الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

سوريا المنسية

الخميس 09/فبراير/2023 - 10:43 م

فجر أول أمس استيقظت شعوب شرق المتوسط على وقع هزة أرضية شديدة تبين فيما بعد أنها زلزال مدمر ضرب شمال سوريا وجنوب وشرق تركيا، وخلّف دمارًا كبيرًا وصل إلى حد تصنيفه كأحد أسوء الكوارث الطبيعية في تاريخ هذا الجزء من العالم، قرى بأكملها لم يعد لها وجود، مدن تهدمت أحياؤها، حصيلة قتلى بلغت 5000 قتيل في البلدين ناهيك عن عشرات الألاف من الجرحى والمشردين، بينما المأساة واحدة في كل من سوريا وتركيا، إلا أن أثرها على سوريا المكلومة أكبر بكثير. 

سوريا المنسية التي لم يعد أحد يهتم بشئونها  سوريا المستباحة أراضيها وأجوائها سوريا التي صنعت فيها الحرب خلال 11 عامًا ما لم يفعله الزلزال رغم شدته وقسوته. سوريا التي أصبحت ملعبًا كبيرًا تتبارى فيه لفيف من الدول ذات النفوذ الإقليمي والعالمي على الثروات الطبيعية والمواقع الاستراتيجية والموانئ وحتى الأضرحة الدينية.

سوريا وتركيا

 ولنفهم كيف وصلت سوريا إلى هذه اللحظة فمن الواجب أن نعود إلى عام 2011 عندما كانت سوريا بلدًا عربيًّا مستقرًا وآمنًا رغم معاناته من سلطوية الحكم والفساد شأنه شأن الكثير من دول الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا. 

في هذه اللحظة التاريخية في 2011 وأسوة بما شهدته بلدان كمصر وتونس اندلعت احتجاجات ضد نظام الحكم سرعان ما استغلتها فصائل التطرف الإخواني والجهادي لتحولها إلى حرب طائفية بين مذاهب ونحل سوريا المختلفة. 

حرب أهلية انخرطت فيها قوى إقليمية على رأسها إيران وتركيا وإسرائيل وعدد من دول الخليج وقوى دولية على رأسها الولايات المتحدة التي احتلت حقوق النفط في الشرق السوري ودعمت المعارضة المسلحة لعدة سنوات ثم توقفت، وطبعًا روسيا الاتحادية التي تدخلت عسكريًّا بشكل مباشر لتحسم الصراع لصالح الرئيس بشار الأسد وحكومته. ورغم تراجع حدة الصراع المسلح ولكن سوريا لا تزال متشرذمة ومقسمة إلى مناطق نفوذ؛ حيث تسيطر الحكومة الشرعية ومعها المليشيات المدعومة من إيران والقوات الروسية على نحو 65 % فقط من الأراضي السورية، بينما تسيطر قوات سوريا الديمقراطية ذات الغالبية الكردية ومعها قوات أمريكية على نحو 25 % من البلاد، بينما تسيطر الفصائل الإخوانية والجهادية المسلحة وقوات الجيش التركي على نحو 10 % من سوريا، ولا يزال تنظيم داعش الإرهابي يحافظ على وجوده في بعض المناطق. 11 عامًا من الحرب تركت 12 مليون سوري مشردًا نصفهم فرّ إلى خارج البلاد ليصبحوا لاجئين بلا مأوى، 11 عامًا تسببت في مقتل نصف مليون إنسان سوري ثلثاهم من المدنيين. حرب شهدت انتهاكات مخيفة لحقوق الإنسان من كافة الأطراف، حرب صنعت بقرى ومدن وبلدات ما لا يصنعه إلا 100 زلزال. 

التعاطف الإنساني مع ضحايا الزلزال سواء في سوريا أو تركيا محل تقدير ولكن في الحالة السورية من العبث أن نتناسى واقعها الأليم قبيل هذا الزلزال، واقع جعل من الشعب السوري ضحايا دائمين على مدار 11 عامًا.

القلوب الطاهرة النقية مفطورة وحزينة على ضحايا الزلزال، وهي ذات القلوب التي تأن ألمًا من فرط حزنها على ما آلت له الأمور في سوريا الشقيقة على مدار 11 عامًا وهي تلك القلوب المخلصة لإنسانيتها التي لم يُصِبها داء النسيان.

لكِ الله يا سوريا. 

تابع مواقعنا