الحوار الذي لم يبدأ
الآن..لابديل عن أن تكون كل قوى المجتمع الوطنية شريكة في الخطوة التالية.
وقد لا يكون أمامنا سبيل معروف لذلك إلا إذا اطمأنت هذه القوى ووثقت، فشاركت في حوار وطني.
سنخسر كثيرًا إذا لم يبدأ فورًا الحوار الوطني، جادًا وشاملًا وممتدًا.
الآن وليس غدًا.
لا نملك ترف أن يتأخر أو يفشل ، أو يأتي شكليًا، مؤديًا إلى نتائج لاتُصَّحح بقدر ماتُجَّمل ولا تعالج بقدر ماتُسَّكن.
لا نحتاج إلى تشخيص ولا شرح لأسباب ذلك، فكلنا ندرك أننا في مفترق طرق سياسي وفي منحدر اقتصادي خطر، وبينهما يراوح المجتمع أيامه بين قلق ورجاء.
ثمانية أشهر كاملة مرت في إجراءات تمهيدية وتنظيمية، تشكلت فيها لجان وتحددت محاور واختير مقررون.
وبعدها.. أين الحوار نفسه؟
ولماذا لم يبدأ؟
إذا كان هناك من لا يرى أهميته - بل وحتميته في اللحظة الراهنة- فعليه أن يعيد النظر فيما يرى.
في أوقات الأزمات قد يكون السكون هو الخيار الأخطر، فإنك إذا لم تتحرك راسمًا خريطة غدك سيفاجئك الغد بما لم تستعد له.
والحوار الوطني الحقيقي هو كسر للسكون بتحرك في اتجاه صحيح.. فعسى أن يبدأ.. وعسى أن يأتي حرًا جامعًا كما كانت دعوة الرئيس لإطلاقه منذ ثمانية أشهر حرة وجامعة.. وعسى ألا تأتي نتائجه توصيات للحفظ في الأدراج، بل قرارات وتعديل مسارات:
⁃ وثيقة للعمل السياسي: تدشن المرحلة الثانية من الحياة السياسية بنسق حريات مكفولة، ومجتمع مدني وأحزاب مسئولة تعبر عن قوى ومصالح اجتماعية أصيلة.
⁃ وثيقة الوعي المصري: تحدد استراتيجية الثقافة والفنون.. الحضارة والقيم..العلم والتعليم.
⁃ استراتيجية اقتصادية ثورية يضعها علماء وينفذها سياسيون.
ويصبح كل ذلك قيد التنفيذ.
مخطئ من لا يرى قلقًا في العيون وخوفًا في القلوب.. مخطئ من لا يرى ضباعًا خسيسة تتربص بنا في انتظار لحظة انكسار.
إن دولة 30 يونيو أقامها الشعب المصري بصموده.. جرب فتعلم.. وثق فاختار، فتحرك وصمد.. ولن يحمِها سوى شعب يثق ويطمئن.
الحوار الوطني لا بد أن يبدأ ولا بد أن ينتج عقدًا اجتماعيًا جديدًا يستوعب دروس العشرين عامًا الأخيرة، ويعي محددات العصر والمستقبل.