الجمعة 08 نوفمبر 2024
More forecasts: Wetter 4 wochen
رئيس التحرير
محمود المملوك
أخبار
حوادث
رياضة
فن
سياسة
اقتصاد
محافظات

يوم أن جعلتني كِندة أمًّا

الثلاثاء 21/مارس/2023 - 01:54 م

في مثل هذا اليوم من العام قبل الماضي، جاءت صغيرتي الحبيبة كِندة تحتضنني وتُبلغني معرفتها أن اليوم عيدًا للأم، وبهذه المناسبة قررت شراء هدية لي «شراب»، حينها كانت قد بلغت عامها الثالث، واختيار هديتها جعلني سعيدة لمعرفتي الجيدة حبها للجوارب واختيارها بعناية، ففرحت أن أول هدية لي منها كانت ما تحبه لنفسها.

في هذا اليوم تحديدًا شعرت أنني أم رغم معايشتي لجميع التفاصيل والمشاعر والفرحة والمتاعب من اليوم الأول لوجود كندة في هذا الكون، وزاد الشعور بوجود صغيرتنا تاليا، إلا أن هذا اليوم كان لحظة فارقة، فالصغيرة بدأت تكبر، وزاد إدراكها بالأعياد والأمور، شخصيتها بدأت تتكون، وكلامي معها لا يمر عابرًا بل يترك بصمة، وأفعالي الصغيرة والكبيرة قاموس تكتسب منه طباعها، وحينها أدركت أنني أصبحت أمًا.

الأمومة ليست علاقة بيولوجية وحسب، هي حياة كاملة صنعتها هذه الصغيرة وأختها، حياة بها معارك نفسية لم أكن يومًا أتخيل خوضها، وتفاصيل جميلة كم تمنيت وجودها، حياة أصبحت خالية من لحظات العزلة والتفرد بالذات وأصبحت وظيفتي بدوام كامل دون انقطاع أو إجازات، وكائنات صغيرة أعادت ترتيب الأولويات والخطط والنجاحات، ومتاعب أتعجب من قدرتي على استيعابها بكامل رضاي دون الشعور أنني مجبرة عليها.

اليوم الواحد نمرّ فيه بمئات المواقف التي تعتبر جزءًا من حياتنا اليومية لكني أعرف أنها حاضرهما الذي يُشكل مستقبلهما، ولعل هذا ما يثير دومًا ربكتي، أفلح مرة في ما عليّ فعله، وأخطئ مرات، وأظل هكذا أتأرجح بين مشاعر الرضا وجلد الذات، وأطيب خاطري بأنني يوم بعد يوم أكتسب منهما أبجديات الأمومة، وأفرح بالتفافهما نحوي وكأن لا أحد في كونهما سواي.

الدقائق الأولى عند النوم هي لحظة العتاب على الدوام، هل قصرت معهما؟، هل أتقنت؟، هل غضبي كان مبررًا، أم كانت انفعالاتي يمكن ترويضها؟ هل ترك غضبي بصمة سلبية يبقى أثرها على المدى، والسؤال الذي يلازم أيامي، هل أنا أم ستحبها ابنتيها؟

أمي وأبي نموذج لـ أعز الوِلد ولد الوِلد، فأمي التي كانت حاسمة الطباع لي ولإخوتي لا تقبل على ابنتاي كلمة لوم، توبخني إن وجهتهما بشدة، وتحُثني مرارا وتكرارا على التزام الهدوء في التعامل معهما، وكثيرا ما أقف على أعتاب كلماتها فأعاود سؤال نفسي؛ هل أنا أم ستحبها ابنتيها؟

منذ أن أصبحت أمًا، أشعر يوم بعد يوم أنني أمام الرياح، في مهمة عمل بدوام كامل دون انقطاع، لكني أيضا أعرف أنهما الأرض الصلبة التي أقف عليها، والحضن الدافئ من إرهاق الحياة والأمان من خذلان المواقف والأيام، هما بصمة وجودي في هذا العالم، والنبتة التي أرويها وانتظر طيب ثمارها، لكني أقف دائما أمام سؤالي «هل أنا أم ستحبها ابنتيها؟».

تابع مواقعنا