قارئ يتراقص ومُنتقبة تُقدم وصلة غناء فهل نحن فى آخر الزمان؟
من عجيب ماشاهدناه خلال الأيام القليلة الماضية أن يتمايل قارئ شهير أثناء تلاوته لكتاب الله ضاربًا بكل أصول وآداب التلاوة عرض الحائط، وصفها البعض بأنها حركات بهلوانية لا تليق بحامل القرآن الكريم على أية حال، فهل وصل الانحدار والعبث لتلك الدرجة؟ وأين الخجل من حرمة كتاب الله؟
لن تكون مبالغة حينما أقول إن ما يحدث من البعض فى ساحة دولة التلاوة جريمة لا تغتفر ووصمة عار لن تُمحى، أتعجب كيف لقارئ بلغ ما بلغ من العمر والشهرة وله جمهور عريض أن يُضحي بكل هذا من أجل تصفيق أو تهليل أو زيادة في حشد الجمهور واستقطابه ما يؤدي لزيادة أجره وارتفاع ثمنه في سوق التلاوة، ولكن صدق مَنْ قال لكل عالم هفوة ولكل جواد كبوة.
وأرى بعين النصفِ والإنصاف أن البعض يعشقون الأوهامَ ويميلون كل الميل إليها، ويكرهون الحقائق ويحاربونها ويفرون منها ويكرهون أصحابها، فتجد في سرادقات العزاء حركات وإشارات تجعلك تشعر أنك فى جلسة سمرية أو سهرة نيلية أو في وصلة غناء طربية، فتجد هُتافات من هؤلاء الذين يُطلق عليهم "الهتيفة" أو "السميعة" يطلبون إعادة بعض المقاطع بطريقة مُخالفة لقواعد التجويد، الأغرب أنك تجد استجابة من القارئ الذي خالف ضميره وباع آخرته واشترى دنياه فتاجر بكتاب الله، وتجده مُنشكحًا عندما يسمع عبارات الثناء والشكر التي تروي ظمأ هواه وتشفي صدره العليل.
وعلى الجانب الآخر تُصيبك الصدمة عندما تجد منتقبة تُقدم وصلة غناء شعبية أمام حشد من الجمهور، فما الهُراء الذي يحدث ونحن عنه صامتون؟ بل تجد البعض مُهللين له يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.
فهل اختفت أصول تلاوة القرآن الكريم وحل محلها المِزاح والهزل والاستخفاف بحروف وآيات كتاب الله أم أنهم استغلوا أصواتهم لمكاسب فانية وثراء سريع لن يدوم طويلا، فتجد البعض يضحك بملء فيه ضحكات سخيفة فأين حرمة القرآن، وأين حرمة الميت ومراعاة شعور أهل المتوفى؟
والمتأمل في مجريات الأمور من حولنا يئن حزنًا لما يحدث من أفعال بعضهم وإهانتهم لكلام الله وانعدام الضمير المهني لدى بعضهم هذا الضمير الذي ينعكس عليهم أثناء تلاوتهم من أفعال وحركات يندى لها الجبين.
ماذا لو عدنا إلى الله فى كل أمور حياتنا؟ عدنا إلى سنة نبينا واقتفينا أثره الشريف ومنهجه القويم في كل أمور حياتنا؟
ماذا لو عدنا وأعدنا لكل شىء مقداره الحقيقي؟ فلننادِ بصحوة الضمير الإنساني مرة أخرى لنكون قدوة ومثالا مشرفا للأجيال القادمة يفتخرون بنا ونفخر بهم.