ذكرى ميلاد عيسى عليه السلام
المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وفي الناس المسرة.
نحتفل تلك الأيام الطيبة بذكرى ميلاد السيد المسيح عليه السلام، فميلاده فصل بين زمانين ما قبل الميلاد وما بعد الميلاد، وكان ميلاده معجزة إلهية تدل على قدرة الله جل شأنه وعظيم مشيئته وقدرته يقول الله للشيء كن فيكون.
للسيد المسيح في القرآن الكريم مكانة خاصة ومرموقة، وقد علمه الله سبحانه وتعالى الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل، فذكره القرآن في خمسة وعشرون موضعا في العديد من السور والآيات تكريما له وتشريفا وتبجيلا، وللإيمان به وبما أُنزل عليه، وخلع الله عليه صفات الكمال والقداسة باعتباره من أولي العزم من الرسل ووجيها في الدنيا والآخرة، ومن المقربين، وإنه كان مباركا حيث كان، وغلاما صفيا نقيا بلا خطيئة، وأنه أية للناس ورحمة من الله سبحانه وتعالى ومبارك من الله.
المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام، هو رسول الله وروحه وكلمته ألقاها إلى والدته السيدة مريم بنت عمران العذراء البتول القديسة الشريفة العابدة العفيفة، التي وهبتها أمها وهي في بطنها لخدمة الله وعبادته، واصطفاها الله لتكون أما لسيدنا عيسى عليه السلام، فهي أطهر نساء العالمين وفي القرآن الكريم سورة كاملة باسمها المبارك، يقول تعالى: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَىٰ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ).
فقد جاءها جبريل عليه السلام وهى تتعبد في المحراب ليبشرها أنها ستلد غلاما سيكون نبيا ورسولا وليطمئنها، فنفخ الله فيها من روحه فحملت به، يقول تعالى: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ)، وحينما حانت موعد الولادة انتبذت به مكانا قصيا إلى جذع النخلة، وفجر الله المياه من تحتها وأمرها أن تهز النخلة فتساقطت عليها النخلة رطبا طريا، وبعدها حملت الطفل وعادت إلى أهلها بعد أن طمئنها الله من خوفها من أهلها الذين تقولوا عليها ولم تنطق وترد عليهم سوء ظنهم، فتجلت معجزة الله الى الطفل وأشارت إليه فتكلم في المهد بإذن الله وسكتت الألسن وقال تعالى على لسان الطفل في كتاب الحق القرآن الكريم في سورة مريم: (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آَتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا، وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا، وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا، وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا)
فالمسيح أيده الله سبحانه وتعالى بمعجزات كثيرة قد ذكرها الله في محكم كتابة الكريم في مواضع عدة:
أنه يخلق من الطين كهيئة الطير كصورة الطير فينفخ فيها فيتحول إلى طائر يطير.
فهو يحيى الموتى وعن الكلبي قال: كان عيسى عليه السلام يحيي الأموات بـ قوله: يا حي يا قيوم. وأحيا عاذر وكان صديقًا له، ودعا سام بن نوح من قبره فخرج حيًا.
ويبرأ الأكمة (الأعمى) والأبرص فيشفى المريض بإذن الله تعالى ففي زمان سيدنا عيسى اشتهر الناس بالطب وعلوم الطبيعة لذلك جاءت معجزاته تعجيزية لهم فكيف يبرىء المريض دون دواء انما كان ذلك تأيدا من الله له.
ويعلم الغيب فكان ينبأ بنى إسرائيل ما في بيوتهم وما يدخرون قال القرآن بلسان المسيح: (وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ).
كما انه انزل مائدة من السماء بقدرة الله سبحانه وتعالى، طلبها الحواريون بعد أن اتموا صيامهم، فطلبوها لكى تطمئن قلوبهم وأن الله قد تقبل صيامهم، وتكون عيدا لهم وتكفي لأولهم وآخرهم وغنيهم وفقيرهم، وخاف عيسى عليهم من ان لايشكروا الله، ولا يؤدوا حقها وصمموا عليها، فقام ودعا الله وتضرع في دعائه أن يجيب الله لهم طلبهم فنزلت مائدة من السماء بإذن الله.
قد أيد الله سيدنا عيسى بكثير من المعجزات الأخرى
فالمسيح عليه السلام رسول المحبة أسس مملكته على الحب والسلام فقد صبر على الأذى وقام بإعلاء كلمة الحق، ونشر دعوة الله إلى الناس، وكانت جل وصاياه تتمثل في وصية واحدة وهي المحبة "تحب الرب إلهك من كل قلبك. ومن كل فكرك. ومن كل قدرتك. وتحب قريبك كنفسك" فالله محبة ونقل عنه حواريوه وتلاميذته دعوته إلى البشرية.
ويحتفل الجميع مهما كانت عقيدته بذكرى الميلاد المبارك وتتزين البيوت بشجرة عيد الميلاد والزينة ويبتهج الجميع كبار وصغار احتفالا بتلك الذكرى العطرة لميلاده عليه الصلاة والسلام.
كل عام ونحن جميعا بخير ومصر الحبيبة تنعم بالأمن والسلام والتقدم وعيد ميلاد مجيد للجميع.