رحلة زيناهم من منفلوط إلى صحراء حلوان
زيناهم فتاة لم تبلع سن الرشد بعد، أغواها أحد الشبان في قريتها الصغيرة بمركز منفلوط، ووعدها بالزواج فوقعت في شباكه، وأقاما علاقة آثمة نتج عنها حملها سفاحًا، كان سببًا في أن يقودها للقتل خنقًا وإلقاء جثتها بصحراء حلوان تأكلهما الطيور، حتى عثر عليها عمال النفايات.
قبل أسبوعين ماضيين، لم تستطع زيناهم أن تخفي جريمتها وهي حملها سفاحًا من أحد الأشخاص، الذي تخلى عنها وأنكر علاقته بها، فأفصحت لوالدتها عن مكنون قلبها وما يجول بخاطرها وما تحمله بطنها، وعن علاقتها الآثمة بهذا الشاب، فلم تتحمل الأم عبء هذا الخبر، فأسرت به إلى شقيقها ووالدها، فالمصيبة بالنسبة لها، كانت أكبر من أن تتحملها وحدها.
استعان والد زيناهم بشقيقه اللذان غادرا الصعيد منذ بضع سنين وانتقلوا للعاصمة، أحدهم يسكن حلوان، والآخر في المعتمدية بالجيزة، ووقع الاختيار على الأخير، فهو الشقيق الأكبر القادر على حل هذه الأزمة، بعيدًا عن تهور شقيقهما الأصغر، فطلب منهم المجيء إليه، بحثًا عن مخرج وهروبًا من الفضيحة، ففعلوا ووصلت زيناهم وشقيقها ووالدها، تحمل جنينها السفاح بين ضلوعها.
شرع عم الفتاة الأكبر في البحث عن طبيب يجري لها عملية إجهاض للتخلص من جنين السفاح قبل مولده، واستمر أياما في عملية البحث والتجهيز، لكن في نفس الوقت بذل العم الأصغر المقيم بحلوان، كل جهوده ليتولى هو مهمة التخلص من هذه الفضيحة، فأشار عليهم بالقدوم إليه، فنجح في ذلك، وانتقلت زيناهم إلى محطتها الأخيرة في هذه الحياة.
بمجرد قدوم زيناهم بصحبة أسرتها إلى منزل عمها، ألقى عليها الأخير وابلًا من السباب والتجريح والتنكيل، بل والضرب والتعدي، فيما انتقص من كرامة شقيقه ونجله، ووصفهم بأهل العار، وأنهم لا بد من التخلص من هذه الفتاة، وغسل عارهم بأيديهم، حفاظًا على ما تبقى لهم وعائلتهم من سمعة وسط أقاربهم.
فما كان منهم إلا أن أحضروا قطعة من القماش تشبه الإيشارب، ودخلوا على زيناهم غرفتها، فخنقوها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، وسط كيل من السباب ألقوها عليها، فماتت ومات جنينها، وبدأ الفصل الأخير في التخلص من الجثمان، كما بدا لهم أنهم تخلصوا من الفضيحة.
في آخر أحياء مدينة حلوان جنوب القاهرة، توجد قرية كفر العلو الصحراوية، والتي قلما ما يمر عليها مار أو يزورها زائر، سوى عمال مصنع الأسمنت، أو سائقي سيارات النفايات، فبدت لأسرة زيناهم وعمها، موقعًا ملائمًا للتخلص من الجثمان، فأحضروها إلى هناك بمركبة توك توك، وألقوا جثمانها دون تكريمه ودفنه، ولاذ العم والأب بالفرار إلى مسقط رأسهم بمنفلوط، وهام الشقيق تيهًا بين عدة مناطق بحلوان.
وبينما يمر عامل بإحدى المدقات الجبلية بمنطقة كفر العلو، تناهى إلى ناظريه جثمان الفتاة زيناهم، ملقاة على الأرض، تأكل الطيور من لحمها وجنينها، وعلى رقبتها آثار خنق، فأبلغ شرطة النجدة، وحضرت قوة من قسم شرطة حلوان على الفور.
عكف رجال المباحث على مدار يومين على البحث والفحص والتدقيق، فتوصلوا إلى هوية الفتاة وهي زيناهم لم تكمل 21 عًاما، وتوصلت الجهود إلى هوية مرتكبي جريمة قتل زيناهم، وهم شقيقها ووالدها وعمها، وأماكن تواجدهم بمنفلوط بمحافظة أسيوط ومدينة حلوان، وكاميرات المراقبة التي رصدت تحركاتهم وجريمتهم، فألقت القبض عليهم، وأحالتهم إلى جهات التحقيق.
أما جثمان زيناهم فقد تم نقله إلى مشرحة زينهم، وشرع رجال الطب الشرعي في تشريحه، للتوصل إلى كيفية تنفيذ المتهمين جريمتهم، ثم التصريح بدفنها، وإبلاغ أفراد أسرتها من غير المتهمين باستلام جثمانها، ودفنها بصورة تليق بها.