حلم عربي صناعة قطرية بأقدام مغربية
اليوم سقطت فعليًا المقولة الشهيرة عن منتخباتنا "المشاركة المشرفة للعرب"، لأن التنافس أصبح حقًا صنعته الثقة بالنفس، اليوم وضعت الساحرة المستديرة قوانين عرفية قابلة للتوثيق مستقبلًا قوانين لا تعترف بتاريخ، شعارها فقط اجتهد وصدق نفسك تعطٍ لك بل وستنحاز اليك.
منذ أيام صرح "جريث ساوثجيت" المدير الفني لمنتخب إنجلترا، أن بإمكان المنتخبات العربية التتويج ببطولة كأس العالم في الفترة المقبلة، مستشهدًا بأن المنتخبات العربية ابهرته بأسلوب لعبها، وبأن اللاعب العربي تطور كثيرًا، لذلك قد نرى في القريب تتويج منتخب عربي بكأس العالم.
هذا التصريح، نحن جميعًا لم نصدقه، ولم يرتق بداخلنا أن نفكر فقط في أن نعيش ذلك الحلم، فهو قيل في بداية الظهور للفرق العربية، وهذا ليس كافي في أننا نصدق أنفسنا كعرب قبل أن نصدق هذا التصريح التاريخي لمدرب قدير.
أن ما فعله المنتخب السعودي بداية المونديال بالفوز على منتخب الأرجنتين كانت شرارة الحلم رغم عدم استمراره الجيد، لكنه كسر حاجز الخوف والرهبة لجميع المنتخبات العربية أمام كبار العالم، وأعطى دافعًا كبيرًا لبقية العرب المشاركين في البطولة، وكان لتأثير تلك النتيجة الظهور المباشرة في مباراة تونس باليوم ذاته، تبعه ذلك بتعادل المغرب مع كرواتيا وصيف مونديال 2018، واستمرت الصحوة العربية المغربية، وأكدوا أن العرب قادرون على ظهور جيد وتقديم مستويات أفضل من الفرق الكبيرة، وذلك بالفوز التاريخي على المنتخب الإسباني والصعود لدور الثمانية
لقد أثبت المنتخب المغربي أن العرب قادرون، لو صدقوا أنفسهم وآمنوا بقدراتهم فقط، شريطة أن يمتلكوا عقلية المدرب الطموح المخضرم وليد الركراكي ولاعبون أمثال ياسين بونو وحكيم زياش وأشرف حكيمي وسفيان أمرابط، وبقية جيلهم.
نحن كعرب طوال تاريخ كأس العالم فقط ثلاث مرات في تاريخ مشاركات العرب، شهدت عبورهم لدور الـ16 بفضل السعودية والمغرب والجزائر، أما دور الثمانية فهي خطوة جديدة تحققت بكتيبة يقودها مدرب وطني، لم يتم تعيينه في منصبه إلا قبل المونديال بأقل من ثلاثة أشهر، المدرب وليد الركراكي الذي حلم وصدق نفسه بكل ثقة.
قبل لقاء المنتخب الإسباني، أكد مدرب المنتخب المغربي أن طموح أسود الأطلس لن يتوقف عند التأهل لثمن نهائي مونديال قطر، لماذا لا نحلم بالصعود للمربع الذهبي ولماذا لا نذهب للنهائي؟ لن نتوقف هنا، ونهض بعدها صحفي عربي، واصفًا المدرب الوطني المغربي وليد الركراكي بـ"غير الواقعي"، فقط لأنه قال "لما لا نصل للنهائي".
الآن خطوتان فقط تفصلان أسود الأطلس عن الوصول للنهائي العالمي، ربما يقول اليوم نفس الصحفي الناقد ومعه الجمهور العربي حاليًا، قائلين: ولو لم يفعلوا أكثر فيكفينا كعرب ما تحقق من إنجازات،و لكن يمكننا أن ننتظر ما سيقوله الركراكي للاعبيه داخل الغرف المغلقة، لأنه من الواضح أنه يسير بتكتك معين ومنهجية نفسية في التعامل مع اللاعبين وكذلك المنتخبات والفرق التي يلعب أمامها، فهو يجيد طريقة التنويم المغناطيسي داخل المعلب والذي كان واضحًا في مباراة المنتخب الإسباني وكذلك مع أمام النادي الأهلي المصري في نهائي دوري أبطال إفريقيا مع الوداد المغربي.
وأنتج الركراكي منهجية في طريقة اللعب، وهو تكتيك حديث يجمع بين أكثر من مدرسة كروية، فهو يعتمد على طريقة التمريرات القصيرة في مناطق من الملعب بنهج برازيلي وتمريرات طويلة على الطريقة الإنجليزية، والتي تكون من الدفاع نحو الهجوم مباشرة، ويساعده في ذلك التنفيذ الرائع من جميع اللاعبين.
لقد آن للحلم العربي أن ينهض فقد أصبح مكفولا للجميع، وكفى اغتيالًا للأحلام، فالمغرب كسرت الحاجز النمطي، وهذه المجموعة من اللاعبين طموحها لن يتوقف بما تحقق، لا ترضى إلا أن تواصل تغيير صورة العرب في عيون العالم، وقد سبقتها دولة قطر في استضافة تاريخية ومبهرة لكأس العالم كانت سببًا رئيسيًا في الحضور العربي والتشجيع المؤثر في نتائج المنتخبات العربية، وحاليًا الطموح يكبر مع كل خطوة يخطوها المنتخب المغربي في المونديال، فقط علينا أن نصدق أنفسنا كعرب بأن للحلم خطوتين قبل أن نصدق وليد الركراكي في طموحه و"جريث ساوثجيت" المدير الفني لمنتخب الإنجليز في تصريحه الذي قد يتحقق قريبًا بتوفيق الله.