الجمعة 22 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

انتخابات الصحفيين وأوهام القطيعة مع الدولة

الأحد 19/فبراير/2023 - 09:05 م

تجري انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، والمزمع الاقتراع عليها في شهر مارس المقبل، في ظل سياقات مغايرة، أبرزها: اتساع مساحة الاستقطاب، جراء تغير نوعي في طبيعة القضايا الخلافية وهوية المرشحين، فضلا عن ارتفاع عدد المرشحين - من أصحاب الأوزان الانتخابية الثقيلة - على مقاعد مجلس النقابة، وهو ما سيؤدي بالتبعية إلى حالة من الزخم يرافقها ارتفاع في نسبة تفتيت الأصوات.

وفي هذا السياق، يعود اجترار الثنائيات نفسها التي حكمت المشهد الانتخابي في العقود الأخيرة، من بينها: ثنائية مرشح الخدمات، مقابل مرشح القضايا النقابية، وثنائية الشعار مقابل البرنامج، وثنائية استقلال النقابة، مقابل التبعية لجماعات أو شلل أو مؤسسات، وأخيرا ثنائية إطلاق الوعود مقابل الإنجازات الساخنة، وعلى رأسها حجم زيادة بدل التكنولوجيا.

وعلى وقع هذه الثنائيات، يجري في كل انتخابات، انقسام الجماعة الصحفية بين تيارين رئيسيين، الأول «تيار واقعي» يؤمن بأن عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة، والثاني «تيار حالم» يؤمن بأن الخدمات والانجازات الساخنة كبدل التكنولوجيا، يجب أن تسقط على عتبات النضال من أجل انتزاع الحقوق الكبيرة.

وفيما يسوق كل تيار، من الأدلة والحجج، ما يبرهن به على صحة منطقه، ويدغدغ به مشاعر جمهوره، تغيب عن المشهد الانتخابي، مفاهيم طالما نجحت من قبل، في انتخاب مجلس قوي بتنوع انتماءاته ورؤاه وقدرته التفاوضية، على الجمع بين المكاسب الصغيرة الآنية، وانتزاع حدّ ممكن ومعقول من الحقوق المهنية الكبيرة. 

وهنا، لا يمكن فصل انتخابات النقابة، عن نمط التفاعلات الحاكم للمجال العام وفي قلبه الصحافة، ولا عن الظرف الاجتماعي والاقتصادي للجماعة الصحفية، ولا عن الركود الذي أصاب المهنة، وإلا أصبحنا أمام حالة من الانفصال المرضي عن الواقع.

إن المعضلة الأساسية، أمام أي نخبة في تحقيق تغيير ما، ليست في حجم ونوعية الشعارات والآمال التي يجري رفعها في مواجهة الواقع، ولكنها تكمن في الإجابة عن سؤال: كيف يمكن إحداث اختراق لتغيير هذا الواقع؟، أو بصيغة أخرى: كيف يمكن ردم الفجوة بين النظرية والتطبيق؟، وإلا أصبحنا أمام حالة من «الطوباوية» المقيتة، التي تزيد من عزل النخبة عن المجتمع وقدرتها على تطوير هذا الواقع.

وقبل الإجابة على السؤال السابق، بات علينا، الاتفاق على أسس وأهداف وطبيعة اجتماعنا في إطار نقابة الصحفيين، بمعنى: هل اجتماعنا في إطار النقابة، اجتماع مهني أم سياسي؟، وهل لنقابة الصحفيين أي دور غير حماية ورعاية المهنة والصحفيين؟، وما هي الآليات التي يجب أن تمتلكها النقابة لأداء دورها؟، وما هو الإطار الحاكم لعلاقة النقابة بمؤسسات الدولة؟، وكيف ندير هذه العلاقة بالشكل الذي يدعم ويحافظ على مصالح عموم الصحفيين والمهنة؟.

إن الإجابة على هذه الأسئلة، بات من الفروض النقابية الغائبة، في ظل تحول الانتخابات من سوق لتنافس الأفكار والرؤى، إلى حلبة ملاكمة وساحة للشعارات الرخيصة والوعود الزائفة، بعدما اختلطت المفاهيم، وغابت المعايير، وانحرفت البوصلة، وتاهت الأولويات.

إن القفز على منطق الوقت، وصيرورة التحول، والدخول في معارك صفرية، لن يحقق للجماعة الصحفية، أية مكاسب، ولن يضمن لها حتى حماية ما تبقى لها من مكتسبات تاريخية. وهو الأمر الذي، يفرض علينا، ضرورة تجاوز أوهام القطيعة والصدام مع الدولة، وصياغة رؤية مشتركة، تستهدف تحقيق آمال الصحفيين في واقع أفضل يوازن بين الواقع والحلم، وبين الحاضر والمستقبل.

لذلك أرى ضرورة انتخاب نقيب للصحفيين، لديه القدرة على التواصل والتفاوض مع مؤسسات الدولة، لتعظيم مكاسب الصحفيين، مع مجلس خدمي قوي بتعدد انتماءاته ورؤاه.

تابع مواقعنا