عميد الأسرى الفلسطينيين يستعد لمغادرة سجون الاحتلال بعد 40 عاما في الأسر
يعانق الأسير الفلسطيني كريم يونس (66 عاما)، بعد ساعات قليلة نسائم الحرية، بعدما أمضى 40 عاما في سجون الاحتلال الإسرائيلي، غدا الخميس، ويُتوقع أن يحظى باستقبال رسمي وشعبي حافل.
وكريم يونس هو عضو اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح، وأحد أبرز الثوار الفلسطينيين، الذين التحقوا بالمسيرة النّضالية، منذ ما قبل الانتفاضة الأولى عام 1987.
وُلد يونس في 23 نوفمبر عام 1958، في بلدة عارة بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، وهو الابن الأكبر لعائلته.
وفي سنته الدراسية الثانية للهندسة الميكانيكية بجامعة بن جوريون في بئر السبع، اُعتقل كريم في 6 يناير عام 1983، على خلفية مقاومة الاحتلال، وتعرض لتحقيق قاسٍ وطويل، وحكم عليه الاحتلال بالإعدام في بداية أسره، ولاحقا بالسّجن المؤبد (مدى الحياة)، وجرى تحديد المؤبد له لاحقا لمدة 40 عامًا.
انتظرته 40 عاما ولم تهنأ بحريته
وفي عام 2013، وفي ذكرى اعتقاله الـ30 توفي والده الحاج يونس يونس، وبقيت والدته الحاجة صبحية تنتظم في زيارته في معتقل هداريم الذي يقبع فيه حتّى اليوم، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية.
وبعد 39 عامًا من الانتظار وفي 5 مايو 2022، رحلت والدته الحاجة صبحية يونس، الصابرة التي انتظرته بكل ما تملك من قوة، ورحلت دون أنّ تحتفي بحريته.
وفي أول رسالة له بعد وفاة والدته، قال: أمي زارتني في السجن ما يقارب الـ700 زيارة، كانت تقاتل لتصلني إلى السجن، لم تكل رغم ما نثره المحتل من أشواكٍ في دربها.
وأضاف: برغم الألم والفقدان إلا أنني شعرت بسعادة وفخر عندما علمت أنَّ الحاجة لُفت بالعلم الفلسطيني الذي غُرز أيضًا على أرض مقبرة قرية عارة.
وعلى مدار 40 عامًا في الأسر، شارك كريم يونس في كل المعارك التي خاضتها الحركة الأسيرة، ومنها الإضراب عن الطعام، وكان آخرها إضراب عام 2017 الذي استمر لمدة 42 يومًا.
وأكمل المناضل الفلسطيني كريم يونس دراسته داخل الأسر، وحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير.
الأسير يونس واحد من بين 25 أسيرًا تواصل سلطات الاحتلال اعتقالهم منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو أي قبل عام 1993، ورفضت على مدار عقود أن تفرج عنهم، رغم مرور العديد من صفقات التبادل، والإفراجات وكان آخرها عام 2014، حيث كان من المقرر أن تفرج سلطات الاحتلال عن الدفعة الرابعة من القدامى، وكان عددهم في حينه 30 أسيرًا، إلا أنها تنكرت للاتفاق الذي تم في حينه في إطار مسار المفاوضات، إضافة إلى مجموعة من الأسرى الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم عام 2014، وهم من محرري صفقة 2011، أبرزهم نائل البرغوثي الذي دخل عامه الـ43 في سجون الاحتلال، وعلاء البازيان، وسامر المحروم، ونضال زلوم وآخرون.
أغادر وروحي باقية مع القابضين على الجمر
وكتب الأسير كريم يونس، رسالة إلى رفاقه الأسرى قبل أيام من الإفراج عنه، قال فيها: ها أنا أوشك أن أغادر زنزانتي المظلمة، التي تعلمتُ فيها ألا أخشى الظلام، وفيها تعلمتُ ألا أشعرَ بالغربة أو بالوحدة، لأنني بين اخوتي، اخوة القيد والمعاناة، اخوة جمعنا، قسمٌ واحد، وعهدٌ واحد".
وأضاف: أُغادر زنزانتي، ولطالما تمنيتُ أن أغادرها منتزعًا حريتي برفقةِ اخوة الدّرب، ورفاق النّضال، متخيلًا استقبالا يعبر عن نصرٍ وانجازٍ كبيرين، لكنني أجد نفسي غير راغب، أحاول أن أتجنب آلام الفراق، ومعاناة لحظات الوداع لإخوة ظننتُ أني سأكمل العمرَ بصحبتهم، وهم حتما ثوابت في حياتي كالجبال، وكلما اقتربت ساعة خروجي أشعر بالخيبة وبالعجز، خصوصا حين أنظر في عيون أحدهم، وبعضهم قد تجاوز الثلاثة عقود".
وتابع: سأترك زنزانتي، وأغادر لكن روحي باقية مع القابضين على الجمر المحافظين على جذوة النّضال الفلسطينيّ برمته، مع الذين لم ولن ينكسروا، لكن سنوات أعمارهم تنزلق من تحتهم، ومن فوقهم، ومن أمامهم، ومن خلفهم، وهم ما زالوا يطمحون بأن يروا شمس الحرّيّة لما تبقى من أعمارهم، وقبل أن تصاب رغبتهم بالحياة بالتكلفِ والانحدار.