حكم صيام شعبان كاملا.. يجوز دون كراهة في حالة واحدة

يتساءل المسلمون عن حكم صيام شعبان كاملا، حيث يحظى شهر شعبان المعظم بالكثير من الأحكام التي تثير الجدل بين الفقهاء فمنهم من يتفق عليها ومنهم من ينكرها، ومن بين هذه الأحكام صيام يوم الشك، وصيام يوم النصف من شعبان، وحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، وغيرها من أمور أخرى متعلقة بهذا الشهر المفضل عند النبي صلى الله عليه وسلم.

حكم صيام شعبان كاملا

نوضح لكم حكم صيام شعبان كاملا بالرأي الفقهي والشرعي له، ولكن بعد التنويه بالأحاديث النبوية التي تحث على الصيام، فعَنْ سَهْلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِنَّ فِي الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ، يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، يُقَالُ: أَيْنَ الصَّائِمُونَ؟ فَيَقُومُونَ لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ، فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَدٌ ".

وعن صيام شعبان تحديدا فقد جاء في الحديث النبوي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يُفْطِرُ. وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لاَ يَصُومُ، وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ.

وقد أجازت الآراء الفقهية والشرعية صيام شعبان كاملا حتى بعد دخول النصف الثاني من شعبان، وذلك لمن له عادة الصيام، كمن يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو من كان يصوم الاثنين والخميس، فضلا عن صيام القضاء والكفارات والنذر، وعَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حَدَّثَتْهُ قَالَتْ: لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثَرَ مِنْ شَعْبَانَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ.

ومن جانبها أوضحت دار الإفتاء المصرية حكم صيام شعبان كاملا، فقالت على صفحتها الرسمية أنه يجوز صيام النصف الأول من شهر شعبان بأكمله، حتى إذا انتصف الشهر فلا صوم في تلك الفترة حتى يستريح الشخص استعدادًا لرمضان، مضيفة أن الصوم بعد نصف شعبان يجوز في حالات معينة ومنها: "العادة، مثل صيام يومي الاثنين والخميس والقضاء والكفارات والنذر"

كما كتبت دار الإفتاء على صفحتها الرسمية بموقع فيس بوك "يَجدُرُ بالمسلم في شعبان أن يحاسب نفسه على ما قدَّم طوال العام، فإن كان خيرًا شكر الله تعالى، وإن وجد تقصيرًا ومعصية نظر إلى أعماله واستغفر ربه وتاب، حتى يدخل رمضان وقلبه مضيء وفيه كل المعاني الروحية الطيبة".

حكم صيام يوم الشك

يوم الشك هو اليوم التاسع والعشرين من شهر شعبان، وهو يوم رؤية هلال شهر رمضان، واختلف الحكم بين الفقهاء في صيامه، فمنهم من حرمه ومنهم من أجازه استشهادا بحديث النبي المذكور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقدموا رمضان بصوم يوم أو يومين، إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه".

صيام الأول من شعبان

يستحب صيام الأول من شعبان، ولا توجد كراهة أو اختلاف بين الفقهاء في صيامه، بل هو من فعل النبي صلى الله عليه وسلم فكان يرغب في صيام شعبان وتعمير أوقات الغفلة فيه بالطاعات، وحين سئل عن سبب ذلك قال عليه الصلاة والسلام "ذاك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم".

ويسن للمسلم صيام الأول من شعبان حيث النصف الأول منه من يوم غرته إلى اليوم الخامس عشر، سواء كان صياما متصلا أو صياما منفصلا أو صيام يوم وإفطار يوم كصيام سيدنا داود، أو حتى صيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، مع الحرص على صيام الأيام البيض التي تعد ضمن صيام النصف الأول من شعبان، ويمكنكم الاطلاع على تواريخ صيام شعبان من هنــــــــــا.

فضل صيام شهر شعبان

بعد أو أوضحنا لكم حكم صيام شعبان كاملا سنقدم لكم الآن فضل صيام ذلك الشهر المحبب عند النبي صلى الله عليه وسلم كالتالي:

سُنة عن النبي 

صيام شهر شعبان هو سنة مستحبة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وبالتالي يتحقق الفضل في إتباع الهدي النبوي والحصول على أجر صيام التطوع، وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه “إذا انتصف شعبان فلا تصوموا حتى رمضان” فقد اختلف العلماء في تصحيحه، وعلى القول بتصحيحه، فيحمل على من لم يصم في النصف الأول من شعبان، أما من صام فلا كراهة في حقه، لأن الثابت عن النبي إنه كان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشهور.

شهر ترفع فيه الأعمال

أوضح النبي صلى الله عليه وسلم سبب كثرة صيامه لشهر شعبان حين سأله أسامة بن زيد رضي الله عن ذلك فقال فيما روى الترمذي والنسائي عن أسامة قَال: قُلتُ: يا رسول الله، لمْ أرَكَ تصوم شهْرًا من الشهور ما تصوم مِنْ شعْبان، قال: "ذلك شهْرٌ يغْفُل الناس عنْه بيْن رجب ورمضان، وهو شهْرٌ تُرْفَع فيه الأعْمال إلى ربِّ العالمين، فأحبّ أنْ يرْفعَ عملي وأنا صائمٌ".

عرض القلوب 

اختص الله عز وجل شهر شعبان بأنه شهر تعرض فيه قلوب العباد على ربها في ليلة النصف من شعبان، فيتفضل الله كل قلب كل موحد طاهر من الشرك وعلى قلب كل نقي خالي من البغضاء والشحناء، فقد روى الإمام الطبراني وابن حبان وغيرهما عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [يطَّلِعُ اللهُ إلى خَلقِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ فيغفِرُ لجميعِ خَلْقِه إلَّا لِمُشركٍ أو مُشاحِنٍ].

نختم لكم حكم صيام شعبان كاملا بأنه لا حرج في ذلك لمن له عادة الصيام ولا كراهة أيضا في ذلك لمن صام النصف الأول من شعبان فله أن يكمل النصف الثاني، وما ورد من النهي عن الصوم بعد منتصف شعبان ففيه مقال، ومعارض بأحاديث صحيحة دالة على خلافه.