سياسي لبناني: مصر بادرت عدة مرات لحل أزمتنا.. والمرحلة الحالية تشبه المخاض العسير قبل الولادة
قال محمد سعيد الرز، المحلل السياسي اللبناني، إن ما تشيعه الطبقة الحاكمة اللبنانية بأن المحيط العربي تخلى عن مساعدة لبنان، غير صحيح بالمرة، موضحا أن مصر بادرت عدة مرات والرئيس عبد الفتاح السيسي استقبل أكثر من مسؤول لبناني ودعا كل الفرقاء لوضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الخاصة والحزبية والطائفية.
وأشار الرز، في تصريحات لـ القاهرة 24، إلى أن الجامعة العربية حاولت عدة مرات طرح مشاريع حلول للأزمة سواء عبر أمينها العام أحمد أبو الغيط أو بواسطة السفير حسام زكي، والكويت قدمت خارطة طريق لإنقاذ لبنان باسم كل دول مجلس التعاون الخليجي، لكن المشكلة تجاه ذلك كله تمثلت في أجندات فرقاء المنظومة الحاكمة، التي يحاول كل طرف فيها جر لبنان واللبنانيين إلى مشروعه السياسي الخاص أو إلى استمرار فساده في نهب المال العام، والسطو على مؤسسات الدولة.
وأضاف الرز أن طبيعة المرحلة التي تمر بها الساحة اللبنانية تشبه المخاض العسير قبل الولادة، موضحا أن الكتل النيابية تدعو إلى حل داخلي وإلى انتخاب لبناني لرئيس الجمهورية، لكنها لم تستطع التوصل إلى انتخاب هذا الرئيس، وهذه الكتل تمثل بمعظمها المنظومة الحاكمة التي انقلبت على الدستور واستبدلته بتسويات ثنائية وثلاثية كان أخطرها قانون الانتخابات النيابية الحالي بطبيعته الفيدرالية المضادة لكل بنود الوفاق الوطني.
المجتمع العربي والدولي لن يسمح بمواصلة هذه الأزمة واتجاهها نحو الانهيار الكامل لمقومات الدولة في لبنان
ولفت الرز إلى أن الوضع الحالي في لبنان استدعى تحركا من مجموعة دول عربية وعالمية التقت في باريس في السادس من فبراير الحالي، وتمثلت فيها مصر والسعودية وقطر وفرنسا والولايات المتحدة، وجاء هذا التحرك بعد الشعور العربي بمخاطر استمرار الانهيار في لبنان، وأبلغ سفراء هذه الدول رئيسي مجلس النواب والحكومة اللبنانيين بنتائج اللقاء الباريسي مع التحذير بأن المجتمع العربي والدولي لن يسمح بمواصلة هذه الأزمة واتجاهها نحو الانهيار الكامل لمقومات الدولة في لبنان.
وأشار الرز إلى أنه ومن تلك النقاط بدأ المخاض العسير، فقسم من المنظومة الحاكمة - التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل - بدأ برفع مستوى طروحاته الفيدرالية وهاجم مؤسسة الجيش وقيادتها، في حين لجا قسم آخر إلى تحريك الشارع وقطع الطرقات ومهاجمة البنوك، فيما عمل قسم ثالث على نقل المسألة إلى مكان آخر وهو إطلاق التهديدات ضد إسرائيل من قبل حزب الله، بينما عمل مزيج من هذه الأقسام على تدمير الليرة اللبنانية لحساب الارتفاع غير المسبوق للدولار الأمريكي من 40 ألف ليرة إلى 83 ألف ليرة في أسبوع واحد، مع ما ينسحب على أسعار كل السلع من الغاز والبنزين وصولا إلى البصل من 20 ألف ليرة للكيلو الواحد إلى 70 ألفا، وكل ذلك مترافق مع تعطيل التعليم والقضاء والبنوك وشلل عام في معظم مؤسسات الدولة ما ينذر بفوضى شاملة.
إعلان مواجهة مع الحل العربي الدولي من خلال المعادين لاتفاق الطائف
وأوضح المحلل السياسي اللبناني، أن كل المبادرات العربية والدولية، بما فيها لقاء باريس، ركزت على أولوية تطبيق اتفاق الطائف للوفاق الوطني اللبناني والدستور المنبثق عنه تطبيقا كاملا بوصفه الضامن الوحيد لإنقاذ لبنان والسلم الأهلي فيه، فيما حذرت دول لقاء باريس من أنها، مع المجتمع الدولي، لن تبقى مكتوفة اليد أمام انهيار لبنان واللبنانيين، مؤكدة أن هذا التحذير جدي، وهنا يمكن تفسير التدهور الحالي في الواقع اللبناني بأمرين: إما أن يكون إعلان مواجهة مع الحل العربي الدولي من خلال المعادين لاتفاق الطائف والدستور والساعين لمشاريع التقسيم والفيدرالية، أو أن كل فريق يحاول تحسين أوراقه وشروطه قبيل فرض الحل العربي والدولي وفي متنه تطبيق اتفاق الطائف على طريقة اشتدي أزمة تنفرجي، وبما يماثل كل الحلول التي وضعت للأزمات اللبنانية تاريخيا وحاضرا والتي نضجت بعد سخونة الساحة اللبنانية هي مرحلة مخاض إذن، لكن كيف سيأتي المولود المنتظر، تلك هي المسألة المنتظرة.