“إيجيبت سات A”.. قصة انتصار المهندسين المصريين بعد ظلم 4 سنوات
كان الخبر مفزعاً ولا يمكن تصديقه، ففي عام 2014، انهالت التقارير الصحفية والإعلامية، هذا يدين وهذا يشجب، اجتماعات على أعلى المستويات، وأصابع الاتهام انصبت على المهندسين المصريين“ فقدان القمر الصناعي المصري سات 2“ مسؤولية المصريين، وهذا ما كذبته السنوات الماضية وتحديدًا خلال الـ 48 ساعة المنصرمة.
4 سنوات من الظلم والتحدي عاشها المهندسين المصريين عقب ضياع القمر الصناعي المصري “إيجيبت سات 2” فى الفضاء بعد انطلاقه بعام واحد، حيث أخذت الأعين داخليًا وخارجيًا تترصدهم، موجهةً اتهامات بأن مهندسي مصر ليسوا بالكفاءة حتى يبنوا قمرًا صناعيًا بأنفسهم، حتى استطاعوا خلال الأيام الأخيرة رد اعتبارهم بإطلاق قمر صناعي أخر “إيجيبت سات A”، بمكونات مصرية 100%، ولعل تحمل تكاليف البناء والاطلاق من الجانب الروسي خير دليل على أن الخطأ كان من الجانب الأجنبي.
جاء التسلسل الزمني لعصر بناء القمر الصناعي المصري منذ “إيجيبت سات 1″، حيث فقد الاتصال به بعد عام من الانطلاق أيضًا، وصنع سات -1 بالتعاون بين الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء في مصر ومكتب تصميم يجنوى الأوكراني وتم إطلاقه من على متن صاروخ دنيبر-1 في 17 إبريل 2007 من قاعدة باكينور لإطلاق الصواريخ بكازاخستان.
واستبدلت مصر “سات _ 1” بـ “إيجيبت سات _2″، ليكون القمر الثاني لها، ولكن بشريك أجنبي أخر وهو روسي، وتم اطلاقه بأبريل عام 2014 في الفضاء، وتم فقدانه في مايو 2015، الأمر الذي تسبب في توجيه الاتهامات نحو المهندسين المصريين إلا أنه سرعان ما أعلن الجانب الروسي تحمل التكاليف لبناء القمر الصناعي المصري “إيجيبت سات A”، وإطلاقه من قاعدة بياكنور الروسية، بتكلفة روسية كاملة تقدر بـ 100 مليون دولار؛ تعويضًا عن القمر الصناعي المصري سات 2.
“إيجيبت سات A” صناعة وإدارة مصرية 100%، ويصل عمره الافتراضي 11 عامًا، وصنع بتكنولوجيات أكثر حادثة، ويعد إطلاق هذا القمر تأكيدًا على قدرة المهندسيين المصريين في مجال صناعة الأقمار الصناعية، وخاصة أن الإدارة والصناعة مصرية خالصة.
ويستخدم في أغراض الاستشعار عن بُعد وليس للأغراض العسكرية، وكان تم الاتفاق عليه في أغسطس 2015، واستغرق بناءه عامين كامليين، ويزن القمر المصري 1150 كيلو وتبلغ سرعته 22 كم فى الثانية، وتصل قدرته التحليلية على مستوى المتر، بما يجعله أكثر الأقمار تقدمًا على المستوى العربى والأفريقي، كما أنه مزود بكاميرات تلسكوبية تساعد في تحديد أي جسم أبعاده 3.3 قدم “متر واحد” بكل وضوح، وهذا سيساعد مصر أمنيًا في حماية الحدود.
القمر مزود بمجسات حديثة تساعد في التنقيب والبحث الجيولوجي أيضًا، وبه محرك دفع كهربائى “أيونى” حديث، الذي يساعد على الحفاظ على عمره الافتراضي المعلن وهو ١١ عاما، بالاضافةإلى امكانية تأجير بعض مهمات القمر لدول اجنبيه وذلك للمساعدة في تمويل المشروع الفضائى.
يدعم القمر الصناعي المصري (إيجيبت سات A) أغراض البحث العلمي والاستشعار من البعد ومجالات التنمية المستدامة المختلفة بالدولة على مستوى (الزراعة ـ التعدين ـ التخطيط العمراني ـ البيئة)، وكذلك الرصد السلبي للمخاطر الطبيعية مثل (التصحر ـ حركة الكثبان الرملية ـ السيول) وغيرها، كما يساعد القمر الصناعي المصري في متابعة المشروعات التنموية الكبرى (مشروع العاصمة الإدارية الجديدة ـ جبل الجلالة ـ مشروع مدينة العلمين الجديدة) وغيرها من المشروعات التنموية المختلفة بالدولة.
ويتيح استخدام القمر الصناعي المصري “إيجيبت سات A” البيانات الفورية والدورية لرصد ومتابعة الثروات الطبيعية والمعادن والمياه السطحية والجوفية والتخطيط العمراني ودراسة البيئة الساحلية للمزارع السمكية ومراقبة البحيرات وتنشيط الثروة السمكية.
كما يتيح القمر الصناعي المصري بيانات للتنبؤ بالأرصاد الجوية ونمذجة المناخ لمواجهة المخاطر الطبيعية مثل الفيضانات والهبوط الأرضي ووضع نظم الإنذار المبكر لحماية المواطنين والمنشأت من تأثير المخاطر الطبيعية والبيئية ، كما تمكن مسارات القمر المتميزة من تحديد الأحوزة الزراعية واختيار مسارات الطرق الجديدة ومسح الأراضى الزراعية ومواجهة التعدى عليها، وسوف يدعم دور مصر على المستوى العربي والإفريقي في مجال البحث العلمي ودعم المشروعات التنموية في المنطقة العربية والقارة الإفريقية.
وقال العالم الدكتور حسين الشافعي، مستشار هيئة الفضاء الروسية في مصر، إن مصر عانت وتم محاربتها وانهالت المكائد عليها من أمريكا واوروبا عند اطلاق مشروعها الخاص بالقمر الصناعي منذ الستينات، والذي بدأ في عصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لافتًا أن القيادة السياسية الحالية أصرت على انتهاج نهج علمي لرسم معالم الدولة الحديثة.
وأضاف الشافعي، أن المهندسين المصريين هم الجنود المجهولة في إطلاق القمر الصناعى المصرى “إيجيبت سات A” من قاعدة بايكونور الفضائية بكازاخستان، وانهم ثروة مصر لا تقدر بأموال.
وكشف أن القمر الصناعي يتكون من 3 مكونات رئيسية المكون الأول يشمل المحرك والجسم والخلايا الشمسية وهى متاحة في السوق العالمي، والمكون الثاني هو البرامج، التي تربط الأجزاء ببعضها البعض لكي يتم التواصل، وهو بالكامل مكون مصر 100%، أما المكون الثالث فهو إدارة وتشغيل واستخدام المعلومات الصادرة، وهى ايضًا 100% مصرية، مشيرًا إلى أن مصر عانت من أجل الحصول على صور تتعلق بقضايا معينة وبأموال باهظة، والآن مصر تمتلك ذلك.
كما كشف الشافعي، أنه اقترح على وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور خالد عبد الغفار، انه بدءًا من العام الدراسي المقبل ستدخل مناهج تطبيقات علوم الفضاء في مجال الزراعة و الصناعة والهندسة في كل الجامعات المصرية، ووعد الوزير بتنفيذ ذلك.