سباق النفوذ بين التنين والنسر.. من الرابح في صراع أمريكا والصين بأدغال إفريقيا؟
تشهد الصحاري الإفريقية صراعًا محتدمًا بين التنين الصيني وغريمه الاقتصادي النسر الأمريكي للسيطرة على الاقتصادات الإفريقية، باعتبارها اقتصادات ناشئة غنية بالكثير من الموارد الطبيعية، إذ تأخذ أمريكا على محمل الجد كون الصين أول دائن عالمي للدول الإفريقية والسائرة في النمو.
الصين من جانبها أعلنتها صراحة بضرورة عدم التوجه إلى صراع داخل القارة السمراء، إذ قال وزير الخارجية الصيني تشين جانج، خلال تواجده بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، اليوم الأربعاء، إنه يجب العمل على عدم تحويل إفريقيا إلى ساحة للتنافس بين القوى العالمية، في إشارة منه إلى احتدام المنافسة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على بسط النفوذ في القارة السمراء.
ملاحقة صينية أمريكية في إفريقيا
وظلت الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا لأكثر من عقد من الزمان، في ظل تنافس على النفوذ مع الولايات المتحدة، التي استضافت قادة 49 دولة إفريقية الشهر الماضي، وذلك بالتنسيق بين واشنطن وعواصم الدول الأوربية وكذلك مع القوى الاستعمارية السابقة مثل بريطانيا وفرنسا، وتضمنت القمة الأمريكية الإفريقية، تأكيدًا لمساعي من الإدارة الأمريكية على مواجهة التوسع الصيني، وإغلاق المساحات التي تركها الرئيس الأمريكي السابق دوناد ترامب في إفريقيا.
وتزايدت المخاوف الأمريكية من النفوذ الصيني في القارة السمراء بعدما أفصح صندوق النقد الدولي في بيان سابق له، بأن التجارة بين الصين وإفريقيا تقترب من 160 مليار دولار، في حين لم تتجاوز التبادلات التجارية الأمريكية مع ذات القارة 50 مليار دولار أي ثلث النفوذ الصيني التجاري في القارة السمراء.
وتستهدف الشركات الصينية العمل في البنية التحتية، والبحث العلمي، والنقل، وخدمات التكنولوجيا، والدخول في مختلف الأسواق، الأمر الذي بات سببًا رئيسيًا لإعلان الرئيس الأمريكي الحالي جو بادين إلى إطلاق 4 مبادرات تستهدف إفريقيا أملا في العودة إلى سابق نفوذها داخل الصحاري الإفريقية، عبر الإعلان عن 15 مليار دولار ضمن الالتزامات التجارية والاستثمارية والصفقات والشراكات، في مجالات الطاقة المستدامة والأنظمة الصحية والأعمال الزراعية والاتصال الرقمي والبنية التحتية والتمويل، إلى جانب توقيع العديد من الاتفاقيات مع قادة 47 دولة إفريقية تسعى من خلالها واشنطن إلى منافسة التنين الصين في الأدغال الإفريقيى.
التنين الصيني يلاحق النسر الأمريكي
ولم تكتف واشنطن بذلك الحد التجاري، إذ أعلنت خلال القمة ذاتها أنها ستعمل على انشاء سوق مشتركة للقارة الإفريقية بحجم تبادل تجاري يصل إلى نحو 3 ونصف تريليون دولار، إلى جانب الحديث الأمريكي عبر الرئيس بايدن بتخصيص مقعد دائم للقارة الإفريقية في مجلس الأمن الدولي أملا منه في كسب ود الصحاري الإفريقية، التي باتت تمثل مخزونًا استراتيجيًا للعالم في مستقبل الطاقة المتجددة.
على الجانب الآخر مثلت القارة السمراء أولى زيارته الخارجية استكمالا لعادة صينية منذ نحو 30 عامًا، بأن تكون القارة ذاتها أولى الزيارات لوزير الخارجية مطلع كل عام، وكانت إثيوبيا مقر الاتحاد الإفريقي أولى وجهات تشين جانج وزير الخارجية الصيني، بما في ذلك المقر الجديد للمراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، حيث مولت الصين بناء المجمع، كما فعلت في السابق لمقر الاتحاد الإفريقي نفسه، ومقره أيضًا في العاصمة الإثيوبية.
وقال تشين في مؤتمر صحفي مع موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، إن إفريقيا يجب أن تكون مسرحا كبيرا للتعاون الدولي وليس ساحة لمنافسة الدول الكبرى.
وسيزور تشين دولا إفريقية أخرى، خلال الأسبوع المقبل، لتواصل الصين التأكيد على مكانتها كقوى عظمى في القارة السمراء وكمنافسة شرسة تواجه المساعي الأمريكية للعودة لإفريقيا، فكلاهما يضع نصب عينيه ما تتمتع به الأدغال الإفريقية من معادن الأرض النادرة والموارد الطبيعية الأخرى، التي لها أهمية خاصة للاقتصاد والمصالح العسكرية لكلا البلدين.