ صالة للغناء والرقص والتمثيل بشارع عماد الدين، أطلقت عليها اسم «صالة ماري منصور»، وفي صيف ١٩٣١ انتقلت بفرقتها للعمل بصالة «أوزويتا» بالإسكندرية، ربما حينها التقت بامتثال فوزي، وأقنعتها بالمجيء إلى القاهرة، أو ربما التقتها بالفعل في «كازينو بديعة» إذ أن أغلب ما وجدناه من بروشورات عن عروض ماري منصور، كانت تقدمها في «كازينو بديعة».


ولكن أهم موسم لماري منصور هو موسم ١٩٣٤-١٩٣٥، حيث افتتحت فيه «كازينو البوسفور»، والذي اشتركت فيه مع امتثال فوزي، وفيه قدما سويًا مسرحيات: «خمسة وخميسة»، «أستاذ البيانو»، «إسبتالية المجاذيب»، «الحبصبطول»، «الحدق يفهم»، «حاجة تفلق»، «الجهل نور»، «آدي العينة»، «أولاد العز»، «اللي ما يشتري يتفرج»، «التأمين عَلَى الحياة»، و«قلبي عندك» لصالح سعودي، و«٥٠٠ فدان» لأمين صدقي، و«سمكري الحظ» لمحمد البيه. 


كما قدما اسكتشات: «شارع الكورنيش»، «متحف الشمع»، «زفة عروسة الفلاحين»، «الإسعاف»، «دين مصر»، «يا ننا نامي»، «مدام كنج كنج»، «رومية آخر ساعة»، «عشاق القمر»، «البوكس»، «فيضان النيل»، «الحب الإسبانيولي»، «يا ولاد الإيه»، «مملكة الشياطين»، «المتنزَّهات العمومية»، «اللي يلعب بالنار»، «مكتب كل شيء»، و«على البلاج» لأمين صدقي، و«بدر البدور»، «الحبيب المهاجر»، «عشاق القمر» لصالح سعودي، و«متحف الشمع» لمحمود الناصح. وأخيرًا قدما استعراضين، هما: «مدرسة النكت»، «هيق هيق». 


واشترك مع امتثال وماري في تقديم كل تلك الاستعراضات والمسرحيات، ممثلون وممثلات آخرون، ومنهم: عبد اللطيف جمجوم، عبد العزيز أحمد، أحمد عبد الله، محمود عقل، حورية، زيزي، جينا، كوثر، حكمت كامل، أديل، فيتا، برفيكيتو، كيرا، وأخيرًا حكمت فهمي. نعم، هي حكمت فهمي التي ارتبط اسمها بقضية جاسوسية شهيرة.


ولأن اغتيال امتثال قلب الدولة، الأمر الذي جعل النحاس باشا رئيس الوزراء وقتها ينتدب اثنين من موظفي الداخلية لحضور التحقيقات والكشف عن ملابسات الجريمة واطلاعه عليها أول بأول، تعددت فيه التحقيقات والاتهامات، ومنها اتهام ماري بالفعل بقتلها، وذلك بسبب ما قيل إنها شوهدت مرتدية لـ«عُقد» خاص بامتثال، بعد قتلها، ولكنها أثبتت أن «العُقد» قد اشترته من محل مجوهراتي شهير بالقرب من ميدان الأوبرا، لكن البعض وصلت به الشكوك إلى حد اتهام ماري بالاتفاق مع المجوهراتي لتغيير أقواله، والقول بأنه صنع عقدين بنفس الشكل! 


الأقرب إلى المنطق


بغض النظر عن الاتهامات التي وزعت على عديد من الشخصيات التي شملها التحقيق، وبغض النظر عن المرويات التي لها راوٍ واحد، أو حتى المتفق عليها بين كثير من الرواة والمصادر الصحفية والشخصية، وبغض النظر عن قناعة «عجوز الفجالة» ببراءة الشامي، إلا أن حادث اغتيال امتثال فوزي بالفعل أحدث ضجة كبيرة في المجتمع المصري، الذي حينها كان يستقبل ملكه الجديد، والتي أرادت حكومة النحاس باشا الوفدية أن تثبت له كفاءتها وقدرتها على العمل بحسم في الملفات التي تخص الشارع بشكل كامل، وبالتالي قامت الحكومة حينها بالعديد من الإجراءات من أجل منع البلطجة في شارع عماد الدين، وشنت حملات قوية وموسعة للقبض على الكثير من الأشقياء والمتهمين.


كذلك كانت معاهدة 1936 والتي تم توقيعها في أكتوبر من ذات السنة، في مرحلة الإعداد والنقاشات، وهي المعاهدة التي كان من المنتظر أن تقر بجلاء الإنجليز عن مصر، ورفع يد حمايتها عنها، ولهذا كان لابد للحكومة أن تضرب بيد من حديد في سبيل إظهار قدرة الحكومة المصرية على إدارة الملفات الأمنية، والتي كان الاستعمار يستخدمها في إثبات فشل الدولة في السيطرة على الشارع، وبالتالي انتشار جرائم القتل والبلطجة، ما يحتم وجود الإنجليز على الأراضي المصرية، أو فرض حمايتهم عليها.


تلك الحالة التي سعت فيها الدولة لإظهار قوتها كانت قد تكررت قبل حادث مقتل امتثال فوزي بنحو 15 سنة، عندما قامت ريا وسكينة علي همام بقتل سيدات من الإسكندرية، وهي القضية التي قال صلاح عيسى في كتابه «رجال ريا وسكينة» إن الاستعمار كان يستخدمها ذريعة لبقائه، إلا أن الدولة المصرية وجهات التحقيق والقضاء، أسرعت في إصدار نتائجها الدقيقة والحاسمة.


ربما كان النحاس باشا، وهو السياسي البارز المعروف، يعرف جيدًا ما كان ينتظر مصر من أقاويل أجنبية، ولهذا كانت قراراته الصارمة بإنهاء عصر الفتوات، لكنه للأسف فوجئ بعد فترة قصيرة من مقتل امتثال فوزي بحادث اغتيال آخر ولراقصة أيضًا وهي الراقصة «سكينة»، الشهيرة بـ«عيوشة»، والتي قيل إن فيلم «امتثال» مزج بين الحادثين.
 

تابع مواقعنا