د. أحمد فؤاد يكتب: ملامح المشروع الشعري عند صلاح جاهين
وقع اختيار الكاتب الكبير صلاح جاهين شخصية معرض القاهرة الدولي للكتاب وبهذه المناسبة يكتب الدكتور أحمد فؤاد، أستاذ النقد الأدبي بكلية التربية جامعة عين شمس، عن ملامح المشروع الشعري عند صلاح جاهين، وإلى نص المقال…
يعد شعر العامية واحدا من أكثر الفنون الأدبية اهتماما بين القراء والمتلقين في الوقت الحالي، وهناك أسباب كثيرة ساعدت على ذلك، من أبرزها المهاد الإبداعي والدور الريادي الكبير الذي قدمه شعراء العامية في الفترات السابقة، وبخاصة في النصف الثاني من القرن العشرين، وعلى رأس رواد شعر العامية الذين حملوا على عاتقهم هذا الدور، شاعر العامية المتميز والمبدع الكبير / صلاح جاهين.
ويؤكد دائما معظم النقاد والدارسين هذا الدور الريادي المرتبط بتقديم شكل بنائي ومضمون شعري خاص بشعر العامية المصري، يجعله ذا صبغة فنية مستقلة عن شعر اللهجات العربية الأخرى، ومن أبرز ما تميز أسلوبا ومضمونا في أشعاره، رباعياته المشهورة، والتي تغنى بها كثير من المطربين والمطربات في مصر والعالم العربي، كما تصدرت كثير منها مداخل المؤلفات المختلفة، باعتبارها بمثابة المغزى أو الفكرة العامة التي يمكن أن يبنى عليها الكتاب بأكمله، هذا بجانب استمتاع المتلقين بشعره العامي ورباعياته المتميزة.
وقد ارتبطت كثير من رباعيات صلاح جاهين بخاصة، وشعره العامي بعامة، باشتماله على حكم ومواعظ ترتبط بجوانب اجتماعية وسياسية وثقافية متعلقة بالشعب المصري في فترات قوته وضعفه.
وبجانب ذلك اتسم شعر صلاح جاهين بعدم التعقيد أو التكلف في الأسلوب واختيار المفردات والتراكيب والصور، دون أن يتخلى شعره عن العمق الإيحائي المطلوب في استيحاء التعبيرات المرتبطة بالمعتقدات الشعبية ونداءات الباعة الجائلين، التي كان يعشقها، وما تقدمه من قيم وتقاليد خاصة بالمجتمع المصري بطبقاته المختلفة، وبخاصة الطبقات الشعبية، على نحو ما نرى في «الليلة الكبيرة»، «الوحدة»، «بستان الاشتراكية»، «أهلا بالمعارك»، «زي الفلاحين».
ومن رباعيته المشهورة والرائعة:
ولا بد من يـوم معلـوم
تترد فيـه المظـالم
أبيض على كل مظلـوم
وأسـود على كل ظـالم
مسكين من يطبخ الفـاس
ويريد المـرق من حـديده
مسكين من يعاشر النـاس
ويـريـد من لا يـريـده
ومن رباعياته المرتبطة بجوانب فلسفية يبحث فيها عن إجابات حول تساؤلات تتعلق بالحياة والموت:
في يوم صحيت شاعر براحة وصفا
الهم زال والحزن راح واختفى
خدنى العجب وسألت روحي سؤال
أنا مت؟؟ ولا وصلت للفلسفة؟؟
عجبي !!!!!
وهكذا يمكن القول إن صلاح جاهين موهبة متفردة وإبداع ممتد، استطاع أن يفرض نفسه على المشهد الثقافي والإبداعي المصري عبر عقود، ولا يزال حتى الآن ملهما لكثير من شعراء العامية المصريين، ومؤثرا في حركة الشعر العامي في مصر.
