رسائل الرئيس السيسي في قمة بغداد 2
منذ تولي الرئيس السيسي قيادة مصر عام 2014 وحتى اليوم، أولى اهتمام كبير بدعم الشعب العراقي في مواجهة التحديات التي مرت بهذا البلد الذي عانى الكثير من التدخلات والإرهاب وسوء الخدمات، ولقد شهدت العلاقات المصرية العراقية، تطورات كبيرة منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي، السلطة، حيث تهدف مصر لتحقيق استقرار العراق من خلال رؤية واضحة تساهم في استعادة العراق لمكانته التاريخية ودوره العربي والإقليمي الفاعل، علاوة على ترسيخ موقعه في العالم العربي.
وهذا ما كشفته كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في النسخة الأولى من مؤتمر بغداد، في أغسطس 2021 حيث أكد أن مصر تستمر في مساندة ودعم الحكومة العراقية في جميع جهودها الرامية لتحقيق استقرار العراق واستعادة مكانته التاريخية، وهو ما كرره اليوم في كلمته التي حملت رسالة واضحة للعراقيين وأيضا لكل دول جوار العراق والعالم، عندما قال: إن نجاح العراق هو نجاح لنا جميعا.
العلاقات المصرية العراقية
ويدرك الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ثقل العلاقات التاريخية بين العاصمتين العربيتين على مدار التاريخ العربي "القاهرة وبغداد"، اللتين شهدتا عاصمة الدولة العربية، ويدرك أيضًا أن قوة بغداد إضافة إلى قوة القاهرة، وقوة القاهرة إضافة إلى كل العرب.
ولعل ذلك كان أحد الأسباب التي جعلت الرئيس السيسي حريصا على زيارة العاصمة العراقية بغداد في إطار جولاته الخارجية، وكانت زيارته في 27 يونيو العام 2021 بمثابة أول زيارة لرئيس مصري للعراق منذ 30 عامًا، والتي جاءت انعكاسًا لقوة العلاقات التاريخية الممتدة بين مصر والعراق حكومةً وشعبًا تلتها زيارة أخرى مهمة في قمة بغداد 1 وخطاب الرئيس السيسي في حينها شعب العراق بكل طوائفه مؤكدا حرص مصر على هذا الشعب الكبير.
أن الموقف المصري تجاه دولة العراق ثابتًا على الدوام ولم يتغير، فهو موقف داعم لمساعدة بغداد الخروج من فخ الانقسامات السياسية والتجاذبات الإقليمية، والوقوف مرة أخرى لبناء الدولة العراقية، وتثبيت أركانها ومن ثم المضي قدمًا نحو البناء والتنمية.
ومن هنا كانت وصية الرئيس السيسي للشعب العراقي في قمة العام الماضي، حين قال: حديثي إليكم اليوم وندائي حافظوا على بلدكم، ابنوا وعمروا وتعاونوا، وشاركوا، ابنوا مستقبلكم ومستقبل أبنائكم، عمروا مدنكم ومزارعكم ومصانعكم، وتعانوا من أجل المستقبل، شاركوا في الانتخابات، الانتخابات مسئولية عظيمة في بناء مستقبل الدول.
وصية الرئيس السيسي لشعب العراق، دائمًا ما تحمل بين طياتها تخوفات نجاح المخططات الشيطانية التي لعبت على تقسيم المنطقة العربية والتي كان بداية محاولاتها باتفاقية سايكس بيكو 1916 لاقتسام منطقة الهلال الخصيب، ومن بعدها هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى التي أعقبها تقسيم كل الدول التي كانت تحتلها بين دول الحلفاء.
وبعد ما يقرب من 9 عقود ظهر مصطلح جديد في منتصف الألفينيات ألا وهو " الشرق الأوسط الجديد" برعاية كوندليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق، والتي سعت من خلال هذا المشروع لتقسيم الدول العربية، إلا أن مصر استطاعت رصد هذا المخطط مبكرًا والتنبه له والتعامل معه وهو ما عاد على الدولة المصرية بالاستقرار لتتفادى الوقوع في فخ التقسيم، وهذا ما يخشاه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على العراق وشعبه.
محاور رؤية مصر لدعم العراق
- تقف مصر سندًا ودعمًا لجهود الحكومة العراقية، نحو تقوية الدولة الوطنية ومؤسساتها بما يمكنها من الاضطلاع بمهامها في صون أمن واستقرار العراق وحماية مقدرات شعبه ووحدة أراضيه، وترفض مصر كافة التدخلات الخارجية في شئون العراق والاعتداءات غير الشرعية على أراضيه وتدعو مختلف القوى الإقليمية " إيران – تركيا " لاحترام سيادة هذا البلد العريق وخيارات شعبه، فمن مصلحة جميع الدول العرابية والإقليمية أن يقوم العراق بالدور المنوط به عربيًا وإقليميًا.
- تدعو مصر لتجديد الدعم والالتزام بالمبادئ الثابتة في العلاقات الدولية والتي لا خلاف عليها وهي حسن الجوار، وعدم الاعتداء، والاحترام المتبادل لسيادة الدول والتي من ضمنها الحفاظ على سيادة العراق.
- الامتناع غير المشروط عن التدخل في شئون العراق الداخلية والتوقف عن سياسة فرض الأمر الواقع باستخدام القوة العسكرية أو المادية فضلًا عن عدم توفير ملاذات آمنة، أو أي شكل من أشكال الدعم للجماعات الإرهابية والمتطرفة أو نقل عناصرها من دول إلى أخرى وقدمت مصر الدعم الكامل للشعب العراقي على مختلف الأصعدة، وتعمل على إقامة شراكة استراتيجية بين العراق ومصر تعتمد على التكامل وتحقيق الأهداف التنموية المشتركة، كما تسعى القيادة السياسية المصرية للإسراع في عملية تنفيذ المشروعات المشتركة بين مصر والعراق، بحيث تتواكب الإنجازات الاقتصادية مع نظيرتها السياسية بين الجانبين.
جاءت قمة بغداد 2 في وقت حرج تمر بها منطقتنا في مواجهة تنظيم داعش الإرهابي، ومتعرض له الأردن الشقيق من فتنة بيد ثلة منحرفة، ومحاولة زعزعة أمن هذا البلد الشقيق جاءت هذه القمة لتؤكد على قوة ومتانة الجبهة الداخلية الأردنية، ولتؤكد أيضا التفاف العرب حول هذا البلد وملكه وقيادته، ولتؤكد قمة بغداد 2 أن العمل العربي المشترك لازال طريقنا لمواجهة التحديات التي تمر بها أمتنا وشعوبنا.
شكرا من كل العراقيين إلى الرئيس السيسي وإلى قيادة وشعب مصر التي تعي جيدا، أن العراق قوي مزدهر يعني أن مصر قوية ومزدهرة، وكذا الحال لكل أنباء أمتنا العربية.