مضمونة ومجربة.. أسرع وأضمن الطرق إلى جهنم
إلى كل الراكضين إلى جهنم وهم لا يدركون أقصر الطرق إلى أوسع أبوابها، أقدم لهم خدمة التوصيل للمنازل بسرعة البرق، وهي خدمة مضمونة ومُجرَّبة، وهذه الخدمة ما دامت فيك، فستكفل لك إقامة دائمة في جهنم، مهما أديت من حركات وطقوس وصيام وحج، وحتى الاستشهاد، فهي شهادة ضمان مدى الحياة بأن تتساوى بهذه الأعمال مع من لم يركعها؛ لأن الله غني عن عبادته؛ فهي لا تزيد في ملكه شيئًا، فقد قال تعالى (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ )، ولكنها تفيد الإنسان وحده.
وكما هو معلوم فإن الطريق إلى النار مفروش بالورود ومكتظ بالصفوف المتراصة والمحتشدة من شياطين الإنس قبل الجن؛ للأخذ بيدك إلى الجحيم؛ لأن النار حفت بالشهوات، وأن بطنها يسع أضعاف أضعاف من يدخلها.
وكما أن الطريق إلى النار سهل، فإن دخول الجنة أسهل، فالتوبة تمحو رصيد حسابك من السيئات مهما تضخم، وقبولها فوري حتى لحظة خروج الروح من الجسم؛ لذا انتبهوا معي جيدًا، وركزوا في هذه النقاط التي سأسردها دون ترتيب محدد في نقاط:
أكل الحرام؛ لأن هذا يُسمِّم كل جسمك، ويجعل عباداتك غير مقبولة، ولو كنت إمام الأئمة وسيد الشهداء؛ لأن كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به.
سفك دم مسلم؛ لأن زوال السموات والأرض أهون عند الله من سفك دم مسلم.
اللسان.. وما أدراك اللسان! هذا حصان السبق إلى الهلاك، وضع نصب عينيك الحديث النبوي: "وهل يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم؟!"، وتذكر هذا الحديث أيضًا: "قال رجلٌ: يا رَسولَ اللهِ، إنَّ فُلانةَ يُذكَرُ مِن كَثرةِ صَلاتِها وصَدقَتِها وصيامِها، غيرَ أنَّها تُؤذي جيرانَها بِلِسانِها؟ قال: هيَ في النَّارِ"؛ لذا احرص على أن تجعل لسانك خرَّارة، وأمامك الملعب واسع، والاستفزازت تحاصرك، ولدينا لغتنا ثرية بقواميس الشتائم من جميع الصنوف.. أطلِقْ للسانك الجماح، وعليك بالخوض في الأعراض والتهجم على ثوابت الدين، والتوسع الأفقي في كل الاتجاهات، مع التركيز على الوالدين والجيران والأيتام.. تفنن في البذاءات والألفاظ التي تسمم الأبدان.
خيانة الأمانة.. وهذه من الثوابت التي لا يدرك الكثيرون أنها من أخطر أبواب جهنم، بل تكاد الباب الأخطر.. يغفلون ظنًّا منهم أنها تجارة وشطارة، لكن لنتجاوز هذه النظرة السطحية، ودعني أكشف لك من باب الأمانة حقيقتها.. خيانة الأمانة طريق ممهد لمرافقة إبليس إمام الجهنميين؛ لأن أصل خلق الإنسان وتسخير المخلوقات له الأمانة بنص القرآن "إنا عرضنا الأمانة"، وعندما تدرك بذكائك هذه الأهمية الحيوية والسبب الأساسي لوجودك، فستعرف أن خيانتها بلا شك يجعل جهنم يوم القيامة لا تطيق صبرًا حتى تُحاسَب، وستخرج ألسنتها يوم القيامة؛ لتلقفك من بين الحشود؛ وتبلعك في بطنها.
الوالدان، خاصة لو كانا طاعنين في السن، وفقدا قواهما.. بدِّع في إذلالهما وأذاهما؛ لأن الرحم من الله، من قطعها قطعه، وببطولتك هذه تضمن لك مكانة عريقة في جهنم. وأقدِّم لك وصفة سحرية بأن تنجح في أن ترغم أمك بالذات تدعو عليك دعوة تهز عرش الرحمن، وقتها أقول لك بملء فمي: مبروك عليك جهنم.
ولا تنسَ وأنت في غمرة بحثك عن الطرق إلى جهنم تعذيب الحيوانات التي لا حيلة لها. لا تستغرب؛ فامرأة دخلت النار لأنها حبست قطة. فهذا طريق مضمون إلى جهنم، وميزته أن الحيوانات لا تملك أن تعفو عنك، فهذه شهادة ضمان مدموغة بأنك رايح رايح.
سواد القلب، وهو كلمة السر، أتدري لماذا؟ لأنه هو الذي جعل أتقى خلق الله عزازيل يصبح إبليس أحقر وألعن خلق الله، كما أنك بهذا العمل تنازع الله في صفتين من صفاته، فلا تضيعهما؛ لأن الله قال في حديثه القدسي: "الْكِبْرِيَاءُ رِدَائِي، وَالْعَظَمَةُ إِزَارِي، فَمَنْ نَازَعَنِي وَاحِدًا مِنْهُمَا، قَذَفْتُهُ فِي النَّارِ".
ولست بحاجة لأن أخبرك بأنه لا يدخل الجنة ديُّوث. وخذ الأشد.. الشذوذ.. الطريق السريع إلى جهنم، فقد أباد الله قرية نبيه لوط، وجعل عاليها سافلها.
هذه بعض الاقتراحات لمن يعشق الحرام والغرق في الرذيلة، ولكن وجب عليَّ أن أُنبِّه لعدة أمور، تُبطِل كل ما ذكرناه، أذكر منها التالي:
بعد أن تغرق لشوشتك في الفواحش، لو في لحظة غفلة منك أفاقت فطرتك، فدمعت عيناك ولو لثوانٍ معدودة، فهنا تكون قد أفسدت تعب العمر كله، والأهم ستنقلب الطاولة، وتنتقل أرصدتك من خانة السيئات إلى الحسنات.. متخيل؟! لأن الله سيرحمك جزاء دمعة نزلت من خشية الله، ويبدل سيئاتك حسنات.
ولو أخذتك الشهامة، وذهبت إلى مَن ظلمته، وأعطيته حقوقه، فهذه أيضًا ستبطل مفعول كل ما تقدم، وتحول بينك وبين النار.
لو مسحتَ على شعر يتيم، أو عطفتَ على مسكين، أو رحمت حيوانًا، فانسَ موضوع جهنم؛ لأن الله سيقول لك: لست أرحم على عبادي مني. وسترى كيف تكون رحمة الخالق.
وفي النهاية أعلم أنك ستعاني في زمننا لكثرة إبداعات المنافسين وخبرتهم في هذا المجال، ولكن اعمل ما عليك.. اجتهد، وستجني ثمار اجتهادك في جهنم وبئس المصير.
