حكاية مسجد الأربعين بسرس الليان.. خطب فيه الرئيس السادات الجمعة ودُفن فيه 12 عالما أزهريًا
روحانيات هذا المسجد مختلفة عن أي مسجد آخر في المدينة، بمجرد دخولك تجد حلقات من الذاكرين الحامدين يدندنون آيات الذكر الحكيم، بين الصلوات، إنه مسجد السادة الأربعين أكبر وأعرق وأقدم مساجد سرس الليان والذي يمتد عمره حسب رواية إمامه إلى 600 عام وكان أول مكان وضع للصلاة في قرية سرس الليان قبل تحويلها إلى مدينة.
الرئيس السادات خطب في مسجد الأربعين بسرس الليان
الشيخ عمرو أبو غزالة إمام المسجد، قال في حديثه لـ القاهرة 24 أنه ووالده وجده عملا أئمة لهذا المسجد العريق، الذي شهد زيارة لرئيس أنور السادات، عندما كان عضوا لمجلس قيادة الثورة وخطب الجمعة على المصلين عام 1953م، بدعوة من اليوزباشي محمد حسين شرشر أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة في ذلك الوقت، والذى كان رئيسًا لقطاع غزة ومعه أعضاء مجلس قيادة الثورة، في حضور علماء الأزهر من عائلة شرشر الشيخ حسين سالم شرشر، والشيخ عبد العزيز شرشر عميد المعهد الأزهري، والشيخ علي شرشر.
علاقة المستشار عدلي حسين بمسجد الأربعين
وتابع الشيخ عمرو أبو غزالة أن المسجد كان المفضل عند أشهر محافظي المنوفية وهو المستشار عدلي حسين عندما أتى للصلاة في زيارة للمدينة وبعدما أنهى صلاته أبدى إعجابه واندهاشه من الروحانيات في هذا المكان، طالبا من رواده تلبية أي مطلب خاص بالمسجد والذين أكدوا حاجته لتجديد الشبكه الكهربائية وبالفعل تم تجديدها في أسرع توقيت، وظل مسجد الأربعين مقصدا لمحافظ المنوفية المستشار عدلي حسين طوال تواجده على رأس المنصب، حتى يوم إبلاغه بانتهاء عمله في المنوفية وتوليه المنصب في القليوبية حضر لأداء صلاة العشاء.
وأضاف الشيخ علي عيد أحد مشايخ مسجد الأربعين، أن أصل تسمية المسجد بهذا الاسم نسبه إلى 40 شهيدًا كانوا مكلفين بحماية القرية، واستشهدوا دفاعًا عن البلدة، ودفنوا وبني المسجد بجوارهم وأطلق عليه السادة الأربعين تكريمًا وتشريفا لهم.
وتابع الشيخ علي عيد أن هذا المسجد هو أول نقطه للصلاة وضعت في سرس الليان كما تم ذكر هذا في أمهات الكتب، التي تحدثت عن مدينة سرس الليان، واشتهر المسجد بحلقات العلم والقرآن وتعليم أحكامه وتفسيره وضم العديد من مشايخ الأزهر الشريف وقام بهذا الدور الجليل علماء آل شرشر وهم من الأشراف، واشتهر في الإفتاء رحمة الله عليه الشيخ محمد شرشر والذي كان يفتي على مذهب الإمام الشافعي وخاطبة السلطان العثماني في هذا التوقيت ليتولى أمر الإفتاء مقابل 3 جنيهات من الذهب ولكنه رفض وقال لا يؤخذ على الفتوى أجر، وتم دفنه بمسجد الأربعين في الضريحين الموجودين.
واستطرد الشيخ محمد عيد في الحديث ذاكرا أحد العلماء الأجلاء الذين تولوا أمر العلم والدين في مسجد الأربعين وهو الشيخ حسن شرشر السرسي، والذي له مؤلفات في العلم، مشيرا إلى أنه رأى بنفسه كاتبه فتح الرحمن في فضاء ليلة النصف من شعبان، ومن العلماء الذين نشروا العلم على رواد الأربعين الشيخ سالم شرشر وهو من علماء الأزهر الشريف والذي روي عنه كرامات كثيرة وتم دفنه بالمسجد، وكذلك الشيخ عبد العزيز شرشر والذي كان يعمل مفتشًا عاما في الأزهر الشريف، وكان يعقد جلسات ينتظرها الجميع في المسجد.
ومن ناحية الخطابة والإمامة اشتهرت عائلة عيد أبا عن جدا في تولي تلك المهام على مدار عشرات السنوات، قبل انضمام المسجد رسميا في أوائل الثمانينات إلى وزارة الأوقاف، وأيضا عائلة نصار لها باع كبير في مسجد السادة الأربعين في تجديدات وتبرع بأراضي من أملاكهم لتوسعة كما ذكر علي باشا مبارك، في كتابه الخطط التوفيقية وتحدث عن أن أحمد نصار الكبير هو من تولى نظارة المسجد والتبرع بأراضي لتوسعة، كما أكد الشيخ محمد عيد على أن عائلة نصار تولت شأن الآذان والمياه داخل المسجد.
ومن جانبه أوضح الشيخ محمد أحمد شرشر أحد رواد السادة الأربعين، أن هناك من لم يذكر من العلماء وكانوا على الفطرة مثل الشيخ محمد الرفاعي والذي كان يعمل صيادا وفي أخر حياته مرض ولم يستطيع العمل في مجال الصيد، فامتهن صناعة الشبك في نهاية مسجد الأربعين ويلتف حوله الأطفال والشباب ويسألونه أسئلة فقهية فكان يرد عليها بكل دقة، مشيرا إلى أنه وبعدما كبر واطلع على العلم تأكد أن هذا الرجل كان عالما جليلا حاملا لكتاب الله عز وجل.
وعاود الشيخ عمرو أبو غزالة إمام مسجد السادة الأربعين الحديث، مشيرا إلى أن الضريحين الموجودين داخل المسجد موجود بهم جثامين 12 عالما من علماء آل شرشر الذين أثروا العلم والدين، وتتلمذ على يدهم الألاف من طلاب العلم على مدار عشرات السنين، وكان المسجد تحت أنظار الإخوان المسلمين وحاولوا قديما وحديثا الهيمنة عليه ولكن بفضل الله ثم رواده لم يستطع الإخوان التحكم في المسجد الجامع والأكبر بمدينة سرس الليان.