عصابات الجلسات العرفية وخراب الذمم مهازل تحدث وحقوق تضيع
يرتدي جلبابًا ذات أكمام واسعة وقيطانًا عريضًا ويحفظ كلمات ويتفوه بعبارات فارغة تُقال فقط لزوم القعدة ويتباهى بأنه عريض القفا قلنسوته كبيرة يبحث عن الشهرة ويعوض نقصه فيُصدر أحكامًا قاسية تفتقر إلى أبسط قواعد الشرع أو العُرف الحقيقة أنهم أجادوا فن التلاعب بالكلام ليطمسوا حقائق وينصروا باطلًا.
وسواء اتفق الناس أو اختلفوا فمنذ قديم الأزل وللحق رجال عُرفوا به وعُرف الحق بهم كانوا مصابيح تضيء الظلمة فتدحض الباطل مذمومًا وترفع الحق أبلجًا واضحًا وضوح الشمس، فهكذا الرجال مبدأهم: يدافعون عن الحق ولو رفع عليهم أعداءهم، ويعادون الباطل ولو كان في عداوته خفضًا لمقاماتهم.
إن فساد الجلسات العرفية يُنبئ بأننا في آخر محطات الحياة ونقترب من قيام الساعة فعندما تجد فاجرًا استحل حرمات وأعراض الناس وسليطًا بحجة كونه جريئا وآخر فاسقًا يخشاه الناس تجنبًا لشروره وكسرًا لسمومه يُطلقون على أنفسهم "قضاة العرف" ويحتلون منصة الحكم والقضاء بين الناس بأفواه معوجة وعبارات ملتوية وسط تصفيق حاد من بني جلدتهم فاعلم أن على الدنيا السلام.
والعجب العُجاب بل والطامة الكبرى أن تجد إهدارًا للحقوق “عيني عينك” لمن يسمي نفسه بالقاضي العُرفي من أعوانه ومَنْ على شاكلته وكأنه فتح "عكا" بحكمه ظُلمًا وجورًا.
وأقول: تندثر مهابة الرجال عندما يعتلي التافهون منصة الحكم فترى لصًا يحكم في استرداد أموال منهوبة، وترى مرتشيًا يجمع أموالًا تحت بند المصلحة العامة وترى متأسلمًا يتحدث في مسائل شرعية وأمور فقهية ومتشابهات يتأنى العلماء المتخصصون في الإجابة عن مثلها. فلا تذهبوا إلى مثلهم، واتركوهم في بؤسهم وغيهم وفسادهم ليوم تشخص فيه الأبصار وتنكشف به الأسرار.
والدين الإسلامي قد أرسى مبدأ العدل ودعمه وأكد على المساواة بين العباد في حقوقهم كما في واجباتهم وكان مناط ذلك قوله تعالى "وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل" فلنمتثل إلى كتاب ربنا وندع هؤلاء يعتقدون أنهم رجال يتصدون للحكم بأحكام سقيمة ومصطنعة مُبدلين ومحرفين للكلم عن مواضعه.
رحم الله رجالًا باقون وعالقون في أذهاننا حفروا أسماءهم بمواقفهم في وجداننا.
