الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

افتح قلبك

القاهرة 24
الخميس 21/فبراير/2019 - 01:05 م

نقرأ في نشيد المحبة للقديس بولس الرسول: “المحبَّةُ حليمةٌ مُتَرَفّقة…. وهي تَعْذرُ كُلِّ شيء وتُصَدِّقُ كُلَّ شيء وتَرْجو كلّ شيء وتصبر عَلَى كلِّ شيء” (كورنثوس 13: 7،4). يُحكى أن راهباً كان لا يظن السوءَ في أي شخصٍ مهما كان، وعندما يدخل غرفة أحد الأخوة ويجدها نظيفة وأنيقة ومُنظّمة يقول: “هذه الحجرة النظيفة مرآة تعكس ما بداخل صاحبها وتعبّر عن شخصه”، وعندما يدخل أخرى ويجدها مهملة وغير نظيفة وغير مرتَّبة، يُصرّح هكذا: “انظروا، كم تعلّمتُ من هذا الأخ، لأنه يُكرّس كل وقته لله فقط ولا يجد ساعةً واحدة لترتيب حجرته”.

هنا نتساءل: “هل نتمتع بهذه الروح الإيجابية التي تنظر إلى الآخرين بعينٍ طاهرةٍ نقية؟ هل نمتلك النظرة الإيجابية التي ترى كل ما هو جميل يفعله الآخر وتعذر ما هو خلاف ذلك؟ مَنْ منّا يستطيع أن ينظر أعمال وأفعال الآخرين بروحٍ حليمة رحيمة؟”. كيف يمكننا أن نحكم على تصرفات الآخرين بنظرةٍ إيجابية فقط؟ هناك خط فاصل يحقق لنا هذا الهدف، ألا وهو رؤية العين. لأن العين البسيطة الصالحة تكتشف ما هو جميل وخفي عن العين الشريرة التي تُغلق في وجه كل ما هو خير. والشخص الذي يتحلّى بهذه العَين النقيّة، إذا رأى أعمالاً فاسدة، يغلق عينيه أمامها ويقدّم العذر لصاحبها متخيلاً النيّة الحسنة للشخص بالرغم مما صدر منه من تصرفات لا تليق.

مَنْ منّا يريد أن يكون رحيماً؛ عليه ألا يتوقّف عند الحكم بالعدل فقط، ولكن يرى الجانب الحسن والجيد والمُشرق أيضاً. لماذا لا نحاول أن نكتشف الصلاح في الآخرين؟ ولماذا لا ننظر إلى فضائل الغير؟ لماذا نتوقف عند ما هو سلبي فقط لنفضح أعمال الغير ونستر عيوبنا؟ هنا يعلّمنا السيد المسيح قائلاً: “لماذا تنظرُ إلى القذىَ في عين أخيك؟ والخشبة التي في عينـــك فلا تفطَنُ لها؟ بل كيف تقول لأخيك: “دعني أُخرِجْ القذى من عَيْنَك؟” فها هي ذي الخشبة في عينـــــك. أيها المرائي، أُخْرج الخشبة من عَينك أولاً، وعندئذ تُبصر فتُخرج القذى من عَينك أخيـــك” (متى 7 : 2-5). مَن يستطيع أن ينكر بأن هذا الواقع نعيشه جميعاً وخاصةً عندما ننظر بعينٍ لأنفسنا، وبأخرى للآخرين، وكما يصف ذلك أحد الكتّاب في نظرة كل واحدٍ منّا تجاه الآخر قائلاً: “أنظرُ إلى ذاتي من خلال نظارة الأنانية والنفاق والتبرير والتجميل، ولا أرى إلا ما يحلو للقلب رؤيته، ولكن تجاه القريب أنظر إليه بمجهر سوء الظن والدينونة ولا أرى فيه سوى كل ما هو سيء ومُشين.

فإذا ثارت ثائرة القريب تجاه الغَير وكان عصبياً فأقول: “إنه متهوّر وأحمق؛ لكن إذا كنتُ أنا ثائراً وعصبياً مع الآخرين، فالسبب في ذلك يرجع إلى أعصابي المرهفة والحسّاسة. وإن تمسّك الآخر بآرائه الشخصية فهو عنيد مُتصلّب الرأي؛ أما أنا فأتمسك بآرائي لأني صاحب مبدأ في كل مواقفي. إذا رفض القريب التعامل مع بعض الأصدقاء، فهو مغرور يتحامل على الغير؛ أما أنا إذا ابتعدت عن بعض الأصدقاء فلأنني صادق وصائب الحُكْم. إن كان لطيفاً ورقيقاً مع الغير ويتعامل معه بكل احترام، فإن وراء كل هذا مصلحة شخصية أو هدف ما؛ أما إذا تعاملت أنا بلطفٍ ورقةٍ واحترام مع الغير، فلأنني رجلٌ مُهذّبٌ ومحترمٌ واجتماعي. وإذا تأخر هذا في القيام بواجبه أو لم يتمه، فهو كسول ولا يحترم المسئولية التي وُكِّلَت له؛ ولكن إذا تأخرتُ أنا أو لم أتمّه، فلأنني دقيق في عملي وأتقن كل ما أقوم به.

إذا قام بمبادرةٍ منه في خدمة الآخرين أو بعملٍ ما لم يُطْلَب منه، فيرجع ذلك إلى أنه شخص فضولي يتدخل فيما لا يعنيه ولا يحترم خصوصية الغير؛ أما أنا فإذا قمتُ بمبادرةٍ تجاه الآخرين أو أتممت عملاً ما دون أن يُطلَب مني، فهذا يدل على روح المبادرة الخلاّقة التي تصدر عني في كل حين”. لذلك واجبٌ على كلِّ واحدٍ منّا أن يتساءل: “كيف أنظر إلى الآخرين؟ هل أنظر إلى الغير بنفس المعايير التي أنظر بها إلى ذاتي؟ مما لا شك فيه أن الشخص المُحب لا يتوقّف عند أخطاء الآخرين، ولكنه يلمس لهم العُذر. ونختم بالقول المأثور: “عندما يفتح الإنسان عينيه يغلق أذنيه، وعندما يفتح أُذنيه يغلق عينيه، وعندما يفتح قلبه يغلق الإثنين”.

تابع مواقعنا