التخطيط: نسعى إلى تحقيق التنمية المستدامة لضمان حقوق الأجيال المقبلة
شاركت الدكتورة منى عصام، مساعد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لشئون التنمية المستدامة، الخميس، في جلسة بعنوان “نحو تنفيذ حكومي شامل لأهداف التنمية المستدامة في مصر”، المنعقدة خلال فعاليات اليوم الثاني من المؤتمر رفيع المستوى لمشروع دعم الحوكمة العامة والاقتصادية في مصر الممول من الاتحاد الأوروبي، والذي تنفذه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الاقتصادية، على مدار يومي 8 و9 فبراير الجاري.
وخلال الجلسة، قالت الدكتورة منى عصام، إن مصر كانت من أوائل الدول التي وضعت استراتيجية وطنية للتنمية المستدامة تمثلت في رؤية مصر 2030 والتي أطلقتها الدولة المصرية في فبراير 2016، باعتبارها النسخة الوطنية من الأجندة الأممية 2030.
وأضافت أنه في ضوء الطبيعة الديناميكية لعملية التخطيط التنموي، ونظرًا لكون رؤية مصر 2030 وثيقة حية تتأثر بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، فقد ارتأت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في عام 2018 ضرورة تحديث هذه الرؤية، لعدد من الأسباب تتمثل في ضمان اتساق الأجندة الوطنية مع الأهداف الأممية للتنمية المستدامة أجندة 2030، وكذلك مع أجندة أفريقيا 2063، والتأكيد على ترابط الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة.
وبينت أن جميع الأهداف الاستراتيجية الرئيسية والعامة سوف تتضمن الثلاث أبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية معًا، كما طرأت قضايا ملحة في السياق المصري كان يجب تضمينها وبيان كيفية التعامل الاستراتيجي معها مثل الزيادة السكانية، ندرة المياه، وغيرها، علاوة على مواكبة التغيرات التي طرأت على مؤشرات الاقتصاد المصري بعد تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي عام 2016، وتعزيز سرعة الاستجابة والتعامل الفعال مع التحديات العالمية المستحدثة والتنبؤ السريع والاستعداد لأي مستجدات محلية وإقليمية ودولية، ورفع قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات الخارجية، على سبيل المثال كوفيد- 19، والحرب الروسية الأوكرانية وغيرها.
وذكرت أنه منذ الخطوات الأولى لعملية التحديث، تبنت الحكومة ممثلة في وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، نهجًا تشاركيًا يضمن مشاركة كل الأطراف المعنية في هذا الجهد الوطني لرسم مستقبل أفضل لأبناء مصر وتحقيق التنمية المستدامة لضمان حقوق الأجيال المقبلة، وانطلقت عملية التحديث بمشاركة جميع الوزارات والجهات الوطنية وعدد كبير من الخبراء الوطنيين في مجالات الاقتصاد والاجتماع والبيئة والحوكمة، والذين قدموا إسهامات ومجهودات كبيرة في عملية تحديث رؤية مصر 2030.
وأفادت بأن عملية التحديث بدأت بالاستعانة بعدد من الخبراء لرصد الفجوات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في النسخة الأولى من رؤية مصر 2030، ومن ثم تم تحديد فرق عمل من مجموعة كبيرة من الخبراء لصياغة أوراق عمل لسد الفجوات المحددة، وبالتوازي، تم العمل مع الوزارات والجهات الوطنية لصياغة أوراق عمل قطاعية كخطوة أولية لعملية التحديث.
نحو تنفيذ حكومي شامل لأهداف التنمية المستدامة
وتابعت عصام أنه مع انتشار جائحة فيروس كوفيد-19 وما ترتب عليها من تداعيات اقتصادية واجتماعية طالت دول العالم كافة ومن بينها مصر، كان لزامًا إجراء مراجعة جديدة لأهداف الرؤية ومؤشراتها لتضمين التحولات التي طرأت على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية من جراء الجائحة، وتضمين آليات للتعافي السريع والقدرة على امتصاص الصدمات، وتلى ذلك عملية التجميع والمراجعة، حيث تمت الاستعانة بنخبة من الخبراء والأكاديميين في المجالات المختلفة، واعتمد الخبراء في عملهم على كافة مدخلات الوزارات والجهات الوطنية من أوراق عمل وكذلك الاستراتيجيات القطاعية المنشورة، كما تم تضمين التداعيات الناتجة عن تفشي جائحة كورونا.
وأوضحت أن فريقا متخصصا من وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية وضع إطارا لمتابعة تنفيذ الرؤية المحدثة؛ تتضمن عددًا من المؤشرات الاستراتيجية ومستهدفاتها، كما تم عقد جلسات تشاورية افتراضية مع مجموعة من الخبراء البارزين في المجالات المختلفة لمناقشة مستهدفات المؤشرات المتضمنة في رؤية مصر 2030 المحدثة لمراجعتها وتنقيحها وكذلك لضمان قابليتها للتحقق في ضوء الخبرات الأكاديمية والعملية للخبراء، وتم إرسال مسودة النسخة المحدثة من رؤية مصر 2030، والمستهدفات الخاصة بها إلى كل الجهات الوطنية لإبداء الرأي، وبعد إجراء التعديلات المطلوبة وفقًا لمدخلات الجهات الوطنية، وتم طرح النسخة المحدثة من رؤية مصر 2030 لمناقشتها ضمن جلسات الحوار الوطني.
وقالت إن النسخة المحدثة من رؤية مصر 2030، تتضمن أربعة مبادئ حاكمة تمثل الركائز الاستراتيجية وهي الإنسان محور التنمية، وتحقيق العدالة والإتاحة، وتعزيز المرونة والقدرة على التكيف، وتحقيق الاستدامة، ويمثل قلب الرؤية ستة أهداف استراتيجية ينبثق عنها الأهداف العامة، وتتمثل الأهداف الاستراتيجية في الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحسين مستوى معيشته، والعدالة الاجتماعية والمساواة، ونظام بيئي متكامل ومستدام، واقتصاد متنوع معرفي تنافسي، وبنية تحتية متطورة، والحوكمة والشراكات، موضحة أنه لتسريع تحقيق الأهداف، تم تحديد سبعة ممكنات وهي توفير التمويل، وتحقيق التقدم التكنولوجي والابتكار، وتعزيز التحول الرقمي، وإنتاج البيانات وإتاحتها، وتهيئة بيئة تشريعية داعمة، وتوفير منظومة قيم ثقافية مساندة، وضبط الزيادة السكانية.
وتطرقت عصام إلى أوجه الاختلافات الرئيسية بين النسخة الأولى والمحدثة من رؤية مصر 2030، حيث اعتمدت النسخة الأولى من الرؤية على الفصل بين الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة (الاقتصادية والاجتماعية والبيئية)، بينما في الرؤية المحدثة، يعكس كل هدف استراتيجي وهدف عام من أهداف الرؤية الأبعاد الثلاثة مجتمعة، كما تم تقسيم الرؤية المحدثة إلى مجموعة من المبادئ الحاكمة التي تمثل الإطار العام للرؤية، ويجب وضعها في الاعتبار عند تحقيق الأهداف الاستراتيجية والعامة للرؤية، إلى جانب تحديد مجموعة الممكنات التي تسهم في التسريع من تحقيق الرؤية الوطنية، والربط بين الأهداف الاستراتيجية للرؤية بكل من الأجندة الأممية 2030 وأجندة أفريقيا 2063.
وأضافت أن الرؤية المحدثة تركز على وضع تصور استراتيجي للدولة المصرية، وصولًا إلى عام 2030، إلى جانب مستهدفات كمية لقياس مدى التقدم المُحرز، على أن تتولى الجهات الوطنية وأصحاب المصلحة عملية تنفيذ الرؤية من خلال استراتيجياتهم القطاعية وخطط عملهم التي يجب أن تتوافق مع الرؤية الوطنية رؤية مصر 2030، في حين حددت النسخة الأولى البرامج والمشروعات اللازمة لتحقيق الأهداف.