السبت 23 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قلب أبي كان دليلا لمنظومة صحية ناجحة في الصعيد

الثلاثاء 13/ديسمبر/2022 - 08:25 م

الحصول على خدمة جيدة بات صعبا، وطريقة الوصول إليها مستحيلا، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بالخدمة الصحية، وسط غياب الضمير وكثرة المحتكرين للخدمات، درجة أن الإنسان أصبح مجرد سلعة، بالنسبة لهم، لا قيمة لبقائه على قيد الحياة بدون مقابل.


لبضعة أيام، تواجدت داخل مستشفى القلب بأسيوط، جراء تعرض والدي لأزمة صحية متعلقة بمشاكل في القلب، فهي متكررة ومقلقة أيضا، وما أدراك ما مشاكل مرضى القلب، ليس لأبي فقط، فهي أزمة يعيشها الكثير من أبناء الصعيد مثلي، في ظل تردي الخدمة الصحية وقلة الخبرة الطبية لمقدميها في سوهاج على مستوى القطاعين الحكومي والخاص، فضلا عن ندرة المتميزين في هذا التخصص الدقيق بين الأطباء، لذا حتما عليا البحث عن الأفضل والسفر إلى أسيوط، لأصل إلى ما أسعى إليه.

كثيرا ما نسمع عن جدارة المنظومة الصحية في أسيوط، لكن "ليس من رأى كمن سمع".. وصلنا إلى المستشفى صباح الخميس، نهاية فبراير الماضي، كان في استقبال مستشفى القلب الجامعي "دكتورة مادونا"، تتعامل مع الحالة كوالدها أو قريب في الدم.. فحوصات، تحاليل وكشف،  كل ذلك يتم في أقل وقت.. ننتظر برهة من الوقت، لحين قدوم التقارير: "الحالة تحتاج إلى الحجز في العناية للسيطرة على مشاكل بالقلب".. ننتقل إلى غرفة الحجز: "غير مسموح سوى بمرافق للحالة"، يتدخل الأمن لضبط الأمر، وكذلك عند الزيارة، فلا يتاح موعد لرؤية المرضى سوى ساعة واحدة يوميا، حرصا على راحة المرضى.

أثناء مرافقتي لوالدي، لفت انتباهي ما يقوم به الأطقم الطبية تجاه المرضى، فلا تفرق بين الغني والفقير، بالوساطة وبدونه.. أترقب من بعيد رقي التعامل من ملائكة الرحمة "التمريض"، عند المرور بشكل دوري، للاطمئنان على الحالات، ومتابعة دقيقة لكل حالة وتسجيل درجة الحرارة كل بضع ساعات، وكتابة ما أكله وما شربه المرضى، منح جرعات العلاج في الموعد، الأمر لا يختلف كثيرا مع الأطباء، متابعة دقيقة لكل حالة، التواجد مستمر، رغم تكدس الحالات، لا يتوانى الطبيب "النبطشي" عن الحضور  بعد دقائق حال استدعائه لأمر طارئ، درجة أنك تشعر بأنك داخل أفضل المستشفيات الخاصة في مصر، مجهود يشكر عليه جميع الأطقم الطبية، وعلى رأسهم الدكتور حسام العربي مدير المستشفى، قائد خلية النحل التي تعمل في هدوء وحكمة، ومن بعده شباب أطباء بمهارات الكبار، لا يسع المقال لذكرهم، ولكن كان الدكتور مينا، والدكتورة مريم، هما الأبرز، بين كتيبة الأطباء يقدمون الخدمة دون كلل أو تأفف. 


التعامل المحترم والرعاية الطبية المتميزة، كل ذلك يقدم كخدمة مجانية أو بمقابل رمزي بسيط جدا، لا تقارن ببزنس المستشفيات الخاصة "مصاصي الدماء الجدد"، درجة أن بعض المرضى إلى رفض الخروج من المستشفى رغم تحسن حالتهم الصحية، لوهلة اعتقدت أننا داخل دار رعاية لا مستشفى تعج بالمرضى وتكون أكثر عرضة للإصابة بالعدوى "ذلك شيئا طبيعيا في المستشفيات".

الحمد لله، قدر لي أرى نموذجا طبيا بصحة وعافية.. غالبا ما نخرج من المحن بمنح، فما لمسته في مستشفى القلب أسيوط، بث الأمل في روحي، وأن الأماني ممكنة، لو سعينا بحق سنصل، ولم يعد هناك مستحيل لنكون على أفضل حال يوما ما.

تابع مواقعنا