أسباب وتداعيات إفلاس بنك سيليكون فالي الأمريكي | تحليل
أدى انتشار خبر إفلاس بنك سيليكون فالي الأمريكي Silicon valley bank إلى حالة من القلق في المجتمع الأمريكي وكذلك على المستوى العالمي أعادت إلى الأذهان الأزمة الاقتصادية العالمية التي حدثت في 2008 والتي بدأت بإعلان بنك ليمون برازرز عن إفلاسه وتبعه في ذلك عدة بنوك ومؤسسات مالية أخرى.
إفلاس بنك سيليكون فالي
وبسؤال الخبير الاقتصادي الدكتور هاني جنينة عن واقعة إفلاس بنك سيليكون فالي وتداعيات هذا الأمر أجاب:
يعتبر سيليكون فالي بنك شركة تابعة لشركة قابضة تعرف باسم سيليكون فالي فاينانشال، وطبقا لبيانات البنك الفيدرالي الأمريكي (المركزي الأمريكي) لعام 2022 يحتل سيليكون فالي المركز الـ16 من حيث حجم الأصول في قائمة البنوك الأمريكية المؤمن على أموال مودعيها بقيمة 250 ألف دولار أمريكي للمودع والتي تزيد في مجملها عن 300 مليون دولار، وتبلغ قيمة الأصول المملوكة للبنك نحو 210 مليار دولار، ويصنف طبقا لذلك بأنه بنك متوسط الحجم.
ويعتبر إفلاس البنك نتيجة أزمة سيولة نقدية في محفظة القروض، وليس كما أشيع أنها خسائر غير متوقعة، والسبب في أزمة السيولة هو أن أصول البنك البالغة 210 مليارات دولار طبقا للقوائم المالية للبنك يوجد منها 113 مليار دولار فقط في صورة أصول موزونة بالمخاطر، أي أن نصف أصول البنك تقريبا في صورة نقدية، استثمارات في أدوات دين حكومية.
أدى هذا الهيكل الاستثماري المتحفظ إلى ارتفاع كفاية رأس المال إلى 16% في أواخر عام 2022 مقابل الحد الأدنى المطلوب وهو 10.5%، وكذلك ارتفاع نسبة الرافعة المالية إلى 8% مقارنة بحد أدنى مطلوب يساوي 4%.
إذن ما هو السبب في انهيار البنك طالما أنه يتبع سياسة متحفظة وغني بالأصول؟
أجاب الدكتور هاني جنينة بأن سبب ذلك هو عاملان:
الأول هو تركز الأصول في سندات حكومية طويلة الأجل (أعلى من 30 سنة) مما عرّض البنك لما يعرف باسم مخاطر سعر الفائدة.
نتج عن ذلك انخفاض قيمة محفظة السندات نتيجة لرفع سعر الفائدة المتتابع خلال عام 2022 من الفيدرالي الأمريكي،
مما اضطر البنك لبيع جزء من هذه السندات بخسارة، حتى يستطيع تمويل تخارج بعض المودعين، مما أثار مخاوف باقي المودعين من وجود أزمة سيولة، خصوصًا بعدما أعلن البنك نيته عن زيادة رأس المال عن طريق طرح أسهم للتداول.
العامل الثاني هو تركز جزء كبير من الودائع في صورة ودائع تحت الطلب لصالح شركات التكنولوجيا الناشئة والتي كانت في أمس الحاجة لسيولة نقدية لتمويل مشروعاتها، وصعوبة الحصول على تمويل من مصادر أخرى في ظل سياسة نقدية متشددة، لذلك تم سحب جزء كبير من هذه الودائع خلال العام مما أدى إلى نقص حاد في السيولة النقدية للبنك، وتحولت الأزمة إلى أزمة ملاءة مالية.
يتوقع الخبير الاقتصادي هاني جنينة تدخل الفيدرالي الأمريكي لإعادة فتح بنك سيليكون فالي مرة أخرى، والإعلان عن كيفية تعويض المودعين.
التداعيات المبدئية لإفلاس سيليكون فالي بنك من وجهة نظر الدكتور هاني جنينة
1- لا يتوقع معظم الاقتصاديين الأمريكيين تحول الأزمة لما يشبه أزمة 2008 نظرًا لأن سيليكون فالي بنك متوسط الحجم، ولأن البنوك الأربعة الكبرى لديها ملاءة مالية أعلى كثيرا مما سبق في 2008.
2- بناءً على الارتفاع في أسعار أذون وسندات الخزانة الأمريكية خلال جلسة الجمعة الماضية؛ قد تكون جرس إنذار مبكر للفيدرالي الأمريكي ليبطئ من وتيرة تشديد السياسة النقدية، وقد يخفض الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة أقرب مما هو متوقع.
وستعمل البنوك الأمريكية الكبرى على إبطاء وتيرة الأقراص نسبيًا خلال الأشهر المقبلة، لدعم كفاية رأس المال الذي يعتبر في حد ذاته تشديدًا في الأوضاع النقدية يُغني الفيدرالى الأمريكي عن تشديد السياسة النقدية حتى نهاية العام.
3- قد تتأثر الأسواق الناشئة في حال أسرعت الحكومة الأمريكية لاحتواء الموقف واتخاذ إجراءات إصلاح نقدي من خلال تخفيض سعر الفائدة، مما قد يؤدي بدوره لإعادة التوازن ولو جزئيًا في الاقتصادات الناشئة.
وتخفيض سعر الفائدة سيؤدي بدوره لانخفاض سعر الدولار عالميًا، وبالتالي توفر عملة صعبة للاقتصاديات الناشئة.