خطيب الجامع الأزهر: ضياع الأمانة ناقوس خطر ينذر بقرب قيام الساعة
ألقى خطبة الجمعة اليوم بـ الجامع الأزهر الشريف، الدكتور عبد الفتاح العواري، العميد الأسبق لكلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، وكان موضوعها عن «الأمانة».
وأكد خطيب الجامع الأزهر أنَّ نفحات الله سبحانه وعطاياه لعباده أكثر من أن يحصيها عبدٌ، فالله سبحانه وتعالى صاحب الفضل العظيم لقوله تعالى: ﴿ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾، ولكن هذه المنح والعطايا تتطلب من العبد أن يتحلى بالأمانة في أدائها والقيام بها، فكل عمل لا تُراعَى فيه أمانة أدائه يكون عملا هشا غير متقن يخلو من الإخلاص ويكون أقرب إلى النفاق.
خطيب الجامع الأزهر يدعو إلى تحري الأمانة ليعُم الخير والأمان
وأردف عميد أصول الدين الأسبق بأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم):لا إيمانَ لمن لا أمانةَ له، ولا دينَ لمن لا عهدَ له)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان)، لافتا إلى أن الحث على الأمانة بدا جليا في القرآن الكريم فقال الحق سبحانه: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ ﴾، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾، وقال أيضا: ﴿الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلَا يَنقُضُونَ الْمِيثَاقَ﴾.
وبيّن الدكتور العواري أنَّ العبادات جميعها تحتاج من المرء إلى أن يكون أمينا؛ ففي تفسير قوله سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾، يقولون إنَّ هذه الآية تجمع الأمانات كلها في تناول أحكام الشرع، فلا تقتصر على الودائع والأموال فحسب، بل تناولت العبادات أيضا، فالصلاة والزكاة والحج وغيرها من العبادات تتطلب الأمانة، فمن قصر في أداء العبادة ولم يفي بشروطها وسننها وواجباتها وفرائضها كان خائنا لله ورسوله، فقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخيانة فقال: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْجُوعِ؛ فَإِنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخِيَانَةِ؛ فَإِنَّهَا بِئْسَتِ الْبِطَانَةُ).
ودعا خطيب الجامع الأزهر المسلمين في كل مكان إلى تطبيق المنهج القرآني بتحري الأمانة في أداء كل ما يقوم به الإنسان المسلم، خاصة في هذا الشهر الكريم الذي يعد مدخلا لشهر فريضة الصيام، فعن فضل شهر شعبان قال رسولنا صلى الله عليه وسلم عندما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها: قلتُ يا رسولَ اللهِ لم أرَك تصومُ من شهرٍ من الشُّهورِ ما تصومُ شعبانَ قال: (ذاك شهرٌ يغفَلُ النَّاسُ عنه بين رجبَ ورمضانَ وهو شهرٌ تُرفعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين وأُحِبُّ أن يُرفعَ عملي وأنا صائمٌ).
ونوه خطيب الجامع الأزهر إلى أن الأمم تعيش وتعاني أزمة الأمانة؛ فإذا تحققت الأمانة في جوانب الحياة عمّ الأمن وساد الأمان في المجتمعات والأوطان، ولفتح الله -سبحانه وتعالى- علينا بركات من السماء والأرض، ولحل رغد العيش في مجتمعنا، محذرًا من مخاطر ضياع الأمانة، وأن ضياعها ناقوس خطر يُنذِر بقرب قيام الساعة، فالأمانة واجبة في كل جوانب حياة المسلم ابتداءً من المنزل في معاملة الزوجين وتربية الأولاد والمعاملة مع الجيران وحتى في المجتمع والوطن ككل.