رئيس حزب من عرب 48 بالكنيست الإسرائيلي: حكومة نتنياهو الأكثر تطرفا.. ومصر تلعب دورا بارزا في القضية الفلسطينية | حوار
قال الدكتور جمال زحالقة، رئيس التجمع الدمقراطي بالكنيست الإسرائيلي، وهو حزب قومي عربي في الكيان الإسرائيلي، إن حكومة رئيس زراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هي أكثر الحكومات تطرفًا في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي، مشيرًا إلى المجتمع الصهيوني يعاني من حالة انقسام حاد داخليا في بعض القضايا.
وشدد خلال حوار لـ القاهرة 24 على ضرورة حشد الدعم العربي والدولي لمواجهة تفشي الاحتلال، مشيرًا إلى أن مصر ستلعب دورًا أكبر على الساحة الدولية لحشد الدعم للقضية الفلسطينية في الأيام المقبلة.
وإلى نص الحوار
كيف ترى الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو؟
حكومة نتنياهو الجديدة هي أكثر الحكومات تطرّفًا في تاريخ إسرائيل، فحزب الليكود، الذي تزعمه نتنياهو، هو أكثر تشدّدًا من الماضي، بعد أن جرى استبعاد كل الشخصيات الليبرالية عن قيادته، والمركّبات الأخرى للحكومة هي حزب "العظمة اليهودية" بزعامة إيتمار بن غفير، وهو حزب ديني يميني فاشي، وكذلك حزب "الصهيونية الدينية" برئاسة بتسلئيل سموتريتش، وهناك في الائتلاف أيضًا الأحزاب الدينية التوراتية، التي تدعم المواقف اليمنية للحكومة طالما تحصل هي على ميزانيات لمدارسها الدينية ولمؤسساتها.
الخطوط العريضة للحكومة والاتفاقيات الائتلافية لا تدع مجالا للشك، فهي تنطلق من مبدأ "كل مناطق أرض إسرائيل هي ملك لشعب إسرائيل ويحق له الاستيطان فيها"، وتشمل بنودًا خاصة بالاعتراف بكل البؤر الاستيطانية العشوائية ومخططات لتكثيف وتوسيع الاستيطان وتعزيز التربية القومية اليهودية بنزعة متطرفة وشوفينية. كما طرحت الحكومة في أيامها الأولى مخططًا للانقلاب على جهاز القضاء وإخضاعه بالكامل للسلطة التنفيذية. الحقيقة أن حكومة نتنياهو تبنت بالكامل كل السياسات السابقة السيئة وزادت سوءًا.
هل ستصمد حكومة نتنياهو المتطرفة كثيرًا أمام التحديات التي تواجهها؟
في العادة لا تعمّر الحكومات الإسرائيلية كثيرًا ولا تنهي مدّتها القانونية، ولكن الحكومة الحالية، قد تكون مختلفة وتستمر لمدة أربع سنوات أو أقل قليلًا وذلك لأنّها: أولًا منسجمة سياسيًا وكل الأحزاب المشاركة فيها هي أحزاب يمينية، ولا توجد فيها مركّبات من خارج معسكر اليمين، وثانيًا لأنّها جاءت بعد فترة من عدم الاستقرار السياسي وتكرار الانتخابات وهناك رغبة عامة بتثبيت الاستقرار، وثالثًا لأن الأحزاب المكوّنة لها تملك أي بديل قائم أو محتمل أفضل، وهي بطبيعة الحال تخشى أن تؤدّي انتخابات إلى خسارة الحكم، ورابعًا لأن الليكود أعطى شركاءه كل ما طلبوا تقريبًا، وذلك للحصول على دعمهم لتغييرات قانونية وإجراءات تساعد نتنياهو في الإفلات من العقاب في محاكمته.
هناك طبعًا بعض عناصر التفكك الكامنة في تركيبة الحكومة، وفي مقدمتها المواقف المتطرفة جدًا للأحزاب الدينية الفاشية المؤدلجة، والتي قد تلجأ إلى إسقاط الحكومة إن أبدت تراجعًا في تنفيذ ما اتُّفق عليه بشأن القدس والاستيطان ومصادرة الأراضي وهدم المنازل. لكن لا تبدو في الأفق بوادر لإمكانية نشوء أزمة بين مركّبات الحكومة لأنه لا خلاف جدي في الجوهر، وقد تكون تباينات في المواقف التكتيكية ليس أكثر.
هل المجتمع الإسرائيلي يعاني من حالة انقسام حاد وما مدى تأثير ذلك على بقاء إسرائيل؟
المجتمع الإسرائيلي منقسم فعلًا في قضايا مثل سلطة القانون واستقلالية القضاء وحقوق الفرد والإكراه الديني، وهناك معارضة شديدة لنية الحكومة الإسرائيلية إخضاع القضاء لسلطتها عبر تغيير طريقة انتخاب القضاة وسن قوانين تحد من صلاحيات المحكمة العليا. وتشمل المعارضة غالبية النخب الأكاديمية والثقافية والاقتصادية والقضائية والأمنية (السابقة).
كما يشارك مئات الآلاف من الإسرائيليين في مظاهرات غاضبة ضد مشاريع الحكومة وتتردد عبارات وشعارات "موت الديمقراطية"، في المقابل هناك تهميش وتغييب لقضية فلسطين وهي لا تثير في هذه المرحلة نقاشًا وانقسامًا وتوترًا، في كل الأحوال لا زال المجتمع الإسرائيلي متماسكا ومتمسّكا بمبادئ الإجماع الصهيوني، وليست هناك مؤشرات للتفكك، ولا يبدو أن الانقسام السياسي يؤثر على بقاء إسرائيل.
ما هي الرؤية المستقبلية لوضعية إسرائيل الحالية وهل ستنهار في القريب؟
أعتقد أنه من الخطأ العودة إلى مقولة أن إسرائيل ستنهار من الداخل التي ترددت كثيرًا في الثمانينيات في أعقاب النقاشات الحادّة التي شهدها المجتمع الإسرائيلي، من الممكن طبعا أن تصبح إسرائيل أضعف مما هي عليه اليوم، ولكن ذلك مرهون بحشد ضغط دولي لمقاطعتها وعزلها وفرض العقوبات عليها، ولا تبدو في الأفق ذات عربية فاعلة وراغبة في مواجهة إسرائيل فعلا ولا حتى قولا.
ما رأيك في اقتحامات المستوطنين المتكررة للمسجد الأقصى وكيف يمكن الحد من ذلك؟
المسجد الأقصى مسجد، وهو مكان عبادة للمسلمين، والصحيح أن يكون المسجد مسجدا والكنيسة كنيسة والكنيس كنيسا، فلا المسلم يذهب للصلاة في كنيس ولا اليهودي يأتي للصلاة في المسجد الأقصى. وقد جرى تثبيت ملكية المسلمين للمسجد الأقصى في القانون الدولي في قرارات لجنة "شو" عام 1930، والتي تبنتها عصبة الأمم في حينه ومفادها أن المسجد الأقصى بما فيه حائط البراق هو ملك حصري للمسلمين.
اقتحامات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى تزداد عاما بعد عام، وذلك في ظل استفحال التطرّف وإصدار فتاوى دينية تسمح لليهود بهذه الاقتحامات، ويجب التنويه بأن معظم المرجعيات الدينية الوازنة تحرّم على اليهود دخول المسجد الأقصى لاعتبارات دينية يهودية داخلية تتعلّق بالطهارة وبعدم معرفة مكان قدس الأقداس، ويشهد هذا الموقف تراجعا يدفع بعشرات الآلاف من المستوطنين لاقتحام المسجد.
يمكن الحد من الاقتحامات ومنع صلاة اليهود في باحات المسجد الأقصى عبر آليتين: دفاع فلسطيني شعبي عن المسجد، وموقف عربي وإسلامي صارم وفعّال لحماية الأقصى.
هل من الممكن أن تدفع حكومة إسرائيلية لحل الدولتين؟
الحكومة الحالية تعارض حل الدولتين بشدّة، وإذا عاد الجمهوريون وترامب أو مثيله إلى السلطة، فهي ستعمل على ضم نصف الضفة الغربية، ولا يبدو في السنوات القادمة أن تدفع حكومة باتجاه حل الدولتين، لكن يمكن إجبار إسرائيل على تغيير موقفها بالضغط وبفرض العقوبات عليها لتمتثل للقرارات الدولية، فطالما لم يشعر الإسرائيليون أنّهم يدفعون ثمن الاحتلال لن يحدث أي تغيير في مواقفهم.
ما رأيكم في الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية وكيف يمكن إيقاف ذلك؟
الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية هو تعبير عن جوهر إسرائيل كدولة استعمارية استيطانية. والمشكلة أن المجتمع الدولي الذي يعارض الاستيطان يرفض فرض العقوبات على إسرائيل لتوقف مشروعها الاستيطاني التوسّعي. المهم في هذه المرحلة هو عدم منح الشرعية لأي جزء من المستوطنات لا القريبة من حدود عام 1967، ولا في القدس الشرقية. والمطلوب أيضًا حملة عربية وفلسطينية على الساحة الدولية لربط التعامل مع إسرائيل بوقف الاستيطان.
ماذا عن تعامل الاحتلال الإسرائيلي مع ملف الأسرى الفلسطينيين؟
يعاني الأسرى الفلسطينيون من معاملة تعسّفية ومن قمع سلطات السجون الإسرائيلية، التي تسلبهم أبسط حقوقهم. وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية الجديدة عن نيتها فرض المزيد من القيود وتشديد الخناق على أسرى الحرية الفلسطينيين. ولكن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تمر بسهولة، وإذا جرى تنفيذ ما أعلن عنه وزير الأمن القومي، المسؤول عن مصلحة السجون، فإنه من المؤكّد أن يكون رد فعل قوي من الحركة الأسيرة وسيكون لهذا الرد صدى قوي جدا في الشارع الفلسطيني، الذي يعتبر قضية الأسرى من أهم قضاياه.
كيف ترى الدور المصري لحل الأزمة الفلسطينية الإسرائيلية؟
مصر أكبر الدول العربية، ولها وزنها العربي والدولي، وشعب مصر كان دائما داعما لفلسطين، وقدم في سبيلها عشرات الآلاف من الشهداء. وأعتقد أن أهم دور لمصر هذه الأيام هو ملف المصالحة، التي أصبحت ضرورة ملحة في ظل الحكومة الإسرائيلية الجديدة. وأعتقد أن مصر ستلعب دورًا أكبر على الساحة الدولية لحشد الدعم لقضية فلسطين واستثمار النفور العالمي من سطلة اليمين المتطرف الفاشي في الدولة الصهيونية.