الإثنين 25 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

قراءة في الوضع الاقتصادي (4).. حلول المدى الطويل

الدكتور محمد فؤاد
مقالات
الدكتور محمد فؤاد
الأحد 15/يناير/2023 - 12:41 ص

استعرضنا سابقا إلى أي مدى وضعنا الاقتصادي معقد وطبيعة الحلول قصيرة المدى الممكنة لمنع المزيد من التدهور، ولكن بلا أدنى شك هذه الحلول مهما حققت من نتائج مأمولة فهي بطبيعتها غير كافية إلا بشكل مؤقت.


ولا يجب أن نستكين إطلاقا بحل أزمة العملة الحالية أو أي استقرار قادم بفضل الحلول التمويلية التي تحدثنا عنها سابقا وبدأ تطبيق بعضها، فاقتصادنا بوضعه الحالي معرض مع أي رجّة إلى العودة إلى نفس الأزمة وإن كانت ستكون أشد، ووقتها لن تكون كل الحلول المتاحة الآن قابلة للتطبيق.

 

وحتى نكون على بينة، فلا يوجد حل نهائي للأزمة يريحنا إلى مالا نهاية، خاصة وأن هذا الهدف غير متاح على الإطلاق في مفاهيم الاقتصاد لكنه مرتبط بمعادلة تَناسُب الإنتاج مع الاستهلاك واستيعاب معدلات النمو وسد العجز المزمن في ميزان المدفوعات وهي معادلة تتطلب جهد مستمر لتحقيق هذا التوازن.


إذن.. ما هي الآليات طويلة المدى لإصلاح نظامنا الاقتصادي ومساعدته على تحقيق معدلات النمو والتنمية المطلوبة؟.. هذا ما نحاول الإشارة إليه دون التطرق إلى منظومة التعليم وإعلاء الثقافة الاقتصادية في الهوية وتأهيل الشباب لسوق العمل، فهي في الواقع آليات بديهية لا تحتاج إلى التذكير بها وللأسف كانت تحتاج أن نبدأ فيها منذ عقود.

وفي رأيي فإن الحلول التشغيلية طويلة المدى ليست صعبة على الإطلاق وليس لها كلفة على عكس الحلول التمويلية، خاصة وأن نتائجها مضمونة إلى حد ما، طالما التزمنا بالإعداد الجيد ومتابعة معدلات التنفيذ والبحث عن نقاط تميز وتفرد لبنودها.

وحتى لا أطيل، فنحن في حاجة إلى نشاط صناعي واستثمار، وهذا الهدف رغم بساطة البوح به إلا أنه غاية في التعقيد ويتطلب استراتيجية ليست هينة أو مشابهة للتي يكتبها الباحثون ومحترفو الصياغة، بحيث تتضمن أهدافا واضحة وتوصيفات دقيقة ليست مطاطة ومراحل تنفيذ مشددة.

هذه الاستراتيجية لا بد أن تقوم على أربعة أعمدة  مرتبطة ببعضها، ولا علاقة لها بالتفاصيل، كنوع من البنية التحتية الأساسية المطلوبة لإنجاح الاستراتيجية ودعم خطط تطبيقها، وضمانة لتحقيق نتائج مرجوة.

أولى هذه الاعمدة هي إتاحة التنافسية ووقف مزاحمة الدولة للقطاع الخاص في مشروعاته أو استحواذ الشركات التابعة للدولة على قطاعات استثمارية كاملة دون منافذ منافسة للقطاع الخاص، ويكفي أن تقوم الحكومة بدور المنظم فقط، خاصة وأن التجربة أثبتت أن القطاع الحكومي الاقتصادي بلا تجاوز غير مناسب لهذا الدور.

كما أن التمويل عنصر أساسي لنمو القطاع الصناعي والاستثماري، من خلال الحوافز التمويلية المدعومة من الحكومة للقطاعات ذات الأولوية في استراتيجيتا الاقتصادية، وهنا مثلا لا يمكن على الإطلاق أن تستمر معدلات الفائدة على القروض بهذا الحجم الذي قارب ال 25 %.. بلا شك نحتاج إلى تخفيض تكلفة التمويل.

كذلك الاستقرار الضريبي بتجاهل فكرة العقاب و"الجباية"، التي أصبحت سائدة في توجهاتنا الضريبية بهدف تحقيق أكبر عائد ضريبي وتجاهل المزايا الكثيرة لترشيد الضرائب في دعم الاستثمار وتحقيق عائد أكبر للموازنة العامة، ومن ذلك استقرار السياسة الضريبية.

أخيرا، لا تزال هناك حاجة ماسة إلى دعم الصادرات قطاعيا والتركيز على قطاعات بعينها بحيث تكون أسهل وتلقى رواجا وطلبا عالميا، ومن ضمنها الخدمات مثل خدمات التعهيد والتي نمت بشكل كبير في السنوات الأخيرة.

ورغم تطور صادرات مصر السلعية خلال الـ11 شهرا الأولى من عام 2022، بنسبة 11 بالمئة، لتبلغ قيمتها 32 مليار و575 مليون دولار، مقابل 29 مليارا و405 ملايين دولار، في نفس الفترة من العام السابق، إلا ان هذه الزيادة تحمل داخلها العديد من الظروف الخارجية مثل أثر جائحة كورونا على الصين في قطاع الملابس وزيادة صادرات الأسمدة وبالطبع التضخم السعري العالمي، وعليه فما حدث من طفرة ليست بالضرورة من صنع السياسات.

حلول تبدو هينة وسهلة؟ إن كانت كذلك، أين نحن منها؟

حاولت قدر الإمكان في سلسلة "قراءة في الوضع الاقتصادي" على مدار 4 حلقات، توصيف الأزمة وتبسيط الوضع للقارئ العادي، حتى يُكوّن وعي حقيقي بطبيعة ما نمر به، وألا يقلق، ليس لشيء سوى أن قلقه لن يفيد بل على العكس في الغالب سوف يضر، خاصة أننا ما زلنا في بدايات الأزمة لكن بإذن الله لا توجد سيناريوهات الخراب الشامل التي يتناولها البعض ولا يمكن - على الأقل الآن - مقارنة مصر بدول أخرى متعثرة لأن وضعنا بالفعل قابل للإنقاذ.

وأتمنى كذلك أن يكون ما قدمته من حلول مطلوبة بشكل عاجل على المدى القصير أو حلول طويلة الأجل، محلا للدراسة من قبل المعنيين في الحكومة لعل وعسى أن تفيد، وأن تراجع سياساتها وأوياتها الاقتصادية حتى لا نكون معرضين في المستقبل لمثل هذه الأزمات التي تعصف بأحوال المواطن قبل أن تشير إلى عدم وعي حكومي.

وأختتم قولي بمقولة العالم ألبرت اينشتاين: الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة.

تابع مواقعنا