أرشفجي الآلام سمير صبري
إسفنجة استخرجت من قاع بحر؛ ؛ حياتها ومماتها بالماء؛ مرت بجانبها العديد والعديد من مخلوقات لطيفة... وديعة.. وشرسة.. والرمال ملجأها بالاختباء.
هكذا كان صبري بين أقرانه؛ كالإسفنجة؛ إنه (الأرشفجي) الذي وهب حياته للعطاء، ووهبه الله ملكة خاصة كي يكون صندوقا محكم الإغلاق، لأقرانه، وذويه، فمن منا لا يتذكره في (بدون كلام) وهو من رواد الفكرة الرمضانية، يجمع الأحبة والخلان.. على الجانبين ويقف شامخا على المنصة قاضيا ملوحا بيديه.. لتلك وذاك، جامعا حول الشاشة الصغيرة الأسرة الكبيرة.
فما بين محب ومؤيد لفريق ومابين منافسة شرسة بين الجميع، يلهث كل من يريد الوصول لنقطة أو جائزة في نهاية المطاف، حتى أصبحت في أوقات السمر، بين الأصدقاء لعبة أساسية في كل منزل، على شواطئ البحر، في الرحلات المدرسية وماشابه.
بدون كلام التي تحولت إلى منهج حياة لدي الكثيرين، أصبح الصمت حلا.. لكثير من مشكلاتنا اليومية، أصبح الصمت هو الحل، لكل متألم، يصرخ باهآت دفينة.
أرشفجي الآلام وحيدا صامتا، في كثير من الأحيان، يستمع ويلملم الجراح، ويفقد الأحبة والأعزاء، وسائرا في درب من دروب كشف الخفايا.
الإسفنجة السكندرية، الذي عانى ولم يبال، واتهم ولم يأبه بما يُقال.
سمير صبري رجل المواقف الصعبة، والابن البار لكل من ارتبط به، من محبين، وعشاق، ومريدين.
ولكن الأمر لم يكن بتلك السهولة المستساغة في بضع كلمات، فالطريق الى منتهاه ومثواه شابه العديد من الصعاب والأزمات، شأنه شأن غيره من الرموز المصرية الخالدة.
فالبداية مع حليم.. والنهاية مع من أحب حليم.. سعاد حسني..
قضايا شغلت فكره.. ومابين البداية والنهاية.. رحلة طويلة.
المولد بالإسكندرية.. حيث عاصمة الجمال.. مخرجة المبدعين على مر الزمان.. نشأ بها وترعرع..
والنهاية بالقاهرة.. قاطبة النجوم من شتى بقاع الأرض.
فمع حليم رمز العذوبة والمحبة والنضال الوطني، والذى تربع على عرش ومملكة خاصة، لم يكن ليدخل أحد فيها سوى أتباعه وعشاقه ومحبيه، حتى أن هذا الأمر جعل منه ديكتاتورا في نظر البعض، ومن منا لم يسمع عن خلافاته الكثيرة.. حتى مع أساتذته وزملائه وآخرين.. ولكن هذا شأن صراع الأجيال دائما.
المهم أن حليم وجد ضالته أخيرا، وجدها في ذلك الفتي الوسيم.. والجار الجديد.. المولع بالفن منذ نعومة أظافره.. فقد يصبح يوما ما وسيطا له.. حافظا للسر.. مدافعا عنه، جالبا له النفع بعد مد يد العون إليه.
وقد كان فأصبح سمير صبري، كما أراد حليم، وظل الرجل وفيا له، ذاكرا لفضله في كل المناسبات، حتى أن المرويات عن حليم، أصبحت لها مصادر عدة، أوثقها (سمير)
وعلى نهج حليم سار على الدرب كثيرون، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر.
وآخر تلك القضايا كانت السندريلا، ربما كانت همه الأخير، والكشف عن حقيقة ماجرى لها.. فهل قتلت؟ هل انتحرت؟ هل أغتيلت بأيادي خارجية وداخلية؟!!.
الأمر لم يكن هينا بكل تأكيد، فأنت هنا في عدة جبهات، وتخترق حواجز صعبة، وأباطرة لا تمتلك في قلوبها خشية، سوى البقاء، تدهس الجميع ولا تبالي، إن مست أسماءهم بسوء.
وجد الرجل نفسه محاطا بدعم زملائه، ومابين ضمير حى يملكه، خرج ثائرا غير مبال، كفارس من فرسان الإمبراطورية اليونانية القديمة، حيث نشأ.
ولكن التيه ظل يحير الكثيرين، وأصبح سمير صبري مابين شاهد عيان ومحقق ومدقق ورحالة كمستكشف للحقائق ليس إلا، حتى أنه أصبح بذلك التيه لغزا محيرا حتى الآن!!
فدارت من حوله أقوال وأقوال، إلا أن الحقيقة المؤكدة، أنه محبوب الجميع.. إلا من آبى وتكبر.