ربع مليون طفل في 56 يومًا.. مصر رايحة على فين!
في سابقة فريدة من نوعها، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن الساعة السكانية سجلت زيادة في عدد سكان مصر بواقع 250 ألف نسمة خلال 56 يومًا فقط من وصول العدد إلى 104 ملايين نسمة في أول أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى أن مصر تقع في المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية من حيث عدد السكان، والثالثة إفريقيا، والرابعة عشر عالميا، حيث يبلغ معدل الإنجاب بها نحو 2.9 طفل لكل سيدة على مستوى الجمهورية، بحسب البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي أكدت أيضًا ارتفاع عدد سكان مصر من 72.8 مليون نسمة وفقًا لتعداد عام 2006 إلى 94.8 مليون نسمة في تعداد عام 2017، ثم إلى 102.9 مليون نسمة في تقديرات 1/1/2022 بزيادة قدرها 8.1 مليون نسمة عن بيانات آخر تعداد، وتأتي سبب الزيادة أن عدد المواليد يفوق عدد الوفيات بشكل كبير.
وهذا يجعلنا نقف قليلًا عند تلك الأرقام، ربع مليون نسمة رقم مهول، فمثل هذا الرقم في الدول المتطورة لا يأتي سوى سنويًا، أما في مصر والتي تسعى جاهدة السير على طريق التطوير من خلال إقامة المشروعات المختلفة ومواكبة العصر، وبالفعل نجحت مصر برئاسة رئيس الجمهورية بهذا الأمر وأجمعت الدول الكبرى على ما يحدث داخل أراضي المحروسة من نهوض وتطور، إلا أن المواطن المصري لن يشعر بهذا الأمر ولن يعرف طعم النهضة الاقتصادية التي تشهدها البلاد طالما يولد طفل كل ثانية.
لذلك أضحت الزيادة السكانية من أكبر المشكلات التي تواجه الدولة خاصة في ظل الأزمات الاقتصادية التي بات يعاني منها العالم بأكمله الآن، وحجم تأثيرها على اقتصادات الدول، ومن المعروف أن الزيادة السكانية تعوق عمليات التنمية في جميع المجالات لما تسببه من خطورة على معدلات الإنتاج وعدم تناسبها مع معدلات الاستهلاك، خاصة أن وتيرة النمو السكاني تتزايد كل فترة عن سابقتها.
لذلك وجهت الدولة أنظارها مرات عديدة على تلك الزيادة، وسعت على إيجاد حلول لتلك الأزمة ومحاولة السيطرة على الزيادة والنمو المتسارع في عدد السكان، ومن أبرز تلك الحلول مبادرة "اتنين كفاية" التي أطلقتها الدولة في عام 2018، لضبط النمو السكاني، ولا ننسى أن الحكومة تواصل في كل عام مالي جهودها تجاه تلك الأزمة، من خلال المزيد والجديد من الحلول والمبادرات التي تحاول من خلالها كبح جماح الزيادة السكانية التي تعرقل عمليات التنمية وتزيد من الفقر في مصر.
وبالرغم من المحاولات المستميتة للدولة، فيجب أيضًا على المجتمع المدني سواء كانت مؤسسات أو أفراد، الاشتراك في هذه القضية، من خلال استهداف السيدات والشباب المقبلين على الزواج، ورفع الوعي لديهم بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية وبالآثار الاجتماعية والاقتصادية على الزيادة السكانية، بالإضافة إلى إتاحة وسائل تنظيم الحمل وإتاحتها بالمجان للجميع، ويجب تشديد الرقابة على من يقومون بإخفائها من الأسواق ورفع أسعارها إذا وجدت.
والنقطة الأهم هنا، توجيه الأنظار نحو سيداتنا في المحافظات والأقاليم، فيجب وضع إطار تشريعي وتنظيمي لقانون تجريم زواج القاصرات، هذا بالإضافة إلى تجريم عمل الأطفال قبل بلوغ 15 عامًا، وذلك حتى يتم القضاء على توجه الآباء بالنظر إلى أطفالهم كمصدر للدخل ومن ثم يتم إنجاب الكثير من الأطفال.
وفي نهاية الأمر، يجب أن نضع العادات والتقاليد في الاعتبار، حيث يعتقد الكثيرين أن كثرة الأولاد "عزوة"، وضرورة الاستمرار في الإنجاب حتى يولد طفل ذكرا، وغيرها من الموروثات الخاطئة، والتي جاء الوقت على حتمية تغيير هذا المعتقد، وذلك للتصدي لأزمة ارتفاع المواليد والتي تؤدى إلى زيادة سكانية كبيرة.